رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدبلوماسي جمال بيومي: بريطانيا تفكر في حظر «الإخوان» (حوار)

جريدة الدستور

- الدبلوماسى السابق قال إن مصر استطاعت إقامة علاقات أكثر توازنًا مع الغرب
قال السفير جمال بيومى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن مصر نجحت فى إدارة الملف الخارجى والتصدى لـ«جماعات الشر» الموجودة بالخارج، مشيرًا إلى أن مصر استطاعت خلال فترة تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى إقامة علاقات أكثر توازنًا مع الغرب، خاصة على المستويين السياسى والاقتصادى.
وأضاف «بيومى»، فى حواره مع «الدستور»، أن مصر هى الدولة الوحيدة فى المنطقة التى تمكنت من الوقوف على قدميها، وبدأت خطوات جادة للإصلاح الاقتصادى، على عكس ما يحدث فى الدول المحيطة، لافتًا إلى أن القاهرة تعمل على إنهاء النزاعات المسلحة فى إفريقيا.
■ بداية.. كيف ترى التحرك المصرى على الصعيد الخارجى؟
- السياسة الخارجية المصرية نشطة جدًا، بسبب موقع مصر الجغرافى والتاريخى، فلا يمكن أن نتجاهل محيطنا العربى والإفريقى. نحن نسعى للدفاع عن حدودنا ضد أى أطماع خارجية، والسياسة الخارجية دائما ما تسبق الأحداث للدفاع عن مصالحنا، خاصة أن ثلث ناتج الدخل القومى المصرى يأتى من مصادر خارجية، لذلك لا يمكن أن نتجاهل الخارج.
وأرفض ما يتردد من كلام عن خفض الإنفاق على السفارات، إذ إننا نمتلك مصادر مهمة للدخل من الخارج، من بينها التجارة الخارجية التى تقدر بحوالى 70 أو 80 مليار دولار، وكذلك تحويلات المصريين التى قاربت على الـ20 مليار دولار.
■ متى تراجعت مصر عن دورها الخارجى؟
- عندما تقدم العمر بالرئيس الأسبق حسنى مبارك قلل زياراته الخارجية واستقبال الرؤساء الأجانب، بل وامتنع عن التعامل مع إفريقيا بعد حادث أديس أبابا الشهير، كل ذلك أدى إلى تراجع السياسة الخارجية على المستوى الرئاسى، لكنها لم تتراجع على مستوى السفراء والوزراء، أما الآن فالأمر مختلف. فالرئيس السيسى عزز مكانة مصر دوليًا، بسبب جولاته الخارجية وعلاقاته الشخصية مع زعماء العالم، وقيادات إفريقيا ينظرون إلى مصر الآن بمحبة وود.
والآن دول القارة تعامل مصر معاملة خاصة جدًا، وتسعى لتقريب المسافات معها، وبدأ الرئيس سياسة حكيمة تجاه عمقنا الإفريقى، خاصة فى ظل رئاسة مصر الاتحاد الإفريقى.
وكذلك سياسة مصر تجاه الدول العربية سياسة حكيمة، فأول دولة زارها الرئيس السيسى بعد توليه الحكم كانت دولة عربية، وهناك تواصل دائم مع دول الخليج، ما يُعيد حيوية السياسة الخارجية المصرية، والكل الآن ينظر لنا بتقدير، ولا يوجد دبلوماسى خدم فى القاهرة أو تعامل معها إلا وينظر إليها نظرة شديدة الاحترام.
■ ماذا عن دور مصر بعد توليها رئاسة الاتحاد الإفريقى؟
- تولى مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى له دور مهم، خصوصًا أنها تضع بعض السياسات الخاصة بالاتحاد، وقد نجحنا على مستوى التجارة، ومثالًا «الكوميسا» التى تضم 21 دولة فى شرق إفريقيا، ووقعنا على اتفاقية التجارة الحرة الشاملة لكل الدول الإفريقية، بما يعادل 50 دولة أو أكثر، وهذا سيوسع من دائرة التجارة الخارجية مع إفريقيا.
ومصر تستعيد دورها الإفريقى، ليس على المستوى الاقتصادى فقط، بل إنها تعمل على إنهاء النزاعات المسلحة فى إفريقيا، والتوسط لإنهاء الحروب الداخلية، على نحو ما فعلنه مع الأطراف المتنازعة فى جنوب السودان.
■ بالنظر إلى السياسة الخارجية الجديدة لمصر.. كيف تقيم علاقاتنا مع الدول الأوروبية؟
- مصر استطاعت خلال فترة تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى إقامة علاقات أكثر توازنًا مع الغرب، خاصة على المستويين السياسى والاقتصادى، فضلًا عن مجال مكافحة الإرهاب، وأدركت الدول الغربية أن مصر بوابة الأمن لدول العالم، خاصة القارة الأوروبية، حيث إن العلاقات الخارجية المصرية تستهدف تحقيق الأمن القومى وأمن الدول المجاورة.
■ ما رأيك فى سياسة قطر وتركيا العدائية تجاه القاهرة؟
- يجب أن نفرق بين الشعب القطرى وحكومته، فالشعب القطرى مظلوم، ورغم أن الدوحة دولة صغيرة فإنها يمكنها أن تكون دولة مؤثرة إذا تغير نظامها وانفتحت على العالم بسلام وتخلت عن النظرة العدائية، فهناك مثلا دولة صغيرة مثل «مالطا» تلعب دورًا مهمًا فى جمع الدول الأوروبية بإطلاق مبادرات وتنظيم مؤتمرات، على عكس قطر التى تستضيف جماعات إرهابية وتمول التطرف، إلا أن خططها العدائية تجاه الدول العربية فشلت، فقد حاولت تأجيج الأوضاع فى ليبيا ولم تفلح.
أما تركيا فهى متمثلة فى شخص «أردوغان»، الحالم بالإمبراطورية العثمانية القديمة، ويتصور أنه لا يزال يحتل الدول العربية، وهذا الكلام غير مقبول فى العصر الحديث ولن يقبل بأى شكل، وتركيا الآن أضعف من السابق، وعليها أن تتخلى عن دعمها العناصر المتطرفة، مع الخروج من المناطق العربية التى تحتلها.
■ إلى أى مدى نجحت الدولة فى مواجهة الجماعات المتطرفة؟
- أولًا مواجهة التطرف مواجهة مجتمعية تبدأ من الأسرة، وينبغى أن ننتبه لأولادنا داخل البيوت، كما يجب تنظيم دورات وندوات ووضع مناهج للأطفال داخل المدارس لتحذيرهم من الأفكار المتطرفة، فالدولة ومؤسساتها الدينية مثل الأزهر لن تتمكن بمفردها من مواجهة الأفكار المتطرفة التى تزرع داخل الأسرة.
أما المواجهة على المستويين الإقليمى والدولى، فتبدأ بالتواصل مع الدول الأوروبية التى تأوى العناصر الإرهابية والمتطرفة وإقناعها بخطورة ذلك، وأنا شخصيًا قلت خلال مفاوضات الشراكة المصرية الأوروبية إن هناك دولًا أوروبية تأوى عناصر إرهابية معادية لمصر، وسيأتى يوم وينقلبون على هذه الدول، وكنت أقصد بريطانيا تحديدًا، لأنها تحمى عناصر جماعة الإخوان.
واليوم، تفكر بريطانيا وأمريكا جديًا فى حظر جماعة الإخوان، لكن هذا جاء متأخرًا، ويجب أن تتضافر كل الجهود فى المنطقة لمحاربة الإرهاب، فلا يمكن لمصر وحدها تجفيف منابعه، لذا ينبغى أن يتم تجفيف منابع التمويل الذى يأتى للجماعات المتطرفة بالتعاون الدولى.
