رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خميس الجارحى: الهاربون خارج مصر من مؤيدى «الإرهابية» مشردون (حوار)

جريدة الدستور

كنت تلميذًا لوجدى غنيم.. وعوار المنهج أبعدنى عن الجماعة وخيرت الشاطر قضى على التنظيم


ذكر خميس الجارحى، الذى كان خطيبًا باسم جماعة الإخوان فى مساجد الإسكندرية، أن بداية ابتعاده عن الجماعة كانت عندما سمع داعية إخوانيًا يقول إن الربانية غير موجودة إلا فى منهج الجماعة، ورأى من يساوون بين الدين والتنظيم.
وأضاف «الجارحى»، لـ«الدستور»، أن عناصر التنظيم كانوا يستغلون المحبين فى الترويج لمرشحيهم فى البرلمان والنقابات، مشددًا على أنه لا مستقبل للجماعة فى مصر، لأن خصومتهم أصبحت مع الشعب.

■ كيف بدأت علاقتك بجماعة الإخوان الإرهابية؟
- كانت مدرستى الابتدائية قريبة من أحد المساجد التابعة للجماعة الإرهابية بمنطقة العصافرة بحرى بالإسكندرية، ولفتت نظرى حينها صور معلقة تُظهر مذابح الروس فى أفغانستان، فقد كان ذلك يتزامن مع مرحلة تجنيد الشباب للجهاد فى الأراضى الأفغانية.
وخلال المرحلتين الإعدادية والثانوية بدأت فى حضور دروس للهارب وجدى غنيم، كان يلقيها فى مساجد تابعة للجماعة، وحينها تعرفت على الكثير من العناصر المتطرفة التى كانت مهمتها تجنيد شباب جدد وإقناعهم بأفكار التنظيم.
ثم بدأت فى حضور لقاء الشباب الذى كان يقام بمسجد النور، حينها كانوا يتحدثون عن الصحابة، ثم بدأت فقرة الإنشاد الدينى، ثم بدأ تنظيم الدورات الرياضية التى تجذب الشباب.
بعد ذلك تم تكليفى بأن أكون مسئولًا عن بعض الأشبال فى مسجد قريب من سكنى، ثم تعلمت الخطابة وأتقنتها، حتى أصبحت ألقى الخطب فى مساجد الحى ومن بينها مساجد الإخوان.
طُلب منى فى المرحلة التالية أن أنضم إلى أسرة من أسر الجماعة، وهى الخطوة التى تسبق البيعة، وكان من شروط حضور اجتماعات الأسرة، الالتزام بسرية المواعيد والتعليمات، وهذا أول ما أشعرنى بالقلق، لأننى أكره السرية.
انشغلت بعد ذلك بممارسة كرة القدم والعمل بالتدريس، ولم أنضم بشكل رسمى للتنظيم كعضو عامل، بل كنت فى درجة «محب»، وحينما طلبت منى كوادر الجماعة الانضمام رسميًا بعد أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ رفضت بشدة، ومع مرور الوقت ظهرت حقيقة الجماعة وأعلنت انشقاقى عنها فكريًا.
■ ما المواقف التى دفعتك للانشقاق فكريًا عن الجماعة؟
- بدأت الحقيقة فى الظهور بعد أحداث ٢٥ يناير كما ذكرت، والصدمة الأولى كانت خلال مشاركتى فى محاضرة ألقاها أحد قيادات الإخوان عن «الأمور الربانية»، حينها سأل أحد الحاضرين المسئول الإخوانى: «هل الربانية غير موجودة إلا فى منهج الجماعة؟».. وكانت الإجابة بـ«نعم»، وكأن الدين الإسلامى تم اختزاله فى هذا التنظيم.
الموقف الثانى كان عندما قررت الجماعة تقديم مرشح لرئاسة الجمهورية، رغم أنها وعدت بألا تفعل ذلك، وبالطبع لم تقنعنى مبرراتها عن كفارات اليمين، لأن الاتفاقيات السياسية عهود وليست قسمًا.
ثم ظهرت سلسلة من الأكاذيب خلال الحملة الدعائية للمعزول محمد مرسى، تتضمن تبريرات لسياسته الفاشلة، ثم سمعت صبحى صالح يدعو الله على سرير المرض قائلًا: «اللهم أمتنى على الإخوان»، وعلمت بعد ذلك أن جميع أعضاء الجماعة يقولون هذه الدعوة، فأدركت أنهم يعتبرون تنظيمهم دينًا ويساوون بين فهم الإرهابى الأكبر حسن البنا والوحى الإلهى.
هنا بدأت رحلة المراجعة الفكرية، التى اقتنعت فى نهايتها بأن الحزبية لا علاقة لها بالإسلام، وأن هذه الجماعات مثل الخوارج.
