رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«محرومون من الرؤية».. حكايات ضحايا قانون الأحوال الشخصية

جريدة الدستور

قبل خمس سنوات تقريبًا، كان أحمد يعد عدته للزواج من شريكة أحلامه سارة التي تصغره بثلاث سنوات، اتفقا على عرس يناسب فرحتهم وإمكانيتهم، بعد اتفقا على السفر سريعأ فور اتمام الزواج إلى الكويت، إذ يعمل الأول في إحدى الشركات هناك، لتمر الشهور الأولى طبيعية، إلى أن رزقهم الله بالطفل الأول.

بدأت الخلافات تدبّ بينهم، فلا يمرّ يومًا إلا بمشكلة كبرى، انتهى ذلك كله بقرار الانفصال من قبل الطرفين، فحملت «سارة» طفلها وعادت إلى مصر، وهدّدت زوجها بأنه في حال لجؤه للقضاء من أجل حضانة الطفل ستمنعه من رؤيته لاسيما أن القانون في صفها بحكم سن الطفل.

توصل «أحمد» بعد تدخل الأهل إلى حل وسط، وهو التزامه بدفع النفقة وكل المصروفات الخاصة بالأم والطفل، على أن تسمح الأولى له برؤية نجله الوحيد.

يقول: «لم يدم هذا الوضع طويًلا، فبدأت أسمع وأنا في الكويت عنها ما لا يرضيني، وظهر بعض الخلل في حياتها؛ الأمر الذي جعلني أخاف على طفلي وتربيته ونشأته، تواصلت معها وطلبت أن يعيش الطفل معي، طلبت هذا بهدوء وبدون أية مشاكل، وهي خضعت لطلبي وبالفعل سافرنا أنا ومالك إلى الكويت".

واختتم من 2017 حتى رمضان 2019 كنا نعيش أنا ومالك سويًا، إلا أنها أتت وأخذت الطفل عنوة وسافرت به على مصر، فاتجهت أنا بعدها للقضاء والمحاكم لضم حضانة الطفل لي وإسقاط الحضانة منها، ولكني خسرت القضية.

أحمد ليس الأب الوحيد الذي مُنع من رؤية ابنه؛ بسبب تعنت زوجته معه، فهناك آباء وأمهات كثيرون يطفون المحاكم ضد بعضهم البعض، طمعًا في الحصول على حضانة الطفل، بسبب قانون الأحوال الشخصية الذي يحوي كثير من الثغرات بحسب خبراء القانون، ولهذا يتم الآن عمل بعض التعديلات عليه من قبل البرلمان والحكومة المصرية.

حددت المادة الأولى من قانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000، إجراءات التقاضي في المنازعات حول السفر إلى الخارج، أي أن من يتولى أمر الطفل إن كان أباً أو أما أو غيره من العصبات.

وألزم القانون الطرف الحاضن للطفل بأن يمكن الآخر من رؤيته ولا يمكنه السفر إلى بلد بحيث يستحيل بذلك رؤيتهم، فمن شأن سفر الطفل دون وليّه الحاضن، يلحق بالطفل أضرارًا بالغة، ويحرم الطفل من حقوقه الشرعية والقانونية التي كفلتها له القوانين المصرية .

«نوران» والدة الطفل آسر، واحدة من الأمهات اللاتي انكوين بنار الفراق، فتقول إن ابنها الوحيد خطفه والده من أمام إحدى المدارس في القاهرة، وسافر به في نفس اليوم خارج البلاد، بحسب رواية والدة الطفل.

«نوران» انفصلت عن زوجها بسبب العنف الذي كان يُمارس عليه من قبلها، فكان يقوم بتعنيفها وأحيانًا التعدي عليها بالضرب هي ونجلها، فقررت بعد مدة قصيرة الانفصال عنه.

تقول والدة الطفل، أنها كانت تنتظر خروجه من المدرسة كالمعتاد ولكنها فوجئت بقدوم والده ومع آخرون يخطفون الولد ويهربون به، وعلمت بعدها أنه وسافر به خارج مصر، موضحة أنها لم تكن المرة الأولى له التي يحاول فيها حرمانها من طفلها، فقد سبق وحاول بعدما حكمت المحكمة لها بضم حضانة الطفل.

وبحسب القانون فتنتهي حضانة النساء ببلوغ الصغير سن العاشرة وبلوغ الصغيرة سن 12 سنة، ويجوز للقاضى بعد هذا السن إبقاء الصغير حتى سن الخامسة عشر والصغيرة حتى تتزوج فى يد الحاضنة دون أجر حضانة إذا تبين أن مصلحتها تقتضي ذلك.

صلاح فايز، الخبير القانوني، يشدد على ضرورة توقيع عقوبات واضحة وصريحة على الأباء والأمهات الذين يتعمدون منع الطرف الآخر من رؤية الطفل، لكونه حق مشروع دينيًا وقانونيًا.

يقول إن من ناحية الأب، فأنه يقوم بدفع نفقة زوجته ومصاريف طفله، من أجل أن يكون له الرؤية الشرعية، التي حددها القانون، خلال سنوات حضانة الأم له، ولا يحق لها حرمانه من ذلك.

يضيف: "أما من ناحية الأم، فأن أولى الناس بحضانته هي الأم، لذلك كان القانون قديمًا يجعلها للأم ومن ثم أم الأم وأم الأم، وتؤول الحضانة للأب في حالات ضيقة فقط، فلا بد أن يراعي القانون الجديد الطرفين".