رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الدستور" تحاور جنود ثورة 30 يونيو المجهولين

جريدة الدستور

لم يكونوا محط شهرة أو أضواء رغم دورهم الضخم خلال أيام ثورة 30 يونيو، ربما لأنهم فضلوا العمل في صمت حبًا في الوطن، ولم يبغوا من وراء ذلك سوى الدفاع عنه وحمايته، استطاعوا انقاذ الكثيرين، إلا أنهم لم يجدوا ضوء يُلقى عليهم.

هم المسعفين والأطباء وقوات التأمين، التي شاركت في ثورة 30 يونيو منذ 6 سنوات مضت، لم يشاركوا كثوار، ولكن أدوا دورهم في إسعاف مصابي الثورة، وتأمينهم ضد غدر جماعة الإخوان التي كانت مسيطرة على حكم مصر وقتها، وقبل الإطاحة بها.

"الدستور" في الذكرى السادسة لثورة 30 يونيو، ألقت الضوء على هؤلاء لتعظيم دورهم، ومعرفة الكواليس التي عاشوار إبان تلك الأيام، وكيف سارت أيام الثور والأجواء المحيطة بها في الميادين والشوارع.

أحمد فتحي، أحد مسعفي ميدان الإتحادية أثناء ثورة 30 يونيو، يحكي لـ"الدستور" أجواء الميدان في ذلك الوقت، ومهامه التي كان يؤديها خلال فترة الثورة، قائلًا: "كنا مستقرين في الميدان 24 ساعة، ولم نرى منازلنا إلا بعد إنتهاء الثورة".

يوضح أنه كان متواجد قبل 30 يونيو بفترة كبيرة، أثناء الإشتباكات بين المتظاهرين وجماعة الإخوان لتقديم الإسعافات الأولية للمصابين، ونقل الحالات الخطرة إلى أقرب المستشفيات من خلال سيارات الإسعاف.

ويشير فتحي، أن الأجواء كانت هادئة في ميدان الإتحادية خلال أيام الثورة بسبب التأمين المكثف من قبل قوات الأمن، وتكاتف جميع فئات الشعب المصري في الميدان موحدين مطالبهم لإسقاط نظام الإخوان.

يضيف: "وأحيانًا ما كان يحدث حالات إغماء لبعض المتظاهرين بسبب العدد الكبير الذي كان يملأ الميدان، في ذلك الحين تأتي الإخطارات للتحرك تجاه المصابين، وحملهم داخل سيارة الإسعاف، وإمدادهم بالعلاج اللازم، وتوفير جلسات الأكسجين لهم حتى يستعيدوا عافيتهم من جديد".

وعن أصعب المواقف التي مرت على "فتحي"، يقول: "صاحبي مات على إيدي أيام الإشتباكات مع الإخوان"، موضحًا أن صديقه كان يعمل معه في هيئة الإسعاف موزعين على بعضهم البعض مناطق التمركز، حتى جاء إخطار بحدوث اشتباكات عنيفة في الطريق المؤدي إلى ميدان رابعة، وبالفعل تحرك "فتحي" مع المجموعة من المسعفين إلى مكان الحادث حتى وجد صديقه مغشيًا عليه بعد أن تلقى رصاصة خرطوش في صدره، وبالرغم من تقديم له جميع الإسعافات الممكنة إلا أنه لقى حتفه بعد دقائق من النزيف.

"أصعب فترة عدت عليا من ساعة ما اشتغلت في المهنة، وكنت ببقى في قمة سعادتي لما أعالج مصاب في الثورة"، يقولها الدكتور عماد الزيني، أحد أطباء الطوارئ بمدينة المحلة الكبرى، في حديثه مع "الدستور".

يوضح أنه كان يتواجد في ميدان الشون منذ اندلاع أول مظاهرة ضد نظام الإخوان، والتي وقع ضحيتها العديد من المصابين سواء من رصاص الجماعات والمولوتوف المستخدم في اشعال الحرائق حتى الغاز المسيل للدموع، الذي كانت تستخدمه قوات الشرطة في التفرقة بين المتظاهرين وجماعات الإخوان.

يقول الزيني، أن الزحام الشديد داخل الميدان كان يعيق الأطباء من تأدية دورهم سريعًا، بالإضافة إلى الغاز الذي يجهد الأطباء بشدة، ويجعلهم غير قادرين على مواصلة العمل، لكن تلك الأحداث لم تمنعهم من إمداد المصابين بالعلاج اللازمة، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وعن ساعات العمل: "كنا أول ناس بنبقى موجودين في الميدان، وأخر ناس بتمشي منه".

"أجواء ثورة 30 يونيو في المحلة كانت هادئة دون عنف، وبها العديد من مظاهر الإحتفال والسعادة"، يوضح "الزيني" أن الإقبال الكبير من المواطنين في ثورة 30 يونيو على ميدان الشون منع أي شخص تابع لجماعات الإخوان من الظهور في تلك الأيام؛ مما سهل على الأطباء والمسعفين مهمتهم الوظيفية حتى استطاعوا مشاركة المواطنين في الإحتفال بنجاح الثورة.

أحمد علي، أحد جنود تأمين ثورة 30 يونيو، والذي يؤكد أنها كانت أيام عصيبة، عاش فيها مع زملائه وأصدقائه على أهبة الاستعداد تحسبًا لأي عنف يصدر من قبل جماعة الإخوان، رفضًا لإرادة الشعب والثورة.

يضيف: "مشوفناش بيوتنا الأيام دي، سواء قبل الثورة أو بعدها، كنا دايمًا في حالة استعداد تام، لأن كان متوقع عنف من الجماعة، والأوامر كانت دايمًا إننا نحمي الناس، ومنسبش الميدان أبدًا".

ويشير إلى أن أصعب المواقف التي مرت عليه، كانت السيدات اللاتي شاركن في الثورة، وهتفن فيها جنبًا إلى جنب مع الشباب والرجال، ووقت الاشتباك كان منهم من يبكي، موضحًا أنهم قاموا بحمايتهم كما يجب.