■ هل يقلقك احتمال أن يفكر قادة الجماعة فى الانتقام منك؟
- لا.. لا يجرؤ أحد منهم على أن يواجهنى، لأننى أتحدث عن أفكار الجماعة وليس شخوصها، هم يكتفون حاليًا بمقاطعتى واتهامى بأننى أعمل مع الأمن مثلما اتهموا جميع من خالفوهم الرأى، كما اتهمونى بأننى أنتقم منهم، لأنى سعيت لمناصب ولم أستطع الوصول إليها، وعادة ما يستخدمون تلك الاتهامات فى إيهام المؤمنين بفكر الجماعة.. والحقيقة أنهم يعلمون أن تلك الاتهامات باطلة.
■ ما الفرق بين «المحب» والعضو العامل فى التنظيم؟
- يستخدم قيادات الجماعة المحبين لتحقيق مصالح التنظيم، فقد استغلوا مثلًا موهبتى فى الخطابة لكى يقربوا الناس منهم، ويستفيدوا من سيرتى الحسنة بين الناس، لذا ادّعوا أكثر من مرة أننى عضو عامل بخلاف الحقيقة.
كما طُلب منى مثلًا المساعدة فى الترويج لمرشحى الإخوان فى البرلمان والنقابات، وأنا أرى أن الجماعة تستفيد من المحبين أكثر من الأعضاء العاملين.
والفرق الأبرز بين المحب والعضو العامل، هو أن المحب لا يصل إلى قسم البيعة وليس لأحد أن يكلفه بشىء لا يريد فعله، ولا يقولون له أمورًا تنظيمية، ولذلك عادة ما يشعر المحب بالغربة عندما يجلس بين الأعضاء العاملين، خاصة عندما يهمس أحدهم فى أذن الآخر بأمور تنظيمية كى لا يسمع المحب، أما العضو العامل فيلتزم بالسمع والطاعة، لأنه أقسم على ذلك.
■ كيف تفرق الجماعة فى التعامل بين المحب والعضو العامل؟
- الجماعة تهتم بأعضائها فقط، حسب الدرجة التنظيمية، وتترك المحبين أو المؤيدين يواجهون مصيرهم، لذا فإن جميع الهاربين خارج مصر من مؤيدى الإخوان تشردوا وناموا على الأرصفة.
■ هل للإخوان مستقبل فى مصر؟
- أرى أن الجماعة انتهت فى مصر، لأن خصومة التنظيم أصبحت مع الشعب المصرى كله، فلا يزال رجال القوات المسلحة والشرطة يستشهدون فى سبيل الدفاع عن أمن مصر بسبب جرائم الجماعة، ولن ينسى الشعب أن الأحوال لم تكن آمنة فى عهد الإخوان، ولن ينسوا الشامتين فى مصائب مصر، وأرى أن للمواجهات الفكرية دورًا كبيرًا فى مواجهة التنظيم.
■ ما سبب انهيار الجماعة من وجهة نظرك؟
- أرى أن الطمع الذى أصاب الإخوان بعد ثورة يناير، هو السبب فى انهيارهم، فقد وجد أعضاء الجماعة أنفسهم على مقربة من السيطرة على الحكم فى مصر، فاستعانوا بمشروع غربى هو «الفوضى الخلاقة» لتحقيق أهدافهم، وتعاونوا مع أمريكا وتركيا وقطر لتنفيذ هذا المشروع تحت مسمى «الربيع العربى».
أما عن الشخص المسئول عن حدوث الانهيار فهو خيرت الشاطر. فقد قاد الجماعة إلى حتفها عندما أعاد تصويت مجلس الشورى أكثر من مرة ليقدم التنظيم مرشحًا للرئاسة.
■ هل تريد توجيه رسالة لأعضاء الجماعة الحاليين؟
- نعم.. أقول لهم إننى أعلم أن حبهم لدينهم هو ما دفعهم للانضمام إلى هذا التنظيم أو أن يكونوا محبين، وإنهم لا يعرفون حقيقة فكر الجماعة، وعليهم قراءة سنة النبى وخاصة الأحاديث التى تعمدت الجماعة حذفها من أدبياتها، وهى أحاديث تنهى عن الحزبية وتنظم العلاقة بين المحكومين والحاكم المسلم، ليعلموا أن النبى نهى عن العصبية، وقال عنها: «دعوها فإنها منتنة».
وأقول لهم: «اعلموا أننا جميعًا سنحاسب أمام الله، ولن ينفعنا إلا انتماؤنا للإسلام والالتزام بكتاب الله وسنة رسوله، واعلموا أن دعوة الإخوان ليست دعوة الإسلام كما تتوهمون بل هى تخالف الإسلام فى كثير من الأمور.. اقرأوا لعلماء السنة وتعلموا ثم اعملوا».