رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تزامنًا مع المنتدى.. نرصد حكايات أفارقة يعيشون في مصر: «بلد آمن»

جريدة الدستور

في منطقة أرض اللواء، وتحديدًا بشارع الشهداء، تقبع قهوة شعبية، تبدو للوهلة الأولى إنها ذات ملامح مصرية، إلا أن القوة الأكبر منها هم الأفارقة، ذوي الجنسيات والبلدان المختلفة، ما بين السودان والحبشة وإريتريا والصومال وإثيوبيا، إذ تضم تلك المنطقة وحدها أكثر من 30 ألف إفريقيًا.

على ثلاثة مقاعد صغيرة وطاولة خشبية، اجتمع "عمرو، وجمال، وآمن"، ثلاثة أفارقة جنسياتهم بالترتيب السودان، الصومال، إريتريا، اختلفت فيما بينها، يقول الأول منهم الذي سافر إلى مصر منذ عامان: «مصر بلد آمان منذ أن سافرنا إليها».

الثلاثة أفارقة ضمن حوالي 5 مليون لاجئ من الدول الإفريقية، موجودن في مصر، لدى كل منهم حكايات مختلفة حول السنوات التي قضاها هنا، استمعت إليها «الدستور» تزامنًا مع المنتدى الأفريقي الأول لمكافحة الفساد الذي استضافته مصر ذلك العام في مدينة شرم الشيخ، بمشاركة 51 دولة أفريقية، و4 دول عربية.

يعيش «عبدالهادي» في تلك المنطقة منذ عامين، يؤكد أن أهالي المنطقة تقبلوا وجودهم منذ اليوم الأول، ورضوا بإن يعيشون معهم على نفس الأرض، بل وبدأ يعمل في المحلات برفقة جيرانه.

بعض المناوشات بالطبع كان يتعرض لها الشاب في بداية الأمر، إلا أنها لم تصل إلى حد التنمر أو الاستهزاء، موضحًا أن معظم أصحاب العمل، يعتمدون بشكل كبير على الأفارقة وذوي البشرة السمراء بسبب قوتهم وقدرتهم على التحمل.

أما جمال الصومالي، فهو تاجر ترحال يجلب بضائع (أحذية ومستلزمات نسائية) من تجار مصريين ويقوم ببيعها في السودان للنساء والمحلات، وخلال عمله يتعرض لعمليات نصب كثيرة.

يحكي إنه في إحدى المرات، قام تاجر بإعطاؤه بضاعة مضروبة ورفع سعرها ثلاثة أضعاف، وحين طالبه "جعفر" بحقه هدده بالطرد من المنطقة التي يعيش فيها، مبينًا أنه قام بتحرير محضر له وبالفعل استرد أمواله بالتعاون مع أحد الضباط.

الشاب الإيرتري "أمن"، لم يختلف كثيرًا عن أصدقاؤه السابقين، فحاله مشابه لهم، فهو يدرس ويعمل، جاء إلى مصر منذ شهرين فقط، وقطن في منطقة أرض اللواء، ويقول: «نتعرض لبعض المضايقات إلا أننا في كل الأحوال نعلم أنهم قلة قليلة من المصريين، ونعيش كأنها أرضنا ونحن إخوة».

بحسب منظمة الأمم المتحدة، فإن أغلب اللاجئين في مصر من دول إفريقية، قارب عددهم من 5 مليون لاجىء يقيم في مصر، فهناك ما يقارب من 280 ألف لاجئ من بلاد السودان وجنوب السودان، وأيضًا يوجد حوالي أكثر من 6000 لاجئ صومالي، ويصل عدد لاجئي دولة أريتريا إلى 5000، ونحو أكثر من 600 ألف، ونحو ٣٠٠ ألف شخصًا أفريقي غير مسجل.

فيما سبق وأصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2014، وهي آخر إحصائية له في شأن الأجانب العاملين بالقطاع الخاص والاستثماري، معلنًا عن تراجع نسبتهم بنحو 8.3%، مفندًا أن عدد الأجانب الوافدين من الدول الأفريقية "غير العربية" أقل الأعداد بنحو 141 أجنبيا بنسبة 1 %.

بينما أظهرت إحصائيات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عام 2016، أن هناك 50 ألف إفريقي متواجدون في مصر، ما بين لاجئ وطالب لجوء إفريقي -إثيوبيين وإرتيريين وصوماليين وسودانيين- بينما الأعداد الحقيقية للمتواجدين منهم في مصر أكثر من هذا بكثير بما يتجاوز أضعاف هذا الرقم، حيث إن أعداد المهاجرين السودانيين الحقيقية تتجاوز 4 ملايين، حسب تقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية 2011.

4 سنوات عاش فيهم "حسن"، عانا في الأولى منها من عدم وجود عمل أو قدرته على الالتحاق بالدراسة، إلى جانب صعوبة وجود سكن غير مكلف كثيرًا من الأموال ولا يستغله صاحبه.

يؤكد أن العام الأول له فقط كان صعبًا، بسبب عدم تقبل الأهالي والجيران له، وممارسة البعض للتنمر عليه، إلا أنه بمرور الوقت اندمج معهم وأصبح نسيجًا واحدًا مع المصريين.

لدى حسين ابنه مريضة بالكلى، وأجرت عملية جراحية في بلاده الصومال قبيل السفر إلى مصر، وحين أتت تحتاج إلى أدوية وعلاج بتكاليف باهظة، ما أدى به اللجوء إلى جمعيات رعاية الأفارقة في مصر، ووزارة الصحة.

وبالفعل يحصل بشكل شهري الرجل على العلاج الخاص بنجلته، يقول: «المعيشة في مصر تكون صعبة في البداية ولكن بمرور الوقت والسنوات نندمج مع الشعب المصري ونصبح كيان واحد».

يذكر أن مصر تمنح حق اللجوء إليها، وفقا لشروط وقواعد منصوص عليها فى المادة ٩١ فى دستور ٢٠١٤ والذى يكفل الحماية للاجئين إلى مصر طلبا للحماية.