رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل تقلل السرنجات الآمنة من مرضى الإيدز «وفيرس سي»؟

جريدة الدستور

كان "براء" 8 أعوام، يجري خلف شقيقه الأكبر وهم يلعبان أمام منزلهما، قطعا مسافة طويلة من الجري والضحك، وفجاءة شعر الأول بوخز عنيف في قدمه، فسقط على الأرض وظل يصرخ ويبكي، دون أن يعلم شقيقه السبب وماذا حدث له.

أسرعت شيما نحوه، بعدما سمعت صياح أحد جيرانها عليها، فوجدت سرنجة ملوثة دخلت في قدمه، كانت ملقاة على الطريق من قبل إحداهم بعد استخدامها، ولم يلاحظها الصغير، الذي نزفت قدمه.

عانى "براء" من ارتفاع درجة حرارة جسده، ما جعل الأطباء يشكون في أن السرنجة كانت ملوثة بفيروس ما، إلا أنه أجرى تحليلات دم عديدة، أثبتت أن السرنجة كانت ملوثة من الهواء فقط وليس فيروس.

تقول والدته: «التحاليل طمأنتنا أن السرنجة لم تكن تحمل فيروس بمرض، ولكنها كانت مستخدمة فقط من قبل، وبدلًا من إعدامها بالطريقة الصحيحة، ألقاها صاحبها على الأرض وأصابت ابني».

«براء» لم يكن الوحيد الذي تعرض لتلوث بسبب السرنجات المستعملة من قبل، ولكن هناك كثيرون يصل الأمر معهم إلى حد الإصابة بمرض الإيدز، نتيجة استخدام تلك الحقن أكثر من مرة أو إلقائها في الطرقات.
ولذلك، اتجهت وزارة الصحة منذ فترة طويلة نحو فكرة السرنجات ذاتية التدمير، التي يتم استخدامها مرة واحدة فقط، وتدمر نفسها عقب الاستخدام الأول، إلا أن الأمر لم يتم تنفيذه.

وبالأمس، تم توقيع بروتوكول تعاون بين وزارة الصحة والهيئة العربية للتصنيع، يستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من السرنجات الآمنة ذاتية التدمير، وتدبير احتياجات وزارة الصحة كافة من الأجهزة والمستلزمات الطبية المتطورة.

وخلال بروتوكول التعاون، جددت وزيرة الصحة، تأكيدها على وقف استخدام السرنجات العادية، واستبدالها بالسرنجات الآمنة ذاتية التدمير في جميع الجهات الحكومية، بداية من شهر يوليو 2020، طبقا للقرار الوزارى فى هذا الشأن.

وأوضحت أن الاعتماد على منتجات الهيئة ذات الجودة العالية، سيلبي احتياجات مصر ليس فقط بل سيجعلها تصدر منتجاتها الطبية، إلى أغلب دول العالم بما تمتلكه من معايير تصنيع ذات جودة عالمية.

والحقن ذاتية التدمير تستخدم لمرة واحدة فقط، ويكون من الصعوبة بمكان تكرار الحقن بها، وتوجد في بعض الأنواع نقطة ضعيفة في المكبس (الذراع البلاستيكي الذي يدفع العلاج داخل الحقنة)، تؤدي إلى كسرها إذا حاول المستخدم أن يجذب المكبس بعد استعمالها لأول مرة في الحقن.

ويوجد في البعض الآخر مشبك معدني، يعوق المكبس بحيث لا يمكن جذبه إلى الخلف، بينما تنسحب الإبرة في البعض الآخر إلى داخل أنبوب الحقنة بعد استخدامها مباشرة.

لم يكن «ماجد» 26 عامًا يعلم أنه مُصابًا بفيروس سي، إلا حين أجرى تحليل دم وهو مقبل على الزواج، ليكتشف أنه مصاب بالمرض منذ أيام قليلة ولم يكن يعلم، حتى فوجئ بالأمر.

وحين ذهب إلى الطبيبة أخبره أن الأمر لن يخرج عن تلوث أصيب به، بسبب حقنة أو سرنجة ملوثة تم استخدامها من قبل، وانتابتها شكوك بإنه قد يكون مصابًا بالإيدز أيضًا.

يقول: «الطبيبة توقعت أن أكون مصابًا بفيروس سي، وبالفعل أجريت تحاليل له كلفتني 210 جنيهًا، وتحاليل فيرس B كانت بـ100 جنيهًا، وتأكدت إنني مُصابًا فقط بفيروس سي».

سبق وفجرت وكيل نقابة الأطباء السابق الدكتورة منى مينا، مفاجأة خلال تصريحات تلفزيونية بتأكيدها أن المستشفيات الحكومية تستخدم السرنجات أكثر من مرة، لأكثر من مريض مختلف؛ قائلة: "نضطر لهذا الأمر عندما يكون هناك عجز في الأدوية أو المستلزمات".

إلا أن وزارة الصحة أعقبتها ببيان نفت فيه ذلك، وأعلنت عن توقيعها بروتوكول تعاون مع وزارة الإنتاج الحربي؛ لإنشاء مصنع السرنجات ذاتية التدمير، بتكلفة 17 مليون دولار لإنتاج 50 مليون سرنجة سنويًا.

الأرقام الرسمية من واقع بيانات وزارة الصحة، تقول أن مصر تستهلك نحو ملياري سرنجة سنويًا، والتي تعتبر السبب الأول والرئيسي في الإصابة بفيروس "سي" ومرض الإيدز.

أما منظمة الصحة العالمية، فتقدر مصابي فيرس سي عن طريق العدوى، بـ 1.7 مليون شخص، منهم 315 ألف في مصر، و33800 حالة بالإيدز عالميًا بسبب استخدام السرنجات غير الآمنة.

وبحسب إحصائيات وزارة الصحة والسكان، ومنظمة الصحة العالمية، فإن 8% من الحقن في مصر يجري بشكل غير آمن، بما يُعادل 23 مليون حقنة سنويا، ما يؤدي لوفاة 400 ألف حالة سنويا جراء العدوى المنقولة إليهم من "الحقن غير الآمن.

مازن الشهدي، صيدلي، يقول أن السرنجات الآمنة هي واحد من القرارات المهمة الفعالة التي اتخذتها وزارة الصحة؛ فتعتبر السرنجات العادية، أخطر ما يكون في نقل الأمراض، حتى وإن حرص مستخدم هذه السرنجة على غلقها والتخلص منها في القمامة.

يوضح ذلك، بإن هناك من يبحث عن هذه السرنجات ويقوم بتجميعها مرة أخرى لإعادة تدويرها أو استخدامها، مشيرًا إلى أن استخدام السرنجات الآمنة كبديل للسرنجات العادية، يضمن عدم استخدام هذه السرنجات مرة أخرى نهائيًا لأنها ذاتية التدمير، أي تُستعمل مرة واحدة فقط، ولا يمكن استخدامها مرة أخرى.

يؤكد لـ«الدستور» أن فكرة هذه السرنجة أنها تعمل بمكبس، عندما تضغط عليه لحقن الدواء فهذا المكبس لا يعود كالسابق، ولا يمكن أن تستخدم السرنجة سوى مرة واحدة فقط.