رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العبث بالمُصان.. "الدستور" ترصد مطابع تحّرف بالمصحف الشريف

جريدة الدستور

سور قرآنية غير مكتملة تصاحبها كلمات مغلوطة من الأحرف الزائدة أو التشكيل الخاطئ تؤدي إلى تغيير كامل في معاني الآيات القرآنية، هذا ماتفعله المطابع الغير المرخصة من أخطاء جسيمة في إصدار مصاحف محّرفة لعدة أغراض؛ أبرزها كسب المال من عملية البيع، كما يوجد من يرتكب تلك المخالفات خصيصا لخدمة أهداف المغرضين والعابثين بالقرآن الكريم حتى ينجحوا في نشر الفتن الدينية.

حرمان بعض المطابع التي كانت تصدر المصاحف مؤخرا بالتنسيق مع الأزهر الشريف لكنها لم تلتزم بالحصول على التراخيص المستحدثة بجانب المتابعة اللازمة من جانب الأزهر الشريف، خاصة بعد ارتكابهم العديد من المخالفات في إصدار مصاحف بها أخطاء تشمل الترميز والتلوين وأحكام التجويد والتفسير، واعتمادهم كذلك ترخيص قديم صادر لهم دون الحصول على ترخيص آخر ومراجعة الأزهر للنسخة الجديدة.

وزارة الأوقاف تكثف جهودها دائما بالتعاون مع شرطة المصنفات لظبط المطابع غير المرخص لها طباعة المصاحف حسب شروط وقوانين دور النشر أو التنسيق معهم، وفي السطور التالية قامت "الدستور" بجولة داخل دار نشر لطباعة المصحف الشريف لتوضيح الإجراءات الرسمية التي يجب اتباعها قبل طباعة المصاحف، والتعرف على أبرز الأخطاء التي يمكن حدوثها في الطباعة مع كيفية المعالجة السريعة.

أصحاب المطابع: أخطاء طباعية واردة
حسين أحمد، صاحب دار الحسام للنشر بالأزهر الشريف، يقول إن المطابع الإسلامية الآن تحرص على تواجد أحد خريجي الأزهر للإشراف على عملية طباعة المصحف ومراجعته من الأخطاء التي تتمثل أحيانًا في تراكم بعض الحشرات على لوح الزنك المستخدم في الطباعة مما يتسبب في زيادة نسبة الحبر أحيانًا، والذي يعني إضافة "نقطة أعلى حرف مثلًا" وعندئذ يقوم العامل "الأزهري" بإزالة الحبر الزائد ثم مراجعة نص الآيات وتشكيلها.

التعامل بالمطابع الإسلامية أصبح من الصعب معه حدوث أي أخطاء بالطباعة، فهي تتم بشكل كامل تقريبًا عن طريق ماكينات طباعة "رقمية" تتميز بسهولة الاستخدام يكون نادرا حدوث أخطاء بها، هذا ما يوضحه "حسين" مشيرا إلى أنه ألا ينكر وجود بعض الأخطاء التي وصفها بالطفيفة وتتمثل في التصاق الورقة الأخيرة بالغلاف الخارجي للمصحف " الجلدة".

الرغبة في الإسراع بعملية الطباعة ينتج عنه تلك الأخطاء في حين أن لوح الزنك الذي يٌطبع عليه المصحف يتحمل 10 آلاف نسخة ورقية بينما يلجأ عامل المطبعة إلى تحميله 50 ألف نسخة تحقيقًا لإنجاز أكبر عدد من النسخ في وقت أسرع مما يؤدي تواجد أخطاء.

مجمع البحوث الإسلامية: المصنفات الإسلامية هي المسئولة.. والتحرك في حالة وجود بلاغ
المنسق الإعلامي لمجمع البحوث الإسلامية، محمد الورداني، أكد في تصريحاته لـ"الدستور" أن شرطة المصنفات هي الجهة المختصة بملاحقة المطابع التي تصدر المصحف الشريف دون ترخيص وظبطها، مشيرا إلى تشكيل لجان لفحص نسخ المصحاف المقدمة من مطابع إصدار المصحف، بعد الحصول على ترخيصها كدورًا للنشر، ومراجعتها لبعض الأخطاء الوارد وجودها والناتجة عن سوء الطباعة فى بعض الصفحات مثل طمس لبعض الكلمات أو الحروف، أو وجود بعض النقاط فوق الحروف التي تسبب حدوث تغيير فيمعنى الآية.

اللجنة تؤدي دورها بالإشارة إلى كل هذه الأخطاء حتى تعاد إلى دار النشر الملتزمة بالطباعة لتصويبها ثم يعاد عرض النسخة مرة أخرى بعد إجراء التصويبات النهائية اللازمة، ويتم إصدار تقرير اللجنة للموافقة على طباعة هذة النسخة من المصحف الشريف.

وعن المطابع التي تعمل دن ترخيص "لا تخضع لكافة هذه الإجراءات، فاحتمالية حدوث أخطاء الطباعة بالمصحف أمر وارد بشكل كبير"، هذا ما قاله الورداني مشيرا إلى إخطار شرطة المصنفات الإسلامية في حالة تواجد أي شكاوى من قبل المواطنين حيال أي دور نشر تعمل على تحريف المصحف حتى تتخذ شرطة المصنفات معها الإجراءات اللازمة.

أحمد ترك: سور غير كاملة وطمس للصفحات
لاحظ بعض الشيوخ وعلماء الأزهر الأخطاء التي وردت في نسخ المصحف الشريف، وكان من بينهم الشيخ أحمد ترك، أحد علماء الأزهر الشريف، الذي يقول في تصريحاته لـ"الدستور" أنه اكتشف من قبل وجود بعض الأخطاء في أحد نسخ المصحف الشريف، شملت سور قرآنية غير كاملة وطمسًا لبعض الصفحات لذا قام على الفور بالاتصال بالمطبعة لتصحيح الأخطاء، كما أنه ناشد الجميع بضرورة إخطار مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف عند ملاحظة أي خطأ بنسخة من المصحف الشريف وذلك لاتخاذ الإجراءات اللازمة.

الأخطاء بطباعة المصحف الشريف لا تمثل ظاهرة فهي تحدث بصورة ضئيلة وتعد شكلًا من أشكال الإهمال ولا يرجح- ترك- كونها إجراءات مقصودة، واتفق شريف حسيني، أحد أصحاب المطابع، مع هذا الرأى قائلًا إنه لا يوجد بمصر تحريفًا نهائيًا بالمصحف الشريف، ولكنها كما يقول مجرد أخطاء طباعية فقط.

خالد الجندي: تحريفًا مقصودًا
على عكس رأي الشيخ خالد الجندي الذي رجح ارتكاب تلك الأخطاء عن عمد بهدف تشويه القرآن الكريم، والتغيير بمعانيه لصالح خدمة أهداف المغرضين والعابثين، مؤكدًا على أن الخطأ في القرآن الكريم يعد جريمة لا بد أن يعاقب عليها القانون، ويستكمل أنه يلاحظ في بعض الكتيبات التي تحتوي على مختارات من بعض سور القرآن الكريم والتي توزع في سرادقات العزاء رداءة طباعية بشكل لا يليق مع علو قدر وشأن القرآن الكريم.

الحال أكثر خطورة في المصاحف الإليكترونية التي يلجأ الكثير منا إلى استخدامها سواء في المواصلات العامة أو العمل، كما يلجأ الآباء لتعليم أبنائهم قراءة القرآن من خلالها، وذلك لسهولة تحميلها باستخدام برامج أجهزة الهاتف المحمول المختلفة.

فقد أوضح أحد الناشطين بوسائل التواصل الاجتماعي وجود أخطاء بعدد من برامج القرآن الكريم المنتشرة على شبكات الإنترنت، كذلك وجود تحريفًا صريحًا بعدد من آياته، وكان من بين هذة الأخطاء الجسيمة خطأ بالآية" 17" من سورة الفرقان حيث أضيفت كلمة "أضللتم" بالآية، على الرغم من عدم تواجدها بها، مما يمثل مغايرة كاملة بمعنى الآية، والذي يرجع أيضًا إلى أن من وراء انتشار هذه البرامج هم بعض الشيعة الذين يلجأون لتحريف القرآن الكريم وإدخال مفاهيم لا تتفق مع الدين الإسلامي بشيء ونسبها إليه.

حذر مجمع البحوث الإسلامية بعام 2013 من تداول نسخ من القرأن الكريم على مواقع التواصل الاجتماعي في شبكة الإنترنت، تتضمن تحريفا متعمدا لبعض الآيات وقد أورد بعض من هذة التحريفات مثل ما حدث بالآية السابعة من سورة آل عمران، حيث أضيفت إليها كلمة "بالحق" ثلاث مرات متتالية، فأصبحت كما يلي - (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ (بالحق بالحق بالحق) مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ)، والصواب كما هو مرسوم في المصحف قال تعالى(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الألْبَابِ).

لذا طلب المجمع في بيانه الذي أصدره يوم 24 سبتمبر عام 2013، من مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي عدم الاعتماد على هذه النسخ المحرفة والاستناد في قراءة القرآن الكريم فقط على المواقع الالكترونية للأزهر ودار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف على شبكة الإنترنت.

وأهاب وقتها بذلك البيان، بكافة الشركات والجهات المتخصصة في هذا المجال مراجعة التطبيقات الحديثة الخاصة بالقرآن الكريم والأحاديث النبوية وكل ما له علاقة بالدين الإسلامي، لتلافي أي تحريف لها.