رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"مؤذية".. حكايات لأطفال قتلت الألعاب النارية فرحتهم

جريدة الدستور

أحمد جمعه ذاك الطفل صاحب التسع سنوات من عمره الذي شاءت أقداره أن يمشي بطريق كان أحدهم يلهو بإطلاق الألعاب النارية والشماريخ محتفلًا ومبتهجًا بقرب حلول العيد، بكل صاروخ يطلق كانت تتعالى أصوات الضحكات وتزاداد كلما كان صوت دوي إنفجار الصاروخ أقوى إلى أن استقر أحد هذة الصواريخ بإحدى مقلتي أحمد الصغيرتان.

لم يشعر وقتها أحمد سوى أن الظلام قد حل فجأه بعينه بوضح النهار، ولم يلحق هو نفسه أن يمنع أصواته التي علت بصراخ متوالي ليلتف الجميع حوله بعدها، ثم يفيق الصغير بالمستشفى وقد أدرك أنه قد فقد تمامًا أعز ما لديه وهي إحدى عينيه إلى الأبد.

كانت حالة أحمد وغيرها هي إحدى الحالات التي دفعت بـ "الدستور" لفتح ملف الألعاب النارية ورصد الخطورة التي قد تنشأ عن استخدامها وذلك في ظل قرب حلول عيد الفطرالمبارك ورواج تجارتها بهذة الأيام.

البداية كانت جولة لمحرري الدستور بأحد المكتبات الصغيرة والتي تم العثور عليها بسهولة بالغة حيث وضعت منضدة صغيرة بالخارج لعرض هذة الألعاب، وذلك على الرغم من حظر تداولها، ووجدنا أنه قد تنوعت الألعاب المعروضة بأشكالها وأحجامها وكذلك أسعارها حيث بدأت من البمب الصيني الذى كان عبارة عن علبة بداخلها ٥٠ مفردة تباع بـ١٥٠ قرشا والبمب المصري الذي يباع بسعر 4 جنيهات للكيس الواحد منه والذي يضم 15 مفردة.

جاءت في المرتبة الأعلي سعرًا الألعاب ذات الدوي الأقوى والإنفجار الأشد والتي تباع بسعر أعلى كما ما تسمى باللحمية " وهي أسطوانة بداخلها ١٠ قطع يبلغ سعرها 45 جنيها"و ما يسى بالعصاية التي بلغ أسعار١٠ طلقات منها بـ 40 جنيها، و٥ طلقات بـ 30 جنيها كما تنوعت ايضًا الشماريخ فكان منها الألماني والصيني والبرازيلي.

وقد نتج عن استخدام الألعاب النارية حالات عديدة من الإصابات والتي كانت سببًا في فقدان أصحابها عضو من أعضاء أجسادهم أو تشوه دائم به، كما هو الحال مع سمير أحمد الذي تسبب إستخدام أحد الشماريخ في فرح ابن عمه بقطع أحد أصابع يديه.

"كف صناعي"
محمد ناجي، يبلغ من العمر 15 عامًا هو كذلك أحد ضحايا الألعاب النارية والذي انتهى به الحال أن يعيش بكتف صناعي وذلك بعد أن احتفل هو ورفاقه منذ عامان بليلة الكريسماس ليخرجا بمنطقة سقارة بالهرم ويشعلوا النيران بالصواريخ والشماريخ التي استقر أحدهم مشتعلًا في يده، وذلك كما روى أحمد أحد أصدقائه موضحًا أن هو ورفاقه لم يستطعا إنقاذ محمد واستخراج الشمروخ المشتعل من يده بعد أن تمكن من حرق أصابعه بالكامل ولم يكن بأيديهم سوى أن أسرعوا بنقله للمستشفى إلا انه كانت نيران الشمروخ تمكنت من نزع طبقة كبيرة من جلده، لذا لم يجد الأطباء بدًا سوى أنهم قرروا بتر سبابته وإبهامه.

أسبوع فقط مرّ على تلك الحادثة، قبل أن يفاجئ أحمد بغرغرينه في خنصره، ليتخذ معه الأطباء قرارًا بضرورة البتر الكامل لكف يده حتى لا تنتقل لباقي أعضاء جسده ليعيش أحمد إلى الآبد بكف صناعي.

