رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الوحيد فى إفريقيا.. تعرف على شروط الالتحاق بمعهد النقل النهرى

جريدة الدستور

في الأعياد، تجد إقبالًا على المراكب والأتوبيسات النهرية، فهي نزهة "على أد الإيد"، تستمتع
خلالها بالهواء النقى والمناظر الخلابه، لكن هل جال بخاطرك أسئلة عن سائقي المركبات، هل هم خريجو مدرسة أو معهد متخصص أم يحترفون المهنة مثل غيرهم من السائقين ؟

مع البحث، وجدنا أن هناك معهد أوحد يتخرجون منه بعد دراسة أصول الملاحة النهرية، وكذلك صيانة المركبات حال تعطلها، ومن هنا كانت رحلتنا إلى المعهد الأقليمي للنقل النهري، الوحيد على مستوى مصر وأفريقيا المتخصص فى تدريب العمالة النهرية، منذ إنشائه عام 1973 وافتتاحه عام 1976، أيضًا كانت لنا رحلة أخرى إلى المدرسة الثانوية الصناعية للنقل النهري الملحقة بالمعهد لتخريج الكوادر الفنية منذ عام 1980، وفيه يتم تدريب الدارسين على أحدث أجهزة المحاكيات المتخصصة في المجال النهري.


في جولتنا إلى المعهد، انطلقنا من محطة الزهراء تجاه أثر النبي في مصر القديمة، لنجد سور طويل يقع خلفه المدرسة والمعهد، يمتد من المتحف الجيولوجي وحتى الهيئة العامة للنقل النهري.

ورغبة في الوقوف عند تدرج المراحل التعليمية داخل هذة المنظومة الخاصة بإعداد قادة النقل النهري، تعرفنا على النظام التعليمي داخل المدرسة التي تعد الخطوة الأولى لإعداد العمالة النهرية التي تشرف هيئة النقل العام عليها، وتتولى وزارة التربية والتعليم الإشراف على الجانب الإداري والمواد العلمية، أما الجانب الهولندي" الرائد في مجال النقل النهري" فهو يعمل على الإشراف العام على كل من المدرسة والمعهد في إطار المنح المقدمة منه بهذا المجال.

وقال سيد سليمان وكيل المدرسة، إن المدرسة الثانوية الصناعية للنقل النهرى تعتبر الوحيدة في مصر، فلا يوجد بديلًا لها حال فشل الطالب بها لإستكمال خطواته التعليمية،وهى تقبل الطالب الحاصل على الشهادة الإعداداية، وتشترط حصوله على مجموع لا يقل عن 220 درجة، لضمان كفاءة المتقدمين للدراسة،كما تشترط على الطلاب الملتحقين إجتياز إختبارات السباحة التى تعد- على حد قوله- أهم الشروط ولا يوجد بها تهاون نظرًا للمتطلبات البيئية التي من المفترض أن يتعامل معها الطلاب بشكل مستقبلي.

وتابع أن المدرسة تضم 10 فصول، كل فصل به 20 طالب، وبالتالي فعدد الملتحقين سنويًا لا يتعدى الـ 200 طالب وهو ما يرجعه إلى بعض النقص في موارد المدرسة لإتاحة إستقبال أعداد كبيرة من الطلاب وتدريبهم، ويرجعه أيضًا مستنكرًا إلى نفور بعض الطلبة من الإقبال على الإلتحاق بالمدرسة لتخوفه من عدم وضوح مستقبله المهني آثر تخرجه منها، على الرغم من قدرة الطالب على الإلتحاق بالمدرسة وإثراء مستواه التعليمي بالإلتحاق بمعهد النقل النهري وبالتالي المجال مفتوحًا أمامه لشغل كافة المهن الخاصة بالملاحة النهرية والهندسة الميكانيكية والكهربائية الخاصة بوسائل النقل النهري.

وأكد وكيل المدرسة على أنها تقدم لطلابها دورات تدريبية من شأنها إعدادهم مستقبًلا، بينها صيانة ومكافحة حرائق وشحن وتفريغ، كما تقدم لطلابها تدريب عمليً بحمامات السباحة وكذلك تدريبهم على التصرف داخل الماء مع الأعطال النهرية.

