رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكايات لسيدات أجبرهن أزواجهن على العمل

جريدة الدستور

منذ زمن كان الرجل قبل أن يتزوج يشترط على الفتاة أن لا تعمل ولا تقوم بشيء سوى تربية الأبناء، أما الآن فالأمر بات مختلفًا، أصبحت المرأة عاملة ومعيلة، وتفتح بيوتًا، الأمر تطور كثيرًا الآن فنجد نماذج سيئة لرجال يجبرون زوجاتهم على العمل، تكاسلًا منهم وتقاعس عن أداء واجبهم الشرعي والقانوني في توفير حياة كريمة لأسرته.

وبعد حديث شيخ الأزهر عن منع الرجل من التدخل في مال زوجته إلا برضاها، "الدستور" تحاور سيدات أجبرهن أزواجهن على العمل طمعًا في مالهن وحبًا في ممارسة العنف عليهن.

تقول هالة محمد، من مواليد محافظة القليوبية، إن مفهوم الزواج تغير كثيرًا عن تلك المفاهيم التي رأينا آباءنا وأمهاتنا عليها، كنا نراهم جسد واحد كيان واحد يعيشون في بيت واحد، أمي كانت تبيع الخضار والفاكهة وتعلمت منها التجارة وغيرها الكثير، وأبي كان يعمل موظفًا بإحدى الجهات الحكومية في القاهرة، لم أر أمي تبيع إلا بعد أن كبرت وبدأت أشيل منها بعض مسئوليات البيت، فاتجهت هي ايضًا لتشغل وقتها بشئ آخر وليكون هذا العمل مصدر دخل جديد للبيت تساعد به في تجهزينا، وهنا كانت البداية.

وتابعت "هالة"، لـ "الدستور"، أن الأمر بالنسبة لأبي كان شيئا عاديًا، أم تتكسب ببيع الخضار والفاكهة من أجل أودلاها، عمل شريف ورزق حلال، لكن الأمر أخذ في التغيير نسبيًا، كنت أعلم أن أبي يعمل بعض الساعات الإضافية من أجل تحسين راتبه الشهري، لكن بعد أشهر قليلة من تجارة أمي بيع الفاكهة ومكسبها الواسع، بدأ أبي في التنمر ولم يعد يعمل الساعات الإضافية، وبدأ أبي أيضًا بشرب المعسل والشيشة التي لا يكف عن شربها طول فترة مكوثه بالبيت.

وواصلت "هالة": "بدأ أبي يطلب منها طلبات كثيرة من علبة معسل إلى سجائر ايضًا، والطبيعي أن أخذ منه الفلوس لأشتري ما يريد لكنه كان يقول لي دائما "خدي من أمك".

أما منى عبدالقادر، فتقول: |تزوجنا وطبيعي جدا أن أتفرغ للبيت، لكن وجدت أن عمله لا يكفي المصروفات، فقررت أن أعمل مدرسة بإحدى المدارس الخاصة وتعينت بعقد بسيط جدا، لكن كنت أعتمد على الدروس الخصوصية بشكل أساسي، وبدأ هو ايضًا يعتمد على شغلي، وبدأ دخلي يتحول إلى جزء أساسي من مصاريف البيت.

وبصوت يغلبه البكاء، تقول "منى": "زوجي ضربني كثيرا وأهانني لأنه يرى أن مقصرة في حق البيت وأن البيت مهمل دائما، وهذا أمر مبالغ فيه، فانا أدخر وقت له ووقت لعملي الذي أجبرت عليه حاليًا بسببه، ووقت للبيت لتجهيز الطعام وغيره، لكن حاله تغير بعد عملي وأصبح شخصية مختلفة ولا أدري السبب، من المفترض أنني أعمل من أجله ومن أجل أن يكون بيتنا في أفضل حال، لكنه يحتاج إلى شخص كبير يتحدث معه ويفهمه، والأمر علاجه بأن يتلزم كل شخص بما له وما عليه، ونحكم العقل والدين والمنطق في أفعالنا".

"اتضربت واتهانت بسبب شغلي" بهذه الجملة بدأت "أمل صلاح"، حديثها لـ"الدستور" بدلًا من أن يقوم زوجي بشكري على مساعدته خلال الفترة الماضية في تغطية نفقات البيت والأولاد، قام بضربي وإهانتي وشتيمة وتهزيق، وكل هذا بسبب أنني لا أريد أن أستمر في العمل، فأنا لم أعد أرتاح نفسيًا لبيئة العمل، وأعتقد أن أسرتي وأولادي أولى بهذا الوقت".

وتقول أميمة عبدالله، دكتورة في الصحة النفسية والإرشاد النفسي إن الله سبحانه وتعالى جعل القوامة للرجل أي أن الرجال قوامون على النساء وأن الإنفاق مهمة الرجل فيجب عليه كساء وإطعام ومشرب ومسكن المراة، ولا يصح له أن يكرهها على العمل، وينتقص الرجل حق من حقه وتهتز صورته في أعين زوجته وأولاده والمجتمع".

وتابعت "عبدالله"ـ في تصريح خاص لـ "الدستور"، أنه من الممكن أن تتطوع المرأة بالعمل لمساعدة زوجها فى المعيشة الزوجية ولكن بناء على رغبتها، وأن المرأة لها ذمة مالية مستقلة، ولا يوجد دين أو تقليد يسمح للزوج أن يجبر زوجته على العمل، وليس من صفات الرجولة.

وأشارت الطبيبة المتخصصة في الصحة النفسية والإرشاد النفسى أن الأب والأم نماذج لأولادهما ليحتذوا بهما، قائلة: "الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيبا"، وأن الأبناء سوف يقلدون ذويهم تقليدا دون وعي وغرس هذا المبدأ بداخلهم، مما يجعل الابن يقلد أبيه فيما بعد وتستاء البنت مما يحدث لها.

من جانبه قال رضا الدنبوقي، المحامي والمدير التنفيذي بمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، إنه في أغلب المشاكل التي كانت تعرض علينا أن الزوج يمنع زوجته عن العمل، أما الآن فالطبيعي أن تكون المرأة عاملة وتساعد في بيتها لظروف التحديات المادية الصعبة التي يفرضها علينا المجتمع.

ويوضح أنه وإذا أجبر الزوج زوجته علي العمل فلا يوجد قانون يمنع هذا للأسف، ولا يوجد في قانون العمل ما يمنع هذا، إلا إذا كانت زاويته من جانب العنف أو الضرب، وبناء عليه تقوم الزوجة بتحرير محضر في قسم الشطة وتذكر فيه أوجه التعدي الذي وقع عليها.