رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خارج الخدمة.. «الدستور» تكشف عن قرى بلا سجل مدني

جريدة الدستور

حين رُزق «سامح» 25 عامًا بمولوده الأول، أراد أن يستخرج له شهادة ميلاد، لكنه لم يكن يعلم أن قريته "أبوالسعود" التابعة لمحافظة الفيوم تفتقر للكثير من المؤسسات والمصالح الحكومية، لا يوجد بها سجل مدني يستطيع استخراج شهادة ميلاد منه لابنه.

اضطر الرجل للذهاب إلى مركز أطسا، الذي يعتمد عليه كل سكان القرية وبعض القرى المجاورة، ويتكدسون فيه من أجل استخراج الأوراق وشهادات الميلاد وجميع الأوراق الرسمية، فلا منفذ هنا سواه.

يقول: "القرية كلها مفيهاش سجل مدني زي أي بلد، كان فيه واحد زمان واتهد، وعشان نستخرج أي ورق لازم ننزل مركز أطسا والناس بتتبهدل هناك عشان المصالح، وزحمة ليه ميكونش فيه مكان مخصص هنا".

القرية لم تكن محرومة فقط من سجل مدني، ولكن أيضًا يعاني الأهالي من عدم وجود "بوستة" خاصة بهم كي تستلم منها النساء المعاش الخاص بهم، مضيفًا: "فيه حرام ستات كبيرة بنشوفها بتبقى تعبانة علشان تروح تستلم معاشها".

يضيف: "التكدس في مركز أطسا بينتج عنه مشادات وصلت لحادثة قبل كدة، بسبب خناقات الأهالي والزحمة ورغبة الجميع في تخليص أوراقه سريعًا، لأن المسافة بعيد من القرية للمركز".

لم تكن "أبو السعود" هي القرية الوحيدة التي تعاني من عدم وجود سجل مدني، أو افتقار المصالح الحكومية الموجودة بها، فهناك الكثير من القرى التي يبعد أهلها عن أقرب مصلحة حكومية مسافات طويلة، يضطرون إلى قطعها لتأدية مصالحهم.

وتناقش لجنة الدفاع والأمن القومي، برئاسة اللواء كمال عامر، بمجلس النواب، طلب إحاطة مقدم من النائب برديس سيف الدين، بشأن إنشاء وفتح سجل مدني بمركز بلاط بالوادي الجديد.

وأكد النائب في عرضه لطلب إحاطة تقدم به وناقشته اللجنة، أن المركز يعاني من نقص الخدمات في مجال السجل المدني، وأن أقرب سجل مدني على بعد 50 كيلو مترًا، وهو ما يكبد الأهالي المشقة في السفر ويحملهم تكاليف مالية باهظة.

وأضاف النائب: "لا بد من العمل وبسرعة على افتتاح السجل المدني رحمة بالأهالي، وخاصة كبار السن والنساء، خاصة أنه سيخدم أكثر من 25 ألف نسمة".

ومن جانبه، وافق اللواء خالد عمر ممثل وزارة الداخلية في الاجتماع على طلب النائب، مشيًرا إلى أنه لا مانع لدى الوزارة في العمل على فتح وتشغيل مكتب للسجل المدني بمركز بلاطة تخفيفًا عن كاهل الأهالي.

وأضاف أن "وزارة الداخلية تعمل على تخفيف الأعباء عن الأهالي والمواطنين، ولذلك نوافق على هذا المقترح"، وعقب ذلك أعلنت لجنة الدفاع والأمن القومي موافقتها على المقترح.

يخالف عد وجود سجل مدني بتلك القرى، القرار رقم 1551 الذي صدر عام 2008 بشأن ترخيص إنشاء وإدارة مراكز خدمية للجمهور، والتي كان من أهم بنوده عدم الإخلال بحق المواطنين في التعامل المباشر مع جميع مؤسسات الدولة وأجهزتها.

وبالفعل تمت إقامة أكثر من 700 مكتب لخدمة الجماهير، إلا أن ما وصلت إليه تلك المراكز من إهمال من قبل الدولة جعل العاملين ضحايا للروتين الحكومي ومعاناة أفرادها ليصل صوتهم إلى صناع القرار.

سيد، 34 عامًا، نجار، أحد سكان محافظة أسيوط، والذي يعاني كثير من الأهالي من عدم وجود سجل مدني، سوى في مدينة منفلوط فقط، والتي تبعد مسافة طويلة عنهم".

يقول: "كان فيه سجل مدني هناك، لكن تم تحويله إلى سنترال مكالمات، ومن ساعتها عشان نطلع أي ورق لازم ننزل منفلوط، لأنه كان فيه وعود بإنشاء سجل تاني لكن متعملش".

يضيف: "كبار السن هيموتوا من الزحمة والشمس، بسبب التكدس على السجل المدني الوحيد ده، وأوقات تروح وتقف طابور وفي الآخر السيستم يقع، ويقولك فوت علينا بكرة".

يذكر أنه بحسب إحصاء صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 2018، ففي مصر يوجد 225 مدينة بالجمهورية، و91 حي، و837 شياخة، بالإضافة إلى 4727 قرية و27 مدن مجتمعات عمرانية جديدة، و636 وحدة اعتبارية.

فيما يتعامل قطاع الأحوال المدنية مع 80٪ من مصالح المواطنين، ويعد أكثرها تفاعلًا مع شركات الخدمات الجماهيرية خاصة مع صدور الكتاب الدوري رقم "1" لسنة 2014.

يؤكد الكتاب أن مندوبي مكاتب خدمة الجماهير يمثلون المواطنين، إلا في حالتين تغيير الديانة أو التصوير، ومن ثم تم استصدار الكتاب الدوري رقم "7" لسنة 2015 بشأن زيادة عدد الخدمات الممنوحة للمكاتب الحكومية الخدمية.