رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مناهضة ختان الإناث


فى إطار الاحتفال باليوم الوطنى لمناهضة ختان الإناث «١٤ يونيو»، أطلق المجلس القومى للمرأة، بالاشتراك مع المجلس القومى للأمومة والطفولة، حملة توعوية بجميع محافظات الجمهورية، وتضمن الاحتفال بشكل عام التوعية بمخاطر ختان الإناث باعتبارها عادة ذميمة، تسبب مخاطر صحية وبدنية ونفسية وجنسية، لقد أعدت الجهات المسئولة الاستراتيجية الوطنية لختان الإناث «٢٠١٦ - ٢٠٢٠»، وتم سن قوانين خلال السنتين السابقتين تُجرِّم هذه العملية البشعة، مع تغليظ العقوبات على من يرتكبها من أطباء وطبيبات ودايات، وأيضًا الأب والأم، خاصة مع حدوث حالات وفاة.
سأتطرق معكم فى هذا المقال إلى مشاركتى فى التوعية بمخاطر ختان الإناث، فى إطار دعوة كريمة من «الإدارة العامة لثقافة المرأة» بالهيئة العامة لقصور الثقافة، بالتعاون مع إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافى «فرع ثقافة الفيوم»، مع نادى المرأة بمركز شباب «قحافة» بمحافظة الفيوم، وتضمن هذا اليوم التثقيفى التوعوى، حوارًا حول مخاطر ختان الإناث مع ورشة حكى للحماية من أخطار الحرائق، التى تقدمها «مؤسسة أهل مصر للتنمية».
ولنبدأ معًا بالإحصاءات الصادمة من المؤسسات الدولية بالأمم المتحدة والجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وذلك فى نهاية عام ٢٠١٨، حيث تأتى مصر والسودان على رأس الدول فى ختان الإناث، الذى يضر المرأة ويعتبر أحد أشكال العنف ضد المرأة بالمخالفة للدستور، الذى ينص فى المادة ٦٠ على أن «لجسد الإنسان حرمة ويعد الاعتداء عليه أو تشويهه أو التمثيل به جريمة يعاقب عليها القانون».
وتوجد يا سادة ويا سيدات فى مجتمعنا ظواهر مرتبطة ببعضها البعض ومتلازمة، وها هى الإحصاءات الصادرة من مكتبة الإسكندرية فى بيان يوم ٢٩ نوفمبر عام ٢٠١٨ بمناسبة حملة «١٦ يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة». تشير الإحصاءات إلى أن نحو ٤٦٪ من النساء بين ١٤ و٦٤ عامًا تعرضن لعنف شريك الحياة و٢٧٪ تزوجن قبل ١٨ عامًا و٣٠٪ نسبة الأمية بين النساء و٨٧٪ تعرضن للختان، وتعتبر مصر والسودان أعلى دولتين فى ختان الإناث.
وفى مركز شباب قحافة دار الحوار والنقاش والتساؤل حول مخاطر وأضرار ختان الإناث، وزواج الإناث فى سن مبكرة «زواج القاصرات»، وتسرب الفتيات من التعليم والأمية، وتناول النقاش مع أكثر من ٨٠ سيدة وفتاة، الأضرار التى تنتج عن عملية «الطهارة»، كفقدان الرغبة الجنسية عند الزوجات والعقد النفسية؛ نتيجة بشاعة العملية، التى تؤدى فى بعض الحالات إلى النزيف والوفاة، ويتسبب كل هذا فى مشاكل بين الزوج والزوجة، والتى تنتهى فى معظم الحالات بالطلاق، ما يزيد من التفكك الأسرى، والذى يكون فى غالبية الحالات على حساب الأطفال، الذين هم بناة المستقبل، كما تطرق الحديث إلى أن ختان الإناث عادة وليست له علاقة بالدين والقرآن الكريم، وكان رد بعض السيدات أن هناك عددًا من المشايخ يقولون إن الدين يحثنا على ختان الإناث، وبالطبع يا سادة لا بد من مواجهة هذه الأفكار الخاطئة، خصوصًا فى المناطق الريفية والفقيرة، فى قرى الوجهين القبلى والبحرى، تلك المواجهة التى تتم بالتوعية والتعليم والقضاء على الأسباب التى تؤدى لتسرب الفتيات من التعليم، مع وضع خطة لمحو الأمية وتعليم الكبار، مع بث التوعية عبر أنحاء البلاد بشكل دائم وليس بشكل موسمى أو مؤقت يرتبط بالمناسبات، ويكون ذلك بمشاركة كل مؤسسات الدولة «وزارات الصحة والسكان والأوقاف والتربية والتعليم والشباب والثقافة والهيئة العامة لقصور الثقافة والهيئات الإعلامية، والمجالس القومية المتخصصة الخاصة بالمرأة والأمومة والطفولة»، مع منظمات المجتمع المدنى المعنية بحقوق المرأة، من أحزاب وجمعيات أهلية ومراكز متخصصة ونقابات، كل ذلك بجانب سن وتشريع قوانين تجريم ختان الإناث وزواج القاصرات، مع تغليظ العقوبات على مرتكبيها وتنفيذ وتفعيل هذه القوانين؛ لردع المشاركين فى ارتكاب هذه الجرائم «الطبيب والمأذون والأب والأم».
إن الفقر يا سادة عامل أساسى لانتشار هذه الظواهر الخطرة، فالفقر يؤدى إلى التسرب من التعليم وازدياد الجهل وزواج القاصرات للتخلص من الأعباء المالية، خاصة مع عدم توفير فرص العمل، وانتشار البطالة ومع المرتبات الهزيلة التى لا تسد الاحتياجات الأساسية للأسرة أمام غول ارتفاع أسعار السلع والخدمات، والذى يدلل على كلامى أنه وبعد الحوار لأكثر من ساعتين، قامت إحدى السيدات «التى لا يزيد عمرها على ٣٥ عامًا» وتقدمت لتقول: «كلامك كويس وأنا مصدقاكى بس عندى ٦ بنات وولد، وأكبر بنت عندها ١٥ سنة ونص، وأنا ناوية أجوزها، أجيب منين وأصرف عليهم منين، إحنا غلابة وعلى قد حالنا»، لقد استطاعت هذه السيدة أن تعبر وبصدق عن أساس المشكلة وهى بيئة الفقر والجهل، فهل تتوافر الإرادة السياسية والمجتمعية الفعلية للقضاء على كل ما يضر المجتمع ويكرس لتخلفه؟.