رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«مجنون يا ليمون».. هل توقف الزراعات التعاقدية الارتفاع الجنوني في أسعار الخضروات؟

الليمون
الليمون

يوميًا تذهب "هدى أحمد" ربة منزل، إلى السوق القريب من منزلها في محافظة الجيزة، لتبتاع كل ما يلزمها من خضروات وفاكهه؛ لتفاجئ كل يوم بأسعار تختلف عن أسعار نفس هذه السلع باليوم السابق، فلم تعد لديها قدرة على ضبط ميزانية المنزل، بسبب الاضطراب الذي يحدث في الأسعار بالارتفاع فقط.

"هدى" هي واحدة ضمن كثيرات من ربات المنازل المصريات، اللاتي يفاجئن كل يوم بتغيير جديد في أسعار الخضروات والفاكهة بلا مبرر، ما أدى ببعضهن إلى الامتناع عن شرائها. "الدستور" حاولت الوقوف على مبررات الارتفاع الجنوني الذي أصاب الخضروات والفاكهة، لاسيما مع عودة الحديث عن تفعيل مركز الزراعات التعاقدية.

واتساقًا مع ذلك، فإن كثيرًا من أعضاء مجلس النواب، طالبوا بتطبيق القرار الجمهورى رقم 14 لسنة 2015، الخاص بإنشاء مركز الزراعات التعاقدية، وذلك بشأن تسعير المحاصيل قبل الزراعة بوقت كاف لتحقيق هامش ربح للفلاح خاصة فى المحاصيل الاستراتيجية وأبرزها القمح، والذرة، وقصب السكر، والقطن، والبنجر.

أنشىء المركز بقرار وزاري أصدره الدكتور عبدالمنعم البنا، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، في 5 فبراير 2018، برقم 159 والذي قضى بتشكيل مجلس إدارته؛ وذلك تنفيذا لقرار رئيس الجمهورية، الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالقانون رقم 14 لسنة 2015.

ويقضي مركز الزراعات التعاقدية، بضرورة إبرام عقد بين المنتج والمشترى يلتزم بموجبه المنتج بالتوريد، طبقًا للكميات والأصناف والجودة والسعر وغيرها من الشروط التي يتضمنها العقد، وإنشاء قاعدة بيانات ومعلومات ثم إتاحتها لمن يطلبها من المنتجين أوغيرهم من المتعاملين بالسوق.

ولم يقوم المركز منذ إنشاؤه بدوره على أكمل وجه، في إبرام العقود الاسترشادية بين المنتجين والمسوقين، حيث أن المركز عانى كثيرًا من عدم توافر مقر ثابت له، وهذا ما صرح به رئيسه السابق الدكتور شعبان علي سالم.

فهل بالفعل يستطيع مركز التعاقدات حل أزمة ارتفاع المحاصيل الزراعية؟. الإجابة جاءت على لسان فلاحون ومنتجي تلك المحاصيل في السطور التالية، يقول "أحمد حامد" أحد مزارعي البطاطس، أن التعامل بالزراعة التعاقدية يعد وسيلة من وسائل الآمان له ولغيره من المزارعين.

يضيف: "يضمن أن يجد مشتري لمنتجه كما أن بذلك تنعدم فرص خساراته بعد الزراعة، فالزراعة التعاقدية تجعله يقبل على زراعة المحصول المطلوب بالسوق وبالكميات المطلوبة، وعدم اللجوء لزراعة محصول آخر لا يجد بعد زراعته من يشتريه.

أحمد حسين، أحد مزارعي الطماطم، يرى أن المنتجين يتعرضون للعديد من مظاهر جشع التجار، الذين يقومون بشراء المحصول الزراعي من المنتج بسعر بخس ثم يبيعونه للمستهلك بأسعار مرتفعة، محققين بذلك أرباحًا عالية، ويظل الفلاح والمستهلك هم من يدفعون الثمن دائمًا.

يوضح أن الزراعات التعاقدية ستحمي كل من المزارع والمستهلك من جشع التجار، قائلًا: "أنا بزرع علشان أكسب مش علشان اخسر والمستهلك مش حمل ارتفاع أسعار".

بينما يرجع " طلال أبو حجر" أحد مزارعي البصل ومصدريه، ارتفاع أسعار المحصول إلى تخزينه من بعض التجار واحتكاره لفترات طويلة، لذا يلجأ المزارعين بعد ذلك بالعام المقبل إلى الاسراع بزراعته، فيكثر وجوده بالسوق ومن ثم ينخفض سعره، موضحًا أن عملية البيع والشراء هي مسألة عرض وطلب ولا يمكن السيطرة عليها وعلى أسعار السلع.

بينما يرى الدكتور جمال محمد صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي بزراعة القاهرة، أن نظام الزراعات التعاقدية، لم يُطبق إلى الآن بمصر بشكل الأمثل والواسع، موضحًا أنه إذا تم تطبيقه بشكل سليم ستتم السيطرة على سوق المحاصيل الزراعية بالأسواق وأسعارها والقضاء على حلقات الوسائط العديدة.

ويوضح أن التجار هم الذين يلعبون دور الوسيط بين المنتج والمستهلك، ويحققون أرباحًا واسعًا على حساب كلًا من الطرفين حيث أن التاجر يحصل على أرباح حوالي 70% من صفقة بيع المحصول الزراعي للمستهلك.

يضيف: "هناك بالفعل اتجاه إلى التوسع بمجال الزراعات التعاقدية، لكنه لن يؤتي بثماره إلا بعد القضاء على التقصير الكائن بالمنظومة الزراعية المتكاملة، والذي يتمثل في ضرورة إنشاء مجالس سلعية خاصة، لكل سلعة.

يوضح أن من شأن المجلس السلعي التنظيم الكامل؛ لإنتاج كل المحاصيل وبالتالي تشجيع نظام الزراعات التعاقدية، الذي بدوره يسيطر على أسعار السلع بالأسواق ويقضي على الزيادة الهائلة لأرباح التجارعلى حساب المزارع والمستهلك.

ويذكر أنه بنهاية العام الماضي، اشتعلت أزمة محصول البطاطس وذلك بعد ارتفاعها بسبب تخزين عدد كبير من التجار لكميات ضخمة منها، ما تسبب في ارتفاع أسعارها البطاطس من 6 أو 7 جنيهات إلى 15 جنيها خلال أسبوع واحد، نتيجة قلة المعروض، كذلك يشهد الليمون حاليًا ارتفاع جنوني في أسعاره وصل في بعض الأسواق إلى 100 جنيهًا للكيلو.