رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دخان البلاستيك.. "الدستور" تحقق في قواعد السلامة من الحرائق

جريدة الدستور

بشوارع متهدمة ومتعرجة يوجد عدد كبير منها، يفصل بين الواحد والآخر بعض الأمتار القليلة، بالكاد تستطيع أن تدرك أن تلك المنافذ ما هي إلا مصانع للبلاستيك صغيرة بعد أن تجد المواد البلاستيكية وقد تناثرت أرضًا بالداخل والخارج، كما زاحمتها القمامة بكافة أشكالها أيضًا،إلى أن تستطيع الدخول إلى ما سُمي مصنعًا لتجده ما هو إلا حجرات صغيرة بدائية، وقد ظهرت بجدرانها شقوقًا ملأتها لتفقد معها أيًا من قواعد الأمان والسلامة، فلا طفايات للحريق ولا نظامًا يعمل بحالات حدوث أي اشتعال، وفي ظل هذه الظروف يتجمع عدد كبير من العمال بهذة الحجيرات حول عدد من الماكينات بعمل يدوم لساعات طوال.


- معظم المصانع بالكُنيّسة غير مرخصة
كانت المشاهد تلك هي التي رصدتها "الدستور" بأحد مصانع البلاستيك داخل منطقة الكُنيّسة بالهرم، وهي إحدى المناطق التي تجمع بها عدد كبير من مصانع البلاستيك البدائية، اكتشفت "الدستور" أن معظمها يعمل دون ترخيص، وبالتالي تتعرض مثل هذه المصانع لوقوع حوادث الحريق المتكررة نظرًا لعدم وجود قواعد الأمان والسلامة بها، كما الحال في أحد مصانع البلاستيك بشبرا الخيمة الذي وقع به حريقًا منذ أيام وتسبب في خسائر فادحة دون خسائر بالأرواح.

خلال جولتنا بإحدى المصانع، تقابلنا مع أحد أصحاب المصانع الذي أكد أن معظم المصانع الصغيرة تعمل دون ترخيص نظرًا لتكلفة إصدار التراخيص وما يتبعها من إجراءات مكلفة للغاية، موضحًا أنه يعمل لديه 15 عاملًا، وقد جعله الله سببًا في رزقهم هم وأسرهم لذا فهو يعمل بأقل تكلفة متاحة له وبالتالي لا يستطيع أن يقوم بتجهيز المصنع بقواعد الأمان المطلوبة.

لم يختلف الأمر كثيرًا داخل مصانع البلاستيك بمنطقة أخرى تجمع بها عدد كبيرًًا من تلك المصانع وهي شبرا الخيمة التي تراصت بها مصانع البلاستيك جنبًا إلى جنب ولا تتجاوز مساحة عدد كبير منها الـ70 متر فقط وهي تعمل دون ترخيص أيَضًا، وقد امتلئت بالعديد من البضائع البلاستيكية وماكينات إذابة بودرة البلاستيك التي تحتاج إلى درجات حرارة مرتفعة وبالتالي تتسبب أحيانًا في حدوث العديد من الحرائق.

- غياب تام لوسائل الآمان بالمصانع غير المرخصة
ولهذا، تكررت بمنطقة شبرا الخيمة حوادث حرائق مصانع البلاستيك العام الماضي؛ حيث وقع حريق بسبتمبر الماضي بأحد مصانع البلاستيك غير المرخصة أودى بحياة 4 عمال بعد أن تطاير الشرز من ماكينة لحام داخل المصنع على إحدى المواد الخام المشبعة بالتنر مما أدى لاشتعالها، ونظرًا لعدم وجود وسائل حماية بحالات الحريق داخل المصنع ما تسبب ذلك في زيادة اشتعال الحريق وأدى إلى حدوث حالات الوفاة والخسائر الفادحة.

