رمضان بطعم الأقليات.. كيف يحتفلون بشهر رمضان في مصر؟
يحل شهر رمضان ليجمع تحت عباءته كل الأطياف ليعيشوا في تسامح وسلام لفترة الثلاثين يومًا، فيرسخ فيهم قيم الإخاء والمشاركة، لذا فهو يدمج تحت رايته كل الاختلافات التي قد تنشب بين أبناء الشعب الواحد، وكما ستلاحظ خلال السطور القادمة ستجد بيننا أقليات إلا أن لهم احتفالات مختلفة بشهر رمضان الكريم، يحافظون من خلالها على رسالته التي يقدمها للإنسانية، ويقدمون البهجة لأفرادهم ومن حولهم.
بهائية: نتشارك سويًا في جلسات الدعاء من كل الديانات
"غادة" ترسم لنا بخطوط من كلماتها أجواء تعيشها وأصدقاؤها في شهر رمضان الكريم، الذي له متعة خاصة عن باقي أيام السنة، فتروي أن الاحتفالات في رمضان عبارة عن تنظيم إفطار لأصدقائها من المسلمين وغير المسلمين، رغبة في خلق المساحات المشتركة التي تبني صداقات بين الناس، دون الاقتصار فقط على المعايدات الجافة عبر الرسائل أو مواقع التواصل الاجتماعي.
تروي "غادة" أن السبت الماضي كان موعد تجمعها للإفطار مع أصدقائها من كافة الأديان، وهو عبارة عن تقليد سنوي يجتمعون فيه، وكل منهم يحضر الطعام الخاص به ويشاركه مع الحاضرين، مما يخلق مساحة من الود للتعرف على ديانات بعضهم البعض.
وانتقلت للحديث عن جلسة تدعو إليها الأصدقاء يتم عقدها في منزل أحد منهم، والتي تسمى جلسة الدعاء، وهي عبارة عن لقاء من مختلف الأفكار والأديان والخلفيات حول موضوع معين، وقراءة مقتطفات من أديان مختلفة والنقاش والتشاور حول الأفكار والمفاهيم، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تجعل هناك مساحة من الاختلاف في الفكر والرأي لكن بشكل إيجابي.
أمازيغية: أشهر أكلاتنا في رمضان "الحريرة" و"الكسكي"
وروت "أماني" لنا عن أشهر العادات التي يهتم "الأمازيغ" بعملها خلال الشهر الكريم، لعل أبرزها هو تجمع عدد من الناس لدى مسئول الحارة (أو كما نطلق عليه في اللغة المصرية شيخ الحارة) وإعطائه مبلغ من المال يوميًا، وبها يتم تحضير أطعمة على أيدي عدد من الطباخين المتطوعين لعملها ثم يقوم مسئول الحارة قبل موعد الإفطار بساعتين بتوزيعها على المحتاجين اللذين يعرفهم، كذلك يهتم "الأمازيغ" بعقد دورات لتحفيظ القرآن الكريم للأطفال ويتم تكريم الأطفال اللذين تمكنوا من حفظ القرآن خلال الشهر الكريم في أول أيام عيد الفطر.
"مفيش حاجة اسمها فانوس عندنا"، هكذا وصفت لنا "أماني" مظاهر احتفالاتهم برمضان فالأساس عندهم تعليق الزينة "الشراشيب"، إلى جانب وجود "المسحراتي" التي يجوب الحارات مرتديًا جلباب تقليدي ممسكًا بطبلة مغنيًا المدائح الدينية لكن باللغة الأمازيغية، فيسعد الأطفال به ويلتفون حوله.
* "الأمازيغ" في مصر مقسمون إلى الأمازيغ الناطقين بالأمازيغية؛ وهم الذين يتركزون في سيوة عددهم 28 ألف نسمة ويتميزون بلهجتهم الأمازيغية واحتفاظهم ببعض عادات وتقاليد الأمازيغ، والأمازيغ غير الناطقين بالأمازيغية أو تجمع قبائل هوارة ويتركزون في جنوب مصر وتحديدًا قنا، ولا يوجد حصر محدد بأعدادهم لأنهم اندمجوا مع قبائل عربية مكونين تحالفًا لصد هجمات المماليك في الصعيد، حسبما صرحت "الوشاحي".
