رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«طريق الموت».. «الدستور» تخترق أوكار صناعة زيت السيارت المغشوش

جريدة الدستور

إنذار في لوحة القيادة، يشير بأن هناك مشكلة ما في زيت السيارة، لم يمر عليه ثوانِ حتى أصدر محرك السيارة كمية كبيرة من الدخان، يليها صوت فرقعة ضخم في الجزء الأمامي منها؛ لتتوقف نهائيًا في الطريق السريع، وتصطدمها سيارة أخرى من الخلف بشكل مفاجئ، سائقها لم يكن متوقع أن السيارة التي أمامه ستقف إذ فجأة.

ذلك ما حدث مع «كريم بسيوني» 27 عامًا، سائق في شركة "أوبر"،والذي كاد أن يلقي حتفة نتيجة استخدامه زيت سيارة مغشوش، يقول أنه كان على الطريق الدائري المُتجه إلى مدينة السادس من أكتوبر؛ لتوصيل أحد الزبائن وقت وقوع الحادث.
السبب الظاهري حسبما يصف، هو تلف محرك السيارة؛ نتج عنه توقفها في نصف الطريق أثناء الليل، لتصطدم به سيارة أخرى سريعة تأتي من الخلف لم تستطع التوقف، إلا أنه بعد الكشف على السيارة أدرك أن السبب الحقيقي هو الزيت المغشوش الذي يستخدمه، وقام بتعبئته من أحد ورش الميكانيكا بمنطقة العباسية.


كريم» ليس أولى ضحايا زيوت السيارات المغشوشة، التي تباع في الورش غير المرخصة، ويستخدمها أصحاب السيارات دون علمهم، ولا يكتشفون ذلك إلا وقت الحادث. «الدستور» استطاعت اخترق أوكار تصنيع تلك الزيوت المغشوشة والحديث مع منتجيها والضحايا لها أيضًا.
طبقًا للبيانات الصادرة عن هيئة الصادرات والواردات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن حجم استيراد زيت المحولات في يقدر بـ74 مليون جنيهًا سنويًا، ونفط مصفى بـ882.9 ألف جنيهًا، وزيوت نفط بـ2.3 مليار جنيهًا.

بينما تبلغ قيمة الاستهلاك للزيوت في السوق المصرى من 400 إلى 500 مليون لتر سنويًا، وزيوت السيارات تتراوح من 260 إلى 280 مليون لتر سنويًا، للاستهلاك لقرابة 9.4 مليـون مركبة، منها 3.2 مليـون مركبة بنسبة 34.5% بالمحافظات الحضرية.

"زيت قاتل"..جولة داخل مستودع لبيع الزيوت المغشوشة
مخزن صغير في إحدى شوارع بمنطقة فيصل، لا يتعدى مساحته 150 مترًا، تملؤه براميل بلاستيكية زرقاء بداخلها زيوت السيارت، يطلق عليه العامين به "مستودع الزيوت"، يوجد به غرفة صغيرة مغلقة لا يُسمح لأي شخص بالدخول إليها سوى المختصين بما يحدث في الداخل.
اخترقا «محرر الدستور» ذلك المخزن وقاموا بجولة مصورة فيه، والحديث مع أصحابه عن كيفية التصنيع. يقول أحد العاملين: "بنشتري زيت مستعمل من البنزينة ونضيف عليه سولار ومواد محدش يعرف اسمها غير صاحب المخزن علشان هو اللي بيجيبها".

يقول: "أنه بعد الانتهاء من عملية الخلط داخل الغرفة المغلقة، يستخرجون الزيت لتعبئته داخل البراميل البلاستيكية، في الأول كنا بنخرج الشوائب من الزيت المستعمل يإيدينا قبل خلطه بالسولار لحد ما صاحب المصنع جابلنا مكنة لتكرير الزيوت بتساعدنا نخلص شغل بسرعة".

ويشير العامل إلى استخدامهم علامات تجارية مُقلدة ليتم وضعها أسفل البراميل، حتى لا يلاحظ المشتري أن هذا الزيت به مشكلة رغم سعره الرخيص عن الزيت الذي يُباع بتوكيلات السيارات.

حسام عرفات، رئيس شعبة المنتجات البترولية، يوضح إن إجمالي عدد الشركات المعتمدة في السوق المصري للسيارات 11 شركة فقط، مكتسبة ثقة العميل منذ سنوات عدة، وأن هناك العديد من زيوت السيارات التالفة التي انتشرت في السوق المصري مؤخرًا مجهولة المصدر، ما بين إنتاج في مصانع "بير السلم" ومستوردة من الخارج تكون سبب رئيسي في أغلبية حوادث الطرق.

يضيف: "المشكلة بدأت عندما وافق وزير التجارة والصناعة الأسبق على استيراد زيوت السيارات، وذلك كان مخالفًا القانون رقم 20 لعام 1976، والذى ينص على أن الهيئة العامة للبترول هي الجهة المعنية بالرقابة على زيوت السيارات".

وحذر "عرفات" من هذا القرار مطالبًا الحكومة المصرية بإيقافه سريعًا؛ لتجنب تكرار حوادث الطرق وضرورة رقابة مباحث التموين وحماية المستهلك.

أما أيمن حنفي، رئيس مصلحة الدمغة والموازيين التابعة لوزارة التموين، يرى أن الدور الرقابي الذي تقوم به المصلحة هو التفتيش على محطات الوقود، على أن يتم عمل اختبار بالمكاييل الخاصة بالوزارة لأنواع الوقود المختلفة في المحطة؛ وذللك للتأكد من عدم الغش على المستهلك، مضيفًا أنه في حال إثبات حالات غش، يتم عمل محضر وتشميع المحطة على الفور.

يوضح لـ"الدستور" أن وزارة التموين بالتعاون مع هيئة المواد البترولية هي من تقوم بالتأكد من جودة المنتجات التي تروجها محطات البنزين، ومدى مطابقتها للمواصفات السليمة، كزيوت السيارات، التي من المفترض أن تكون من إنتاج شركات ذات علامة تجارية معروفة، ولكن في حال ضبط أية مخالفات ترتكبها المحطة بشأن هذه الزيوت يتم عمل حصر لهذه المنتجات وعمل محضر بالواقعة.

يونيو 2018 الماضي، تمكنت مباحث التموين ضبط مصنع بمحافظة الشرقية لبيع زيوت السيارات المغشوشة، واستطاعوا التحفظ على 2000 لتر معد للبيع، وتحرر المحضر وقتها بالواقعة رقم 20 120 أحوال المركز.

وفي مارس 2018 ضبط مخزن بدون ترخيص في مركز طامية بداخله زيوت سيارات مغشوشة ومقلدة العلامة التجارية لشركات كبرى، وتحرر محضر وقتها رقم ٢٠٩ جنح أمن دولة، فيما كان إجمالي المضبوطات 820 جركن زيوت سيارات، و550 جركن لشركات كبرى فارغ، ١٠ كيلو بودره مواد لوضع لون.