وهنا تواصلنا مع اللواء علاء عبد الظاهر، مدير الإدارة العامة للحماية المدنية بالقاهرة، الذي أكد في حديثه لـ"الدستور" أنه حتى يتم تلافي حرائق مصانع البلاستيك يجب أن يتوافر بكل مصنع ما يسمى بالوسيط الإطفائي للمادة المشتعلة، وذلك الوسيط يختلف من نوع بلاستيك لآخر فكل نوع بلاستيك له وسيط إطفائي يستخدم لأطفائه وقت الاشتعال يختلف عن غيره، كما مشيرًا إلى أن عدم أخذ الاحتياطات اللازمة بحالات الحرائق يكبد خسائر فادحة للعاملين بالمصانع ولأصحابها، لذا نصح عبد الظاهر أصحاب المصانع بضرورة الأخذ بالاحتياطات اللازمة لتجنب حالات الحريق نظرًا لأن الخسارة في حال عدم توافرها ستكون فادحة للجميع.

- 20 ألف حريق سنويًا وسيتضاعف العدد بسبب حرائق المصانع
وفي أحدث الإحصائيات الصادرة عن المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أكدت أن ما يعادل 20 ألف حريق سنويًا يروح ضحيتها ما يجاوز 225 قتيلا و750 مصابا، وتقدر الخسائر المادية لهذه الحرائق بحوالي 30 مليون جنيه، وقد تتضاعف بالسنوات القادمة نتيجة حرائق المصانع المتكررة.

- الخبراء: لا نلتزم في مصر بكود الحريق
المهندس خليل عبد الكريم الخبير الدولي في مجال مكافحة أعمال الحريق، قال في تصريح سابق له، إن هناك كودًا عالميًّا للحريق يتشكل من مجموعة من القوانين والضوابط ويأخذ كود الحريق المصري "atf" كل شيء منه، ولكن لا يعرف طريقًا للتطبيق في مصر، مؤكدًا أن الحرائق ستستمر في مصر لأن 90% من مباني مصر غير مؤمنة بكود الحريق ولا تخضع له.

ويرجع اللواء جمال حلاوة، المدير السابق لإدارة الحماية المدنية بالقاهرة، أن إهمال بعض العاملين بالمصانع هو أهم أسباب حرائقها كذلك سوء التخزين لبضائع المصنع، وعدم وجود كميات كافية من المياه لاستخدامها في الإطفاء في حالة اندلاع الحريق، بالإضافة للتحميل الزائد على الكهرباء، وتراكم مخلفات تلك المصانع، ما تعد أسبابًا وفرصًا سانحة لاندلاع الحريق،

ووجه "حلاوة" إلى أنه يمكن تلافي تلك الحرائق بخضوع المصانع غير المرخصة إلى ترخيص ثم تطبيق كافة قواعد الأمان والسلامة بها وتدريب العاملين بها على التصرف بوقت اندلاع الحريق وكذلك تشديد العقوبة على من لا يتبع هذه القواعد.

وبالتوجه إلى حسام رأفت رئيس حي السيدة زينب، أكد أن وزارة البيئة يقع عليها المسئولية الأولى بالتصدي لهذة المصانع لما تسببه من كوارث بيئية ضارة بالمجتمع، لذا فيجب أن تقوم الوزارة بعمل حملات تفتيشية على مثل هذة المصانع واتخاذ إجراءات الضبطية القضائية تجاهها في حال التأكد من تسببها بإنتاج مخلفات ضارة ومسممة تلوث البيئة وبشكل مخالف.

كذلك فقد أكد "رأفت" على الدور الذي يجب أن تقوم به المحليات حيال هذة المصانع، موضحًا أن هناك الكثير من هذه المصانع يتخذ شقق سكنية يمارس من خلالها نشاطه، وهناك الكثير منها أيَا يعمل دون ترخيص نهائيًا وبهذه الحالة- يتابع رئيس حي السيدة زينب- لابد وأن يتم قطع المرافق نهائيًا عن المصنع المخالف وتحرير محضر جنائي لصاحبه، موضحًا أن العقوبة بهذة الحالة تصل إلى السجن من ثلاثة إلى خمس سنوات وغرامة لا تقل عن 20000.