شيعي: نكثر من القرآن والصلاة لكن لا نعترف بـ "التراويح"
ومن "الأمازيغ" إلى "الشيعة" حيث كانت أحدث إحصائية عن عددهم في مصر صرح بها الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، في لقاء تليفزيوني عام 2013، أنهم يتراوحون بين 18 و35 ألف شخص.
ولهذا الجدل، نشبت حالة من الاختلافات في قضاء شهر رمضان الكريم، وهنا تحدثنا مع أحمد كمال، رجل سبعيني، وفضّل أن يقدم نفسه باسم مستعار، فيقول إن "الاحتفال برمضان لا يفرق عن السنة في شئ، فأبرز الاختلافات أن أذان المغرب الذي يفطر أهل السنة على أساسه أمر خطير بالنسبة لنا كشيعة، لأن الفقه الإمامي الشيعي لا يؤخر الفطر حتى المغرب وليس غروب الشمس، فالتأخير مقداره فقط 10 أو 12 دقيقة، مدللًا على ذلك بقوله تعالى: "أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل"، وقوله تعالى: "وأتموا الصيام إلى الليل"، مفسرًا أن الليل لا يتحقق إلا بانعكاس ضوء قرص الشمس على الناحية المقابلة في المشرق، بالتالي لا نفطر على الأذان الذي يؤذن، مشيرًا إلى أن هذه الكلمات تعني وجود أناس يصومون صيامًا ناقصًا، "يعني مينفعش الواحد يصوم 16 ساعة ويكروت آخر 3 أو4 دقايق".
تحدث معنا أيضًا أنهم يفضلون في شهر رمضان الإكثار من الصلاة وقراءة القرآن، لكن لا يعترفون بصلاة التروايح في الشوارع التي تتسبب في كثير من الأحيان في تعطيل الطرقات، منتقلًا للحديث عن الإفطار أثناء السفر، وهنا الفطر واجب إذا زادت المسافة عن الحد الشرعي وهو 45 كم فما أكثر كالمسافة بين المنصورة إلى ميت غمر، إلى جانب قصر الصلاة مدللًا بقوله تعالى: "من كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أُخر" وقوله تعالى: "فمن شهد منكم الشهر فليصمه".
* في عام 2012 زعم القيادي الشيعي بهاء أنور، أن عددهم 3 ملايين شخص، وفي تقرير "الحرية الدينية في العالم" الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عام 2006 اعتبر أن عددهم 1 % من إجمالى عدد السكان (أي 740 ألفًا من إجمالي 74 مليون نسمة وقتذاك حسبما ذكر التقرير).
كلداني: نقيم مأدبة إفطار تليق بإخواتنا المسلمين
ويرى أن المسائل المتعلقة بالأنشطة إنما تتوقف على كل مجموعة، أيضًا حسب المكان الذي تتواجد فيه الكنيسة، واحتياجات المنطقة نفسها.
* "الكلدان" حسب آخر إحصائية رسمية أعلن عنها منسينور فيليب نجم، المعتمد البطريركي للكنيسة الكلدانية من الفاتيكان السابق، في أكتوبر 2010، خلال إحدى الحوارات الصحفية، أنه يوجد في مصر 150 عائلة كاملة، لهم كنيستان (كنيسة القديس جورج بالضاهر وكنيسة سانت فاتيما بمصر الجديدة)، أما في العالم فبلغ عددهم نحو مليون و300 ألف نسمة أغلبهم في العراق، كما توجد ايبارشيتان في أمريكا واستراليا وواحدة بكندا و12 كنيسة، والكنيسة الكلدانية في مصر هي الكنيسة التي ترعى شئون الكلدان العراقيين المقيمين فيها بدافع الهجرة أو العمل.