أما رنا محمد كانت هي الأخرى تحضر احتفالًا لعيد ميلاد إحدى صديقاتها، وأثناء الاحتفال رشقت إحدى الألعاب النارية بثوبها لتتسبب في قطع جزء منه وجرحها بجرح غائر في ساقيها ظلت تعالج آثاره لمدة شهرين كاملين وتختم رنا قولها قائلة "بكيت حتى تبدلت حالة الفرح بعيد الميلاد إلى حالة من الحزن والهلع بسبب إصابتي".

"عقوبتها تصل للمؤبد"
و قد جرم القانون تداول الألعاب النارية والتجارة بها حيث حدد المشرع المادة رقم 102 " والذي ينص على أنه: "يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد كل من أحرز مفرقعات أو حازها أو صنعها أو استوردها قبل الحصول على ترخيص بذلك، ويعتبر فى حكم المفرقعات كل مادة تدخل فى تركيبها ويصدر بتحديدها قرار من وزير الداخلية وكذلك الأجهزة والآلات والأدوات التى تستخدم فى صنعها أو لانفجارها".

كما نص قرار وزير الداخلية رقـم ( 1872 لسنة 2004) والمتضمن جدول المواد التي تعتبر في (حكم المفرقعات) والتي منها البارود الأسود(الذي هو أساس صناعة الألعاب النارية)، والقطن الأسود،وثالث كلوريد النيتروجين، وغيرها من المواد التي تستخدم في صناعة الألعاب النارية.

"دور الأجهزة الأمنية"
من ناحيته، أكد اللواء فؤاد علام الخبير الأمني على أن الكثير من التجار يلجأون إلى بيع هذة الألعاب نتيجة ربحها المرتفع ورواج تجارتها خاصة في المواسم بين الأطفال، مشيرًا إلى أن المسئولية الأولى وراء رواج تجارة الألعاب النارية تقع على عاتق الأسرة التي تغفل عن توعية أطفالها بخطورة هذة الألعاب ومنعهم من شراؤها بل على يلجأ العديد من الآباء أحيانًا إلى شراء هذه الألعاب لأطفالهم كنوع من المكافآت والهدايا لهم.

ويستطرد علام حديثه، قائلًا إن الأجهزة الامنية وحدها لا تستطيع القضاء على تجارة هذه الألعاب ومطارده بائيعها فهناك -على حد قوله- عجز 600 ألف عسكري بجهاز الشرطة والتالي فعلى المواطن دور كبيرًا في الرقابة على بائعي هذة الألعاب والإبلاغ عنهم فور تواجدهم.

وبالأيام القليلة الماضية ضبطت الأجهزة الأمنية 2 مليون و410 ألف وحدة ألعاب نارية مخبأة داخل 3 مخازن بمنطقة الجمالية وذلك بالتزامن مع اقتراب عيد الفطر المبارك، كما تم ضبط تهريب 12،395،520 وحدة ألعاب نارية مختلفة الأنواع والأشكال والأحجام قبل دخولها البلاد بالعام الماضي.

إلا أن حمدي البطران الإعلامي واللواء بالشرطة السابق، أكد أنه يوجد بعض القصور من قبل الأجهزة الأمنية في الرقابة على تجارة مثل هذة الألعاب والقضاء عليها وأرجع هذا القصور إلى إنتشاربيع هذة الألعاب بشكل مبالغ فيه سواء في المكتبات أو والمحال الصغيرة مما يصعب به المراقبة من قبل الجهات الأمنية.

كما أشار أيضًا إلى إنتشار مصانع بير السلم التي يتم فيها تصنيعها يدويًا موضحًا ان الجعات الأمنية يقع على عاتقها العديد من المسئوليات الوطنية لذا فقد دعى البطران إلى أهمية الدورالذي لابد وأن تلعبه وسائل الإعلام المختلفة في إلقاء الضوء على خطورة هذة الألعاب والتحذير من شراؤها، كذلك فقد لواء الشرطة على تنشيط الوعي الديني الذي يهدف إلى الشعور بحرمانية تداول هذة الألعاب لما تمثله من أخطار على المجتمع بشكل عام.