رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية "أبناء القمر".. سجناء النور الذين تكفل بهم الرئيس السيسي

جريدة الدستور

يختبئون من الشمس لأنه موت محقق لهم، يخرجون في الليل مثل أبناء "دراكولا" وهم أطفال صغار يستحقون الحياة ولكن مرضهم النادر حرمهم من متعة النور، مسجونون اضطراريا، الشمس حارقة لجلدهم، كلما تفادوا الشمس ازداد رصيدهم من الحياة دقائق، محبوسون طيلة اليوم وراء الجدران، وبعد الغروب يتحسسون الوهج الذي اختفى ليخرجوا إلى حياة الليل، لا ذنب لهم سوى أنهم "أبناء القمر".

عانى الأب محمد جمال وزوجته ياسمين من بلبيس بمحافظة الشرقية من إصابة طفليهما ماريا وياسين بمرض القمر، عاش الأطفال حتى سن 8 و9 سنوات قبل وفاتهما بسبب احتراق جسديهما من الضوء والإصابة بالتقرحات الجلدية حتى الإصابة بمرض السرطان، بالإضافة إلى ذلك كانت هناك مصاريف علاجية كبيرة تكلفتها الأسرة لعلاج الطفلين قبيل وفاتهما، تكرر الأمر مع 3 أطفال من محافظة بني سويف وهم "ملك، مصطفى، مريم" عانى الأطفال الثلاثة من المرض ولكن لحسن الحظ، التقى الوالد برئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي في الإفطار الجماعي ليشرح مشكلة أبنائه الثلاثة مع المرض الذي تسبب في حرمانهم من اللعب والخروج صباحًا بالإضافة إلى صعوبة التعلم وصعوبة التطور الطبيعي في أجسادهم، وعلى إثر ذلك تقرر نقل الأطفال الثلاثة للعلاج على نفقة الدولة في مستشفى وادي النيل بعد الديون التي تراكمت على الأب بسبب القروض التي تحملها لعلاج أبنائه، إذ أن تكاليف التداوي باهظة، وتصل إلى 3 آلاف جنيه شهريًا للمريض الواحد.

يُعرف المرض بزيرو ديرما بيجما أو جفاف الجلد المصبغ، أو مرض أطفال القمر "أعداء الشمس" أو التقرح الجلدي ويصيب المرض شخص واحد من كل 250،000 فرد عالميًا، ويعد المرض شائعًا في اليابان، وشمال إفريقيا، والشرق الأوسط، وعادة ما تظهر علاماته في مرحلة الطفولة، ويمكن تشخيصه حتى قبل الولادة، وينتج ذلك عن خلل جيني، وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى ارتفاع نسبة الأطفال المصابيين بأمراض الجينات في مصر ومن المتوقع أن يصاب طفل بين 25 طفل بخلل جيني، ويتوقع أن يصاب مولود مابين 33 حالة بعيب خلقي شديد، ومرض القمر من ضمنهم ويتسبب المرض في الإصابة بإعاقات عصبية والإعاقة في النمو، واحتراق الجلد، وظهور أورام سرطانية.

يقول الدكتور أحمد حسن، أستاذ الأمراض الجلدية والتانسلية بطب قصر العيني إن سبب وجود مرض القمر هو جين ينتقل بصفة متنحية وهو مايسبب انتقال الطفرة إلى الجنين فيظهر ذلك في شكل علامات على الجلد من حساسية في العيون والتهابات في الجلد وظهور أورام سرطانية في الجلد والإصابة بالتخلف الإداراكي أو التخلف العقلي، ومن أسباب ظهور المرض زواج الأقارب فيجب أن يتم الكشف الجيني أومنع زواج الأقارب قدر الإمكان، مما يساