رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"معاناة الجسد".. أصحاء يغتصبون معاقات ذهنيًا ويتزوجونهم لإسقاط العقوبة

جريدة الدستور

20 مايو العام 2019، كانت "إ.ش" 8 أعوام، تعاني من إعاقة ذهنية، في طريقها إلى منزل جدها القريب،
فقابلت رجلًا غريبًا عنها لم تعرفه أو تشاهده من قبل، عرض عليها أن تأتي إلى منزله ويعطيها حلوى وطعام وشراب، فوافقت وذهبت معه، لم تدر وقتها أن نهايتها كانت في ذلك المنزل.

وبعدما وصلت إلى منزله، أجبرها على معاشرته، ولبّى رغبته الوحشية في اغتصابها، مستغلًا حالتها الصحية التي تمنعها من إيقافه عن جريمته أو التصدي لما يفعله بها، وبعد شهر تواصل الأربعيني مع أسرة الطفلة لمقايضتها، إلا أن خطته لم تنجح، لأن والد الطفلة تقدم ببلاغ ضده بقسم الطالبية، وعلى الفور استجاب رجال الداخلية وتمكنوا من الوصول إلى مكانه والقبض عليه.

ليست الفتاه المعاقة ذهنيًا الأولى التي تستغل من قبل مجرمون في اغتصابهم ومقايضة ذويهم، فالواقعة السابقة لن نبالغ إذا قلنا أنها تتكرر كل يوم، ذلك ما رصدته "الدستور" في التقرير التالي من خلال وقائع خاصة لفتيات تعرضن لذلك، في ظل ضعف العقوبة القانونية.

لا تختلف العقوبة إذا كانت الفتاه معاقة ذهنيًا أم لا، فينص قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 بأنه من واقع أنثى بغير رضاها يُعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد، ويُعاقب الفاعل بالإعدام إذا كانت المجني عليها لم يبلغ سنها ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة.

إلا أن المفاجأة أن الجاني إذا طلب الزواج من المجني عليها بعد القبض عليه وتم تزويجها له، تسقط عنه العقوبة بعد موافقة أهل الفتاة على عرضه، بالمخالفة لقانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008، وتم تحرير عقد الزواج في الشهر العقاري لحين إتمامها السن القانوني، رغم أن الجاني له سابقة مخدرات وضرب، بعدما تم تحرير محضر ضده رقم 11179 لسنة 2019 جنح الطالبية.

كارثة مشابهة وقعت في 26 يونيو الجاري بمنطقة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، حيث وقعت "إ.ع"، صاحبة الـ16 عامًا، فريسة تحت فكي جارهم الذي لم يكمل الـ22 من عمره، حيث استدرجها إلى شقته مستغلًا حالتها الصحية التي تحول دون منعه عنها، وتعدى عليها جنسيًا بعدما رفضت أسرتها زواجها منه، لأنه عاطل وله 7 سوابق جنائية وكان يريد استغلال الفتاة لخدمة والدته.

وتعرّف الجاني عليها من خلال سكنه معها في نفس المنطقة، وأغواها بأنه يحبها ومستعد لتغيير حياته من أجلها، وعندما رفضته أسرتها أراد الانتقام من خلال ارتكاب جريمته، وفي التحقيقات علّق على الأمر قائلًا: "ساعة شيطان"، وتحرر ضده المحضر رقم 12488 جنح قسم أول شبرا الخيمة لسنة 2019، وانتهى بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات.

وبالرغم من إلغاء القانون الجنائي المصري المواد 290-291، المتعلقة بإعفاء المغتصب من العقوبة إذا تزوج المجنى عليها، إلا أنه تحت مسمى «ستر الفضيحة»، لا يزال الأهالي يضعونه حلًا لصيانة عرض الفتاة التي اُغتصبت.

المحامي طارق العوضي، يقول أن الزواج لا يعفي من العقوبة، وإن كان في الواقع العملي محل اعتبار لدى المحكمة خاصة إذا صحبه تنازل وتصالح، حيث من الممكن أن تحكم المحكمة بسنة مع إيقاف التنفيذ، وحتى في حالة تنازل الأسرة فهناك عقوبة، وتملك المحكمة عدم الأخذ بالتنازل وتوقيع أقصى عقوبة، لكن في الواقع العملي غالبًا يكون الحكم سنة مع الإيقاف، ولو القضية في مرحلة التحقيق يمكن للنيابة أن تحفظ القضية.

وعن الجانب النفسي لمرتكبي هذه الجرائم، توضح الدكتورة منال زكريا، أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة، أن سبب تلك الجرائم هو انتشار المواد المخدرة بين الشباب خاصة في فترة المراهقة، مشيرة إلى أن الانفتاح على العالم من خلال الإنترنت أيضًا له يد ودور في ذلك، محذرة الأمهات خاصة أمهات ذوي الاحتياجات الخاصة من مراعاتهم واتخاذ الاحتياطات اللازمة لهم، خاصة أن منهم من يكون غير قادر على رواية ما حدث له من وقائع مؤلمة كالاغتصاب.