وكانت المحطة التالية في مبني المعهد الإقليمي للنقل النهري، الورشة العملية التي يتدرب بها الطلاب على التعامل مع السفن بفكها وتركبيها ولاحظانا به آثارًا للأهمال.

وأكد أشرف الجزار مدير الورشة أنهم يقدمون خدمات تطبيقية لطلاب المدرسة بتدريبهم على كيفية التعامل مع المركب ومعرفة كل جزء به بشكل كاف، معترفا بوجود نقص بموارد الورشة ما أدى إلى عدم تشغيلها على نحو أمثل وعدم القدرة على استحداث نماذج لمحركات جديدة مواكبة للتطور التكنولوجي بالمجال النهري.

أما المحطة الأخيرة داخل المبنى العام للمعهد الإقليمي للنقل النهري، كانت معهد النقل النهري،وقال أحمد عبد المنعم، مدير عام التدريب والمتابعة بالمعهد، إن كل غرفة بها ما يقرب من 6 أجهزة حاسوب مُحمّل عليها برنامج محاكاة للواقع النهري، يجلس عليه عدد من الأفراد مرتدين جلباب، يحاولون اجتياز تمرين تجريبي لقيادة مركب نهري، إلى جانب جهاز رئيسي يتابع من خلاله الدارسين.

وأوضح "عبدالمنعم" للدستور، أن البرنامج تكلف نصف مليون دولار، فهو ينقل السائق كأنه في أرض الواقع، مع الاختلافات النسبية لأرض الواقع وتغيرات النهر التي قد تحدث، مشيرًا إلى أن المعهد لا يدخله فقط خريجي المدرسة الثانوية الصناعية للنقل النهري، بل متاح لغير المتعملين، يشرط فقط الحصول على رخصة قيادة نهرية، ونبذل معهم جهدًا مضاعفًا لأنهم لا يجيدون القراءة والكتابة، لذا يتم تتم نقل علامات القيادة لهم برموز، مثل "حرف S عاملة زي التعبان وجنبها عصاية يبقى كدا S + P" وهي اختصار للموجة القصيرة الصالحة للأنهار فقط، أما الموجة الطويلة فهي لا تصلح سوى في البحار، وغيرها من المصطلحات.

طبقًا للقرار الوزاري 282 لسنة 1998، وجب على كل مَن أراد التخصص في الصناعة النهرية اجتياز الدورات التي يُعدها المعهد، وتنفيذًا للقرار يتم إعداد الكوادر الفنية اللازمة في صناعة النقل النهري ومنح الخريجين الشهادات الدالة على اجتيازهم الدراسات التخصصية بنجاح.

"غرف المحاكاة"
خلال جولتنا معه، فتح باب المناقشة مع الحاضرين حول التمرين التجريبي الذي يخضعون له، فإذا به يقول: "رقم 6 بردو مفيش فايدة عندك غرزتين عملتهم أهو هو أنت مخرجتش برا الشمندورات بس أنت عملت غرزتين ولفيت مرتين حوالين نفسك"، موجهًا إليه النصح بأن المركب الخاص به هناك نسبة من التآلف بينكما "ممكن تتشقلب بيها".

وانتقل إلى رقم 2، قائلًا: "أنت خرجت برا المرور والأقماع خالص وبعدين دخلت تاني"، ثم التفوا جميعًا حوله ليوجههم إلى الطريقة السليمة للقيادة: "المفروض الشمندورة البيضا تكون على شمالك وتدخل من نفس نقطة الخروج وبلاش الغرز"، وأيضًا كيفية صف المركب على المَرسى.

حسب الموقع الرسمي للمعهد، فإن من أهداف المحاكي: رفع كفاءة القائمين حاليًا على قيادة الوحدات النهرية، التدريب العملي للقادة الجدد على قيادة الوحدة النهرية (سياحة – ركاب – بضائع)، تأمين سلامة الملاحة للوحدات النهرية والمحافظة على سلامة الركاب والطاقم والمحافظة على مجرى نهر النيل الملاحي والبيئة النهرية من التلوث، أيضًا اكتساب الثقة في كفاءة العاملين وسلامة الرحلات السياحية النيلية والمساهمة في نمو الاقتصاد القومي.

"التدريب العملي "
بدأ حديثه بأن التدريب العملي لا يكون إلا في السنة الخامسة لطلاب المدرسة، يأتون للتدريب على المحاكيات بشكل نظري وعملي، وفيها يتم تعويض الطالب عما كان من المفترض أن يدرسه عمليًا خلال سنواته الأربعة الماضية، منتقلًا للحديث عن أن أهم ميزة هي حصول خريجي تلك المدرسة على رخصة "ريس بحري"، والتي تمكنه من العمل على المراكب الداخلية، وذلك بعد اجتياز اختبارات الدورة الخاصة بالمهنة البحرية بالمعهد، وهي لمدة 5 أيام فيها 30 محاضرة، بمبلغ بسيط 333 جنيه، ودورة المحاكي 666، وكذلك باقي الدورات أسعارها زهيدة، وهذه الرخصة اختصرت على الطالب خطوات كثيرة كان سيخوضها في سبيل الحصول عليها، ففي البداية سيجتاز دورة بحري لمدة أسبوعين، بعدها دورة أخرى sea river لمدة 3 سنين ثم دورة ريس 3 سنين أخرى، فبتالي وفرت عليه 6 سنين، وبذلك تصبح المدة البينية للحصول على مهنة ريس بحري لخريجي المدرسة، أقل بـ6 سنوات من المتقدم لها بشهادة الإعدادية.

"دورات المعهد"
بالبحث على الموقع الرسمي للمعهد، فمن الدورات التي يخضع لها المتقدم: كيفية توجيه سير المركبة أثناء الإبحار، كيفية السير في المنحنيات الحادة، كيفية التصرف السليم في المواقف الطارئة كالسير في المياه الضحلة، أو التغير المفاجئ في حالة الطقس من عواصف رملية أو رياح شديدة أو السيول المفاجئة، كذلك التدرب على كيفية السيطرة على السفينة في حالة العطل المفاجئ لإحدى الماكينات أو الدفة.

أوقفنا "عبد المنعم" أثناء تلك العملية البحثية، وقال: هناك تدريبات أخرى على السلامة على متن المركبات النهرية، والتي منها كيفية ارتداء سترات النجاة، "عشان لو اتلبست غلط ممكن تكسر رقبة الشخص ويموت مش يطفو على النهر"، أيضًا كيفية إطفاء حريق على المركبة دون تعريضها للغرق، وبناء عليه نجحنا في ضم عدد منهم ليكون في عمل السائق النهري على التاكسي أو الأتوبيس النهري، الذي يحتاج لشخص فني أكثر من مجرد سائق.

"الأوحد في إفريقيا"
طفرة كبيرة أحدثها التدخل الهولندي في المعهد، والذى بدأ منذ عام 2016، حين أستقبل الدكتور سعد الجيوشي، وزير النقل الأسبق، خيرارد سيتخس، سفير هولندا بالقاهرة، وبحثا سبل التعاون للاستفادة من الخبرة الهولندية في مجال النقل النهري وتطوير المدرسة الفنية، بالإضافة إلى تدريب الكوادر البشرية.

وتحدث مدير عام التدريب والمتابعة بالمعهد،قائلا: حدث تطورا في المعهد بعد التعاون مع الجانب الهولندي، بالمنح المقدمة بشأن برامج التدريب الخاصة بتطوير التدريب
لإعداد كوادر مهنية في الوحدات النهرية، متنمنيًا عودة العمل بالطريقة الهولندية في المدرسة والمعهد، والتي كانت تعتمد على أن تقسيم الطلاب لمجموعتين، الأولى تقضي الفصل الدراسي الأول في التدريب العملي على المراكب، والثانية تدرس الجزء النظري، وفي الفصل الدراسي الثاني يتبادل الطرفين مهمة كل منهما.