"التأديبية" تفصل معلم تحرش بطالبات داخل مدرسة في الجيزة
أصدرت المحكمة التأديبية بمجلس الدولة، برئاسة المستشار الدكتور معتز أبو زيد، نائب رئيس المجلس، وعضوية المستشارين محمد الوكيل وضياء الدين محمود، نائبي رئيس المجلس وسكرتارية أمين حسن، قرارًا بفصل معلم أول لغة عربية بإحدى المدارس الإبتدائية بإدارة منشأة القناطر التعليمية بمحافظة الجيزة، بعد ثبوت ارتكابه وقائع تحرش ببعض تلميذات الصف السادس الإبتدائي، في القضية رقم 369 لسنة 60 قضائية.
بدأت وقائع القضية بمذكرة المستشار محمود عبدالحليم، ووافق عليها المستشار طارق عبدالرحمن، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، والتي تضمنت أن النيابة تلقت بلاغًا من مديرية التربية والتعليم بالجيزة بشأن المأمورية رقم 9622018 ضد المتهم "ر. ز. أ" معلم أول لغة عربية بإحدى المدارس الإبتدائية التابعة لإدارة منشأة القناطر، يتهمه بالتحرش الجنسي ببعض تلميذات الصف السادس الابتدائي.
وأرفق بالبلاغ قرار الشئون القانونية بالمديرية بسحب قرار الجزاء الصادر قبل المتهم بخصم خمسة عشر يومًا من راتبه، لارتكابه واقعة التحرش الجنسي ببعض التلميذات، وإحالة الأوراق إلى النيابة لجسامة المخالفة، مع استبعاد المتهم من العمل بالمدارس، وملف التحقيق الإداري بالشئون القانونية المتضمن ثبوت وقائع تحرش المتهم بالتلميذات، وأقوال مديرة المدرسة التي أكدت صحة الواقعة.
وبسؤال مدير المدرسة، قررت أنه يوم الإثنين 4 ديسمبر من العام الماضي، حضرت عمة إحدى التلميذات، وذكرت عدم رغبتها في الحضور إلى المدرسة وتكرار ذلك من بداية العام، بسبب خوفها من مسئول معمل الأوساط لتحرشه بها داخل المعمل، حيث كان المتهم مكلفًا بالتدريس لبعض فصول المرحلة الرابعة والسادسة وليس الخامسة.
وأفادت "عمة الطالبة" بأن التحرش حدث في الفصل الدراسي الثاني، وهو كان مكلفًا بالتدريس لها في فصل 4 1، وأضافت أنه تم سؤالهما عن سبب عدم تقديم الشكوى في حينه، فأفادت بعدم معرفتها بالواقعة من التلميذة إلا بداية هذا العام بعد عزوفها عن الذهاب للمدرسة، وأنه فور علمها بذلك بادرت بتقديم شكواها.
وأكد مدير المدرسة، أنه تم فور ذلك تم إبلاغ الإدارة التعليمية في صباح اليوم التالي بالواقعة، حيث حضر مدير ووكيل الإدارة ومدير المرحلة، وتم سؤال بعض التلميذات وثبت صحة الواقعة.
وبسؤال التلميذة "ف. ج. ع" بفصل 5 1 قررت أنه في نهاية العام الدراسي الماضي كانت مقيدة بفصل 4 1 والمدرس "ر. ز" كان يقوم بالتدريس لها، وأنه مسئول عن المعمل، وحدث أن طلب منها التوجه إلى المعمل لرؤية ما إذا كان هناك أتربة بالمعمل من عدمه، وعقب ذلك دخوله خلفها وأغلق الباب، وأشار لها بالنظر إلى لوحة بها المجموعة الشمسية معلقة على الحائط، وطلب منها ملامسة كوكب زحل وهي حاولت ولم تستطع، فقام بالاقتراب منها من الخلف واحتضنها وحاول نزع ملابسها لكنها قاومته، ففتح الباب وتركها تخرج باكية، ولم تقم بإخطار أحد، وأكدت أنه حاول تكرار ذلك وطلب منها التوجه إلى المعمل بعد ذلك، إلا أنها رفضت، مضيفة أنها أخطرت عمتها بذلك في بداية العام الحالي لخوفها منه وعدم رغبتها التوجه إلى المدرسة.
