رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيجارة حتى الموت.. حكايات شباب التدخين أودى بحياتهم

جريدة الدستور

جرعة زائدة من السجائر تخطت 4 علب في اليوم الواحد، تناولها «خالد» 17 عامًا، بعدما رسب في الثانوية العامة، وظل يطوف في الشوارع المحيطة بمنزله، خائفا من الصعود ومواجهة ذويه، فذهب مع أصدقاؤه في منزله أحدهم، حتى يتنسى لهم التفكير في نتيجتهم بالامتحانات.

«خالد» هو مراهق مدخن، لكنه كان يدخن بالقدر المعقول، إلا أن ذلك اليوم وبسبب الضغط وحزنه الشديد، أنهى ما يقرب من 4 علب سجائر على دفعات متتالية رفقة أصدقائه، وعقب الانتهاء منهم، بدأ يشعر بصداع شديد ومغص في معدته.

«بدأت أعرق، وجسمي يسخن، وأحس ببرد في نفس الوقت»، يقولها الشاب الذي سقط مغشيًا عليه، ونقله أصدقاؤه إلى مستشفى قريب، بعدما أبلغوا ذويه بما حدث، ليصل إليها وهو في حالة يرثى لها، ويفيق على حديث الطبيب: «شرب جرعة عالية من النيكوتين، وكان فيه اشتباه تسمم».

أجرى الشاب غسيل بالمعدة، ونقل له دم كثير من أصدقائه بعد تلوث دمائه من النيكوتين، وظل ثلاثة أيام في المستشفى يتلقى العلاج، بسبب جرعة النيكوتين والسجائر الزائدة التي تناولها.

يختتم: «شوفت الموت بعيني، وحسيت إني مش هشوف أهلي تاني، مكنتش متخيل أن السجاير الزايدة ممكن تعمل كدة، ودايمًا بقول طالما مش حشيش أو مخدرات كدة أنا في آمان».

«خالد» هو واحد ضمن كثيرين من مدمني السجائر، الذين يتناولونها بشراهة يوميًا، وأدت إلى إصابة بعضهم أو وفاته، استعرضت «الدستور» تجارب البعض منهم، وكيف كانت تلك الوقائع علامة فارقة في حياتهم؟

إنذار الخطر يدق مع تأكيد مبادرة 100 مليون صحة مؤخرًا، أن شخصًا يتوفى من بين كل اثنين مدخنين؛ بسبب التبغ، موضحة أن التدخين له آثار سلبية خطرة على الصحة العامة للمدخن والأشخاص المحيطين به.

وقالت مبادرة 100 مليون صحة، أنه ينبغى الإقلاع عن التدخين نهائيًا لما فية من أضرار بالصحة؛ وتسببه في ارتفاع أعداد الوفيات خاصة خلال السنوات الماضية بالإضافة إلى تسببه في انتشار بعض الأورام.

وأشارت المبادرة إلى أن الدولة وضعت استراتيجية ضخمة لمكافحة التدخين، وخصصت عيادات في عدد من المحافظات؛ للتوعية والتعرف على آليات الإقلاع عنه والعلاج منه إذا كان الشخص مدمنًا التدخين.

بدأ «أمجد» التدخين منذ عامين، بسبب عدد من أصدقائه الذين نصحوه بتجربة الأمر، رغم تخوفه منها في البداية؛ بسبب صغر سنهم فكانوا وقتها لم يتخطوا سن الـ15 عامًا بعد، إلى جانب تدخينهم بدون علم أهلهم.

بسبب سخرية أصدقائه الشديدة منه، بعدما رفض التجريب في المرة الأولى، استجاب لهم، يقول صديقه: «شرب واحدة، وسيجارة جرت التانية، لحد ما بقى مدمن سجاير، وبيشرب بشكل يومي».

أصيب الشاب الذي توفى عقب عامين من التدخين، بسرطان الرئة في سنه الصغيرة، ورغم ذلك استمر على التدخين الشرهة بشكل يومي، بحسب صديقه، الذي أوضح أنه في أحد المرات تناول كميات كبيرة من السجائر وتم احتجازه وقتها في المستشفى.

15 يوم صارع فيها «أمجد» الموت، إلا أنه لم ينجُ منه، بعدما أخبر الطبيب ذويه أن النيكوتين أدى إلى حدوث تسمم في الدم، ويحتاج إلى عمليات نقل دم كثيرة، ولم يستمر عقب ذلك سوى يومين وتوفي.

يقص مصطفي عبدالعزيز، من محافظة البحيرة حكاية خاله الذي يبلغ من العمر 50 عامًا، ورغم ذلك فهو مدخن شره، في أحد الأيام سقط مغشيًا عليه، وحين استدعوا الطبيب قال لهم: «لو مش هيبطل تدخين هيموت بسببه».

الطبيب أكد لهم أنه مصاب بتلوث وسرطان في الرئة، بسبب كثرة تدخينه والتي تصل إلى حد علبة واثنين في اليوم الواحد، وأجرى عملية جراحية، وعزم على التوقف عن التدخين، إلا أنه عاد وأكثر مما مضى، وعقب شهر من تلك العملية توفى خاله ضحية التدخين.

وائل صلاح، مدرب متطوع بصندوق مكافحة وعلاج الإدمان التابع لرئاسة مجلس الوزراء، وتحت إشراف وزارة التضامن الإجتماعي، يقول إنهم يقومون بالتدريب في المدارس والمعاهد والمصانع، والعديد من الحملات التوعوية حول تصحيح المفاهيم المغلوطة حول المخدرات، والعمل على الأخذ بيد العون للمقبلين على التعافي.

وأوضح صلاح أنه يشعر بالفرح عندما يقوم بتوصيل رسالة الصندوق إلى الشعب وإبلاغهم برقم الخط الساخن لدى الصندوق، وتصحيح المفاهيم المغلوطة لديهم.

أما الدكتورة أميمة عبدالله، طبيبة الصحة النفسية، ترى أن هناك أسبابًا مختلفة تجعل الفرد يلجأ إلى التدخين، منها الفراغ الذي لا يستخدم فيما لا يفيد من عمل ينفعه، أو أعمال تطوعية تخدم وطنه و مجتمعه، وكذلك خيبة الأمل من عدم تحقيق ما خططوا له.

تضيف: "وكذلك البعد عن الله سبب رئيسى فى اللجوء الى التدخين، وعلى الشباب أن يقوموا بالإبداع والتفكير خارج الصندوق والعمل على إشغال وقت الفراغ. ".

بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن حالات الوفاة نتيجة التعاطي، 60 ألف حالة وفاة بسبب الإصابة بفيروس الإيدز، و 220 ألف حالة وفاة بسبب الإصابة بفيروس C نتيجة التدخين.

يذكر أن المستفيدين من خدمات الخط الساخن «16023» لعلاج المرضى فى صندوق مكافحة وعلاج الإدمان خلال السبعة أشهر الأولى لعام 2018، بلغت 59577 مريضًا ترددوا على المراكز العلاجية الشريكة مع الخط الساخن، وعددها 22 مركزًا بـ12 محافظة بجانب عدد الاتصالات التى تلقاها الخط الساخن.