رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"التعافي ميلاد جديد".. قصص ناجين من إدمان المخدرات

جريدة الدستور

نور فتاة تبلغ من العمر 26 عام، عادت إلى مصر منذ نحو 9 سنوات وقبلها كانت بهولندا مع والدها، مرت نور خلال سنوات اغترابها باضطرابات نفسية نتيجة حرمانها من والدتها، كما دخلت في علاقة عاطفية مع شاب يكبرها بعدة سنوات، استغلها وبدء في سلب نقودها بالتدريج لشراء المخدرات.

رويدًا رويدا أغواها صديقها للتعاطي معه وبدأت بحبوب كانت متداولة هناك، إلى أن وصلت للهرويين، بعد معرفة والدها رفض إمدادها بالأموال ظنًا منه أنها وسيلة للمنع، لم تلبث كثيرًا حتى ضُبطت بصحبته يسرقا أحد المتاجر لشراء جرعات المُخدر.

رحلتها الشرطة الهولندية لمصر، وبمجرد أن تسلمتها السلطات المصرية أودعتها أحدى مصحات علاج الإدمان

استمر علاج نور ثلاث سنوات، خرجت في عام 2016 بإرداة منها على أنها لن تعود لتعاطي أي نوع من المخدرات، تذكر نور أنها طلبت من والدها العودة مرة أخرى للعيش بأمستردام لكنه رفض خشية أن تدخل في نفس الدوامة، علاوة على ذلك رفض إعطائها أي أموال تعينها على العيش هنا.

تروي "نور" أنها داومت على حضور جلسات علاج نفسي جماعية مع عدد من المتعافين من المخدرات، والتي تساعدهم على الاستمرارية في التوقف عن التفكير في المخدرات والشعور بالرغبة فيها.

في هذه الأثناء بدء صندوق مكافحة وعلاج الإدمان بالتعاون مع بنك ناصر بإعطاء المتعافين من المخدرات قروض ميسرة يبدأون بها حياتهم بعد العودة تخوفًا من أي انتكاسة من الممكن أن تصيبهم.

كان هذا في إطار إطلاق مبادرة "بداية جديدة" التي تتيح للشخص المتعافي من الإدمان أخذ قرض من بنك ناصر الاجتماعى فى حدود 50 ألف جنيه كحد أدنى و75 ألف جنيه كحد أقصى بفائدة بسيطة، للبدء فى مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر والعودة للحياة الطبيعية مرة أخرى.

اشتركت " نور" مع ثلاثة من أقاربها ليفتحوا مطعم صغير في منطقة الهضبة الوسطى بالمقطم واستطاعت حتى الآن سداد قيمة القرض بالكامل والتربح من المشروع.

متعافي: الاستمرار في الزواج من مدمن يحول دون الشفاء

"محمد.ع" بدأ التعاطي في المرحلة الثانوية وكان يبلغ من العمر 18 سنة، يذكر أن فكرة الإدمان كانت له فى بداية الأمر رغبة من مُراهق للتجربة، استمرت تلك التجربة في استنزاف 13 عام من عمره حتى اقتنع مؤقتًا أنه يستطيع أن ينجو فدخل مستشفى المعمورة للأمراض النفسية، خضع فيها للعلاج لمدة عامين وما زال حاليًا فى مرحلة المتابعة.

دخل بعدها في برامج تأهيلية جيدة ليس فقط له، بل لأهله، للتعافى من الأذى النفسى الذى تعرضوا له من ابنهم أثناء فترة الإدمان، جرب مصحة علاج خاصة لفترة لكنه أدرك أنها لا تختلف كثيرًا عن المصحات الحكومية التي يخشاها بسبب ما يظهر في الدراما، ووجد فى مستشفى المعمورة بعض الإخصائيين النفسيين، الذين يعقدون جلسات مع المدمنين لتأهيلهم للعودة للحياة، وكان دومًا يصر على أن العلاج والتعافي حلم يرنو اليه للنجاة بباقي سنوات عمره بعد أن أصبح على مشارف الأربعين.

أزمة محمد أنه كان متزوج ً من سيدة لبنانية، كانت بالأساس مدمنة فحينما خرج من المستشفى قرر الانفصال عنها، وأشار عليه طبيبه أنه لو استمر على علاقة بها أنه سيعود لعجلة للإدمان مجددًا، لخبرته في داخل المستشفى عمل كمشرف فى أحد المراكز الخاصة لعلاج الإدمان، لمساعدة حالات أخرى من المدمنين على التعافى.

لكن سرعان ما احتاج أن يؤسس مشروع خاص به ليساعده على تعويض خسائره المادية لا سيما أنه باع منزله لانهاء العلاج وإجراءت الطلاق.

بعد أشهر تلقى مكالمة من الدكتور أحمد الكتامى، مسئول الخط الساخن بصندوق علاج الإدمان، يعلمه بالمشروعات المقدمة من الصندوق للمُتعافين من الإدمان، وجاء ذلك الترشيح بتوصية من الإخصائى النفسى الذى أشرف على علاجه.

في البداية كان يخشى الفشل في استثمار قيمة القرض ويصبح معرضًا للسجن، ولكن بعد استشارة بعض المقربين منه، أجرى دراسة جدوى بشأن فتح مطعم فى المركز الخاص الذى يعمل فيه كمشرف، وكان خوفه بسبب قلة عدد النزلاء فى المركز وفي الغالب لا يحملون ثمن مايشترونه".

واجهته بعض الأزمات فى إنهاء بعض الأوراق الخاصة بالمشروع، ولولا تدخل وزيرة التضامن الاجتماعى ما تم تسهيل الإجراءات عليه.

بنك ناصر يمنح المقترضين مهلة في السداد، وحصل " محمد " على قرض بمبلغ 50 ألف جنيه لمشروع المطعم يسدد 1150 شهريًا على مدار 5 سنوات.
إحصائيات الإدمان في مصر:

تبعًا لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، فإن 27% من متعاطي المخدرات إناث، والباقي ذكور، ونسبة التعاطي بين السائقين المهنيين وصلت إلى 12%، أما سائقي الحافلات المدرسية فانخفضت مؤخرًا بعد الحملات الأخيرة إلى 2.7%.

نسبة تعاطي طلاب المدارس الثانوية تصل إلى 7%، فيما تصل إلى 8% عند طلاب التعليم الفني.

وكشف صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، عن نتائج لجنة الكشف عن تعاطى المخدرات بين العاملين "موظفين، عمال، وسائقين" بالمؤسسات والهيئات والمديريات التابعة للوزارات والمصالح الحكومية فى المحافظات المختلفة، وقامت اللجنة بالكشف على 15743 من الموظفين في 16 وزارة حتى الآن، والمؤسسات والمديريات التابعة لهم فى 10 محافظات "القاهرة، الجيزة، الإسكندرية، دمياط، بورسعيد، الشرقية، الغربية، المنيا، أسوان والقليوبية"، وذلك في الفترة من 9 يونيو الجاري وحتى الآن، وتبين تعاطي 162 حالة للمواد المخدرة، وإحالة المتعاطين للمواد المخدرة إلى النيابة الإدارية لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، حيث تصل العقوبات إلى الفصل من العمل.