■ هل تعتقد أن بريطانيا ستتخلى عن دعم الإخوان؟
- نعم، وبدأت تتخذ خطوات جادة هذه المرة، وسنصل إلى ذلك بتقديم الأدلة على جرائم هذه الجماعة، ومن ثم علينا الاستعداد بجميع الملفات التى تثبت جرائم هؤلاء، وتقدم بصفة دورية إلى أصحاب القرار فى هذه الدول، وكذلك استخدام القوى الناعمة المصرية فى فضح أكاذيب الجماعة، عبر وسائل الإعلام الغربية.
■ بأى درجة نجح إعلام الدول المعادية فى النيل من صورة مصر؟
- مصر نجت من كل المكائد، فهى الدولة الوحيدة فى المنطقة التى تمكنت من الوقوف على قدميها، وبدأت خطوات جادة للإصلاح الاقتصادى، على عكس ما يحدث فى الدول المحيطة، كما أن المصريين فى الخارج والقوى الناعمة المصرية وقفوا بكل قوة ضد هذه المحاولات وعملوا على إفشالها، لذلك يجب أن يكون هناك دعم لهذه القوى.
وقد واجهنا هذه الحروب رغم الحملة الشرسة التى تشن علينا من القنوات التركية والقطرية، التى لا هم لها إلا بث الشائعات عن مصر، وقد استطعنا تفنيد كل هذه الشائعات، بعرض الحقائق على الشعب وفضح الأكاذيب.
■ إذا انتقلنا لملفات الإقليم.. كيف تنظر إلى السياسة الإيرانية؟
- أنا مندهش من وضع إيران، لأن بها مجتمعا مدنيا جيدا ودبلوماسيين محترفين وقابلت كثيرًا منهم فى القمم الإسلامية، ورغم ذلك لديهم أيضا من يُسيس الدين وهذا الوضع لا يرضى أحدًا، فالمذهبية تزيد من الاحتقان وتلهب الأجواء السياسية، ومن المهم أن يجلس الجميع إلى مائدة الحوار مرة أخرى والعودة للمفاوضات، شريطة أن تتوقف إيران عن التدخل فى شئون الدول العربية.
■ هل تتوقع حربًا بين الولايات المتحدة وإيران؟
- لا، فالخطاب الذى نسمعه الآن هو خطاب تهدئة، وحتى فى حال التصعيد فلن يتجاوز الأمر ضربات جوية بسيطة، والولايات الأمريكية لا تستطيع الدخول فى حرب بمفردها، لأن الرأى العام الأمريكى يرفض ذلك، ووجود حرب سيقضى على المنطقة بالكامل، لذلك على إيران أن تلتزم بعدم التدخل فى الشئون الخليجية والدول المجاورة، وأن تتخلى عن مشروعها القديم وتلتزم بما جاء فى قمتى «مكة»، وتدخل فى حوار مع دول الخليج.
■ كيف تابعت قمتى «مكة»؟
- القمتان كانتا ضروريتين للتواصل مع الدول العربية وتوحيد وجهات النظر والتقارب فى الملفات العربية، لأن غياب الدور العربى فى بعض القضايا والملفات ولّد فراغًا كبيرًا، وهذا الفراغ يدعو الدول الأخرى للعب دور بديل، ونحن كعرب يجب أن يكون لدينا موقف موحد وكبير ليكون حل الملفات العربية بأيدٍ عربية وليست أجنبية.
■ كيف يمكن حل الأزمة اليمنية؟
- المشكلة فى اليمن أنه مجتمع «قبلى»، لذلك فإن كل جهة تريد أن تكون هى المسيطرة على الحكم والأوضاع، ولن تحل مشكلة اليمن إلا عن طريق الحوار بين جميع الأطراف، ويجب أن يكون هناك حل يرضى جميع الأطراف، كما يجب وقف العمليات العسكرية كلها وعودة الدولة إلى طبيعتها.
■ ما الطريقة الأفضل فى التعامل مع الحوثيين؟
- جماعة الحوثى هى جماعة إرهابية يجب التصدى لها من كافة الدول العربية، لأنها تريد أن تستولى على مقدرات الشعب اليمنى، لذا يجب أن يكون هناك تكاتف للتصدى لكل أعمالها التخريبية فى اليمن ووقف مصادر تمويلها وتسليحها.
■ إذا تحدثنا عن الشأن الفلسطينى.. كيف تقرأ ما يثار بشأن خطة السلام الأمريكية المعروفة إعلاميًا باسم «صفقة القرن»؟
- أعتقد أن «صفقة القرن» مجرد تسمية إعلامية لا أساس لها، وهى بالونة اختبار تخرج من جهات معادية أو من جهات إسرائيلية ترفض السلام من أساسه، لترى مدى رضاء الدول العربية عن هذه الصفقة، وهل من الممكن أن يكون هناك حل آخر للقضية الفلسطينية بخلاف إقامة دولة خاصة بالفلسطينيين.
وعلينا أن نركز على إطلاق عملية سياسية تحل أزمتى القدس والحدود اللتين تُركتا منذ فترة طويلة، والتوجه إلى المجتمع الدولى بشكل عام وإلى الأمم المتحدة، للضغط على إسرائيل، للدخول فى مفاوضات حقيقية تؤدى إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وحل جميع القضايا الوطنية.
■ كيف يمكن إعادة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟
- لابد أن نُقنع الولايات المتحدة الأمريكية بوجود مصلحة لها فى هذه المفاوضات، لأنها من تستطيع الضغط على إسرائيل، كما يجب أن تكون الدول العربية جادة فى عدم التعامل مع إسرائيل، حال استمرارها فى مخططها الاستيطانى، وفى هذه الحالة سوف تلجأ إسرائيل إلى المفاوضات، كذلك لابد أن تعلم إسرائيل أنها تشارك فى حدود برية مع 200 مليون عربى، وأنه لن يكون هناك سلام دون حل للدولتين.
وفلسطين هى القضية المركزية للعالم العربى لذلك يجب وضعها على سلم الأولويات فى الأمم المتحدة، ومن ثم يجب أن تكون المفاوضات جادة وحقيقية وذات جدول زمنى، لإنهاء كل القضايا بما فيها قضايا الوضع النهائى.
ونحن نؤيد عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية، ولدينا قناعة راسخة بأن حل الأزمة وإقامة الدولتين جزء أساسى من الأمن القومى المصرى.
■ من المسئول عن تعطيل المصالحة بين الفلسطينيين؟
- «حماس» هى المسئولة عن تعطيل المصالحة، لذا ينبغى أن يكون هناك ضغط عليها للتخلى عن طموحاتها فى غزة، وأظن أنه يجب أن تُقدّم خطوات جادة وأن تمكن الحكومة الفلسطينية من أداء دورها داخل القطاع، لأن كل هذا التأخر فى عدم إتمام المصالحة ليس فى صالح أحد، ولا فى صالح القضية ككل.
■ ماذا عما يحدث فى ليبيا؟
- يجب دعم الجيش الوطنى الليبى ووحدة الأراضى الليبية واستقرارها وتضافر جميع الجهود للقضاء على العناصر الإرهابية والمتطرفة الموجودة هناك، ومن المهم وجود توافق بين الليبيين لإعادة بناء الدولة القوية.
■ كيف يمكن إنهاء الأزمة السورية بعد سنوات الحرب الأهلية؟
- الحل السياسى هو الأمل لوقف عملية التدمير والقتل وإعادة الاستقرار، وأن يُحدد السوريون شكل علاقاتهم ونظام حكمهم من خلال الحوار والحل السياسى، وكذلك يجب أن تكون هناك حكومة تجمع كل الفصائل.