وبسؤال "أ. ط. أ" بفصل 6 1 قررت أن المتهم كان يقوم بالتدريس لها في الفصل الدراسي الأول من العام الدراسي الماضي قبل ترك المدرسة، وأنه قام بإنزال زملائها، وطلب منها البقاء في المعمل، ووضع يديه حول رقبتها وقبلها على خدها وطلب منها عدم إخبار أحد، مشيرة إلى أنها كانت تعتقد أن هذا الفعل عادي حتى معرفتها بواقعة زميلتها، وفي بعض الأحيان كان يقبل بعض التلميذات بزعم أنه في سن والدهم.
وانتهت تحقيقات النيابة الإدارية إلى صحة الوقائع المنسوبة للمتهم، وأنه تحرش جنسيًا ببعض التلميذات داخل معمل الأوساط، وبفناء الدور الثاني بالمدرسة، ولم يحافظ على طبيعة وظيفته واحترامها، حيث ثبت قيامه بارتكاب أفعال خادشة للحياء مما يؤكد سوء سلوكه، وأحيل المتهم للمحكمة التأديبية التي قضت بفصله من الخدمة.
أكدت المحكمة في أسباب حكمها أن هذه العينة من المدرسين الذين ائتمنوا على الطالبات خانوا الأمانة، وإنما لا يعبثون فقط بما حرمه الله ومنع فعله وأنهم لا يرتكبون فقط فعل شنيع محرم نهت عنه كافة الأديان السماوية وترتب على ارتكابه أشد وأقصى العقوبات، إلا أنهم أيضًا يعبثون ويدمرون حياة كاملة للطالبات الذي أوقعهم سوء حظهم العاثر في قبضة هؤلاء المجرمين من أية مشاعر إنسانية ممن استحلوا هتك الأعراض دون رقيب أو حساب أو خوف من رب العباد، وأنهم بارتكابهم لتلك الأفعال فإنما يقدمون إلى الوطن جيلًا مشوهًا نفسيًا وجسمانيًا سوف ينشأ في ظل الخوف والرعب والرهبة من التعامل أو الاحتكاك بصنوف البشر لما تعرضوا إليه في عمر الطفولة.
وشددت المحكمة على أن توقيع أقصى درجات العقاب هي السبيل الوحيد الذي يسمح بالقضاء على مثل هؤلاء ممن استحلوا أعراض الغير، بل إن هيئة المحكمة قد تجد في وجدانها أن حتى أقصى درجات العقاب التأديبي قد لا تجدي نفعًا من حيث جسامة الفعل المرتكب من قبل المتهم الذي لم يراع لا حرمة الدين أو قدسية المكان أو أن أولياء الأمور استأمنوه على حياة هؤلاء الأطفال نفسيًا وجسمانيًا وعصبيًا وثقافيا.
وانتهت المحكمة أن المتهم بارتكاب تلك الأفعال يقضي تمامًا على براءتهم ويحولهم إلى جيل مشوه وهو ما ترى معه المحكمة واستقر في وجدانها ووقر في ضميرها وعقيدتها أن توقيع أقصى درجات العقاب على المتهم من بتر تلك العينة من البشر قد يكون العلاج الوحيد لأمثال هؤلاء، ومن ثم فإنها قد ثبت في يقين المحكمة صحة ثبوت هذه المخالفة في حق المتهم الأمر الذي يشكل في حقه ذنبا إداريا يتمثل في خروجه على مقتضى الواجب الوظيفي مما يستوجب مؤاخذته تأديبيا ومجازاته عن هذه المخالفة بالفصل من الخدمة.