رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قالوا لهم «أُفٍّ».. حكايات خاصة من دفتر آلام «المُسنين»

جريدة الدستور

"صرفت عليهم دم قلبي وتعبت في تربيتهم، وفي الاخر رموني في دار مسنين"، كلمات تقولها "أمينة عبدالعال"، سيدة مسنة، تشكو من سوء معاملة أولادها الثلاثة لها بعد بلوغها ال 70 عام، وإصابتها بضعف السمع وضعف النظر؛ نتيجة الأمراض التي عانت منها في العشر سنوات الأخيرة.

وتقول "أمينة"، أن أصغر ابنائها كان يتشاجر معها دائمًا؛ بسبب رغبته في الاستحواذ على الشقة التي تعيش بها ليتزوج بداخلها، لكن الأم كانت ترفض هذا القرار معلقة عليه "مش هتورثوني بالحيا"، لكن الابن ظل يتحايل عليها، حتى تمكن من طردها من البيت لينقلها إلى دار مسنين بمدينة المحلة الكبرى بحجة أنها مريضة وفي حاجة إلى الرعاية الكاملة.

لم تكن "أمينة" هي المُسنة الوحيدة التي عانت من سوء معاملة أولادها وزجها في دور الرعاية، لكن كثيرات غيرها يتعرضن يوميًا لتلك المعاملة الجافة من أولادهن، ولذلك أحيت منظمة الصحة العالمية يومًا عالميًا؛ للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين، وسط توقعات بزيادة سوء معاملة المسنين والمسنات مع تزايد أعدادهم حول العالم، وشنت المنظمة حملات عدة لهذا الأمر.

"سيدة" طردها ابنها من منزلها بعد اصابتها بفشل كلوي
"سيدة محمد" 82 عامًا من محافظة الدقهلية أم لـ7 رجال، أصيبت وهى فى بداية الثمانينات بفشل كلوي استدعى ذهابها إلى أحد مراكز الكُلى 3 مرات أسبوعيًا للغسيل الكلوي، ويسكن معها في شقتها ابنها الأصغر وزوجته وأولاده.

تناوب على خدمتها ثلاثة من زوجات ابنائها بالإضافة إلى ابنتها التى تخطت هي الأخري الـ60 من عمرها، وتعاني من آلام شديدة فى العمود الفقري تمنعها من الوقوف والحركة إلا بصعوبة، بيد أن خدمة زوجات أبنائها لها كان بها الكثير من التأنيب والعنف بسبب تصرفاتها اللاإرادية التي تخرج منها بسبب ضعفها ومرضها.

تقول" شيماء أحمد" 30 عامًا حفيدتها: "عاشت جدتي عام كامل بعد مرضها في شقتها مع عمي الأصغر، قاست فيه من معاملة زوجته لها أسوأ ماعانت من مرضها الشديد، ورغم أننى ووالدتي كنا دائمًا معها ونخدمها قدر استطاعتنا، لكن زوجة عمي الأصغر كانت تجلس معها الوقت الأطول لطبيعة سكنهم فى شقة واحدة".

وتابعت استيقظنا في أحد الأيام وكنت كالعادة فى طريقي لشقة جدتي، لأفاجئ بزوجة عمى تقول لي أنها انتقلت للعيش مع ابنتها، واستطردت علمت من الجيران أن عمي أحضر سيارة ليلًا ونقلها إلى منزل عمتي بعد مشادة كلامية بينهم قال فيها عمي لأخته أن زوجته لن تخدمها أكثر من ذلك.

ظروف منزل عمتي لم تكن ملائمة لعيش جدتي فيها، تقولها الفتاهة، موضحة أن عمتها مريضة تحتاج من يرعاها وكل أبنائها متزوجين، وزوجها قاسي، لن يتحمل مرض جدتها وبالفعل مضت الجدة شهرين فقط في منزل عمتها، وانتقلت مرة أخري إلى منزل عمها الأكبر ولم تمكث لديه أكثر من شهر حتى وافتها المنية.

خالد عبدالحفيظ، اخصائي اجتماعي، يشير إلى أهمية الاستماع الجيد لأحاديث المسنين والمسنات؛ لشعورهم الدائم بالاحتياج للأشخاص المقربين لهم، وقضاء معهم أطول وقت ممكن بجانب الرعاية الكاملة، بالإضافة إلى الاستجابة لمطالبهم حتى وأن كانت غير متوقعة؛ لأن تصرفاتهم في هذه المرحلة تشبه تصرفات الأطفال.

يضيف "خالد" أنه من السهل اشغال وقت المسنين والمسنات بوضع أولويات لهم في حياتهم تمكنهم من ضياع الوقت بها، مع مراعاة ضعفهم في هذا السن تحديدًا، فالمسن والمسنة لهم حق الرعاية من قبل ذويهم كما أدوا دورهم في تربية وتعليم أولادهم.

ابن يحبس والدته لساعتين فى غرفتها
"تعالت صراخاتها لساعات طويلة دون جدوى حتى تدخلنا وكان الموقف الأغرب الذي أشاهده في حياتي" تقولها هبة شمس 30 عامًا من سكان مصر الجديدة، التي تقص ما حدث لجارتها المسنة، قائلة: "لم أدرك أن جحود الأبناء من الممكن أن يوصلهم لهذا الوضع".

توضح جارتي سيدة عجوز تعدت الـ80 عامًا تعيش مع ابنها وزوجته منذ سنوات، وكنا دائمًا ما نسمع صوتهم عاليًا لكنني أدرك أن هذا طبيعي ويحدث في جميع المنازل، مضيفة في إحدى الليالي كان الصراخ متواصل وقوي فطرقت الباب عليهم أنا وزوجي بعد أن شعرنا بالقلق، وفوجئنا بجارنا يقول أنها أمه وأنه يعاقبها لأنها اخطأت فحبسها فى الغرفة.

تقول: "ظلت لأكثر من ساعتين تنادي عليه ليخرجها دون جدوي ثم بدأت تنادى على زوجته دون جدوى أيضًا، عندما حاولنا أن نمنعه عن فعله لم يفلح الأمر معه وكانت والدته قد هدأت وأغلب الظن أنها نامت من التعب والإرهاق".

الأرقام الرسمية بحسب إحصائية صدرت عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2018، تقول أنه بلغ عدد المسنين 6.410 مليون مسن عام 2018 (3.418 مليون ذكر، 2.992 مليون أنثى) بنسبة 6.7% (6.9% ذكور، 6.4% إناث) من إجمالي السكان ومن المتوقع إرتفاع هذه النسبة إلى 11.5% عام 2031.

فيما بلغ عدد الأسر التي يرأسها مسن 4.542 مليون أسرة، بنسبة 19.4% من إجمالي الأسر المصرية، وذلك وفقًا لبيانات التعداد العام للسكان والإسكان والمنشآت عام 2017، وبلغت نـسبة المسنـين الحاصلين على مؤهل جامعي فأعلى 8.8% (12.3% ذكور، 4.7% إناث) من إجمالى المسنين عام 2017.

ووصل عدد المسنين المشتغـلين 1.256 مليون مسن عام 2017، منهم 54.1% يعملون فى نشاط الزراعة والصيد، و15.4% يعملون في نشاط تجارة الجملة والتجزئة، و5.5% يعملون في نشاط النقل والتخزين.

وبلغت نسبة عقود الزواج بين المسنين بلغت 2.1% من إجمالي عقود الزواج، بينما بلغت نسبة إشهادات الطـلاق 9.1% من إجمالى الإشهادات عام 2017، ووصلت نسبة الوفيات من المسنين 62.6% (58.0% ذكور، 68.3% إناث) من إجمالي الوفيات عام 2017.