"هجوم غامض".. نكشف سر انتشار الفئران في محافظة المنوفية
استيقظت "هناء فهمي" 42 عامًا ربة منزل، على صراخ طفلها "أحمد" 7 سنوات وبكائه الشديد، فوجدت الدماء تنزف من أحد أصابعه، فنقلته إلى أحد مستشفيات قرية أشمون التي تقطن بها وتتبع محافظة المنوفية، وأخبرها الطبيب بأن هناك فأرا قام بقضم إصبع الطفل، ولولا نقله سريعًا إلى المستشفى لتضاعفت حالته.
"أحمد" هو واحد ضمن ضحايا الفئران في محافظة المنوفية، الذين وصل عددهم إلى 759 ضحية حسب بيان صدر عن إدارة الطب الوقائي بمديرية الشئون الصحية عن عقر الفئران بشكل مفاجئ لأهالي القرية. "الدستور" تواصلت مع بعض أهالي ضحايا عقر الفئران بالمحافظة لمعرفة القصة كاملة.
بعد عناء يوم عمل طويل، استلقى "أحمد سمير" 23 عامًا، مزارع من أهالي قرية الباجور بمحافظة المنوفية، في أرضه ليستريح قليلًا، استيقظ مفزوعًا على ألم في قدمه، وفأر يهرب بعيدًا بعدما أصابه بجرح عميق.
لم يهتم الرجل وقام بربط قدمه فقط، حتى فوجئ بارتفاع درجات حرارة جسده، وتقيؤه ما اضطره إلى الانتقال إلى أقرب مستشفى، وهناك أعطاه الطبيب حقنه خافضة للحرارة وأخرى لوقف القىء، ثم تناول حقنة تيتانوس كما وصف له الطبيب كذلك 3 حقن أخرى كمضاد حيوي.
يقول إن الفأر لم يكن في حجمه الطبيعي بل مضاعف عن العادي، وهناك أخبره الأطباء أن عضة ذلك الفأر الجبلي تشبه عقر الكلاب، فلا بد من الذهاب إلى المستشفى في الحال، وتناول المصل اللازم، حتى لا يتضاعف الأمر.
"عضني الفار وأنا في الغيط وحسيت إني بموت ".. تقولها "سلوى" 32 عامًا، موضحة أنها كانت تساعد زوجها في الغيط، وفجأة تعرضت لعقر الفأر، ثم لم تجد أمامها سوى الصراخ الذي سمعه كثير من أهالي القرية حتى سارعوا إليها، مفزوعين ونقلوها إلى وحدة القرية الصحية.
توضح السيدة أنها ليست الحالة الوحيدة في القرية، فهناك أخريات تعرضن لعقر الفئران، مشيرة إلى أن جميع أهالي القرية أصابهم الرعب على أبنائهم وذويهم من هجوم الفئران، خاصة أن القرية شهدت وفاة أحد الأشخاص الذين عقرهم الفأر وتجاهل الذهاب إلى المستشفى، وتناول الأمصال المحددة في العلاج حتى تعرض بعدها بيومين إلى مضاعفات أدت إلى وفاته.
لم تقتصر حالات العقر بمحافظة المنوفية، على مركز واحد، بل انتشرت لتشمل كل مراكز المحافظة، وذلك في الفترة بين شهري يناير وأبريل من العام الحالي، وفند تقرير إدارة الطب الوقائي، أعلى الشهور تسجيلًا لحالات الإصابة، حيث سجل شهر فبراير 212 حالة، تلاه أبريل 194 حالة، ثم مارس 180 حالة، وأخيرا يناير 137 حالة.
بينما جاء مركز أشمون في المقدمة حيث سجل أعلى حالات عقر بـ272 حالة، ثم شبين الكوم 95 حالة، ومدينة سرس الليان 71 حالة، والباجور 70 حالة، ومنوف 67 حالة، والسادات 47 حالة، وقويسنا 44 حالة، وبركة السبع 42 حالة، والشهداء 30 حالة، وتلا 14 حالة.
وعن أسباب انتشار الفئران في قرى المنوفية، يوضح "محمود" 40 عامًا، أحد المصابين بالعقر، أن القرية تقع بالقرب من محطتي صرف صحي بجانب الترع، والتي لا يتم تطهيرها كذلك توجد بالقرب من مقالب قمامة كثيرة، الأمر الذي أدى إلى تزايد أعداد الفئران بصورة كبيرة هذا العام أكثر من غيره مع زيادة القمامة والإهمال، خاصة في فصل الصيف، الذي تهرب فيه الفئران إلى الزراعات من شدة حرارة الشمس.
الدكتور حسن شفيق، نائب رئيس هيئة الخدمات البيطرية سابقًا، يوضح أن الطاعون هو أخطر الأمراض التي من الممكن أن تنتقل عن طريق الفئران، واصفًا إياه بأنه مرض بكتيري يصيب الرئة وينتقل من القوارض إلى الإنسان، فيصاب الشخص بالتهاب رئوي قابل لأن ينتقل للآخرين عن طريق السعال.
يضيف، أن من بين الفيروسات التي قد تتسبب الفئران في نقلها أيضًا هو فيروس" هنتا"، وهو فيروس قاتل لا يوجدج له علاج أول لقاح، مبينًا أن حمى عضة الفأر هي واحدة من الأمراض التي تنقلها عضة الفئران، والتي تصيب الشخص الذي تعرض للعقر إذا كان الفأر محملًا بالمرض.
وعن الإسعافات الأولية بعد التعرض لعقر الفأر، تقول الدكتورة هبة يوسف، أستاذ الطب الشرعى والسموم الإكلينيكية بطب بور سعيد، يجب غسيل مكان العضة بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 15 دقيقة، ثم تجفيفه جيدًا ووضع مطهر على الجرح وتناول مسكن للألم ومضاد حيوي واسع المفعول، ثم الذهاب إلى أقرب مستشفى لأخذ مصل التيتانوس.
الدكتور محمد القرش، المتحدث الإعلامي لوزارة الزراعة، قال لـ"الدستور" إن الوزارة تعني بمكافحة القوارض بكل أشكالها في المناطق الزراعية، مستخدمة بذلك المبيدات المناسبة لهذه المناطق، مشيرًا إلى أنه ليس من اختصاص الوزارة مكافحة الفئران وغيرها بالمناطق السكنية، حيث إن المبيدات المستخدمة لا تتلاءم وطبيعة هذه المناطق.
وأضاف القرش أنه إلى الآن لم تتلق الوزارة أي شكاوى من تزايد أعداد الفئران بأي من المناطق الزراعية بمحافظة المنوفية، رغم بيان إدارة الطب الوقائي الذي رصد أعداد حالات العقر من الفئران مفصلة في كل مركز من مراكز محافظة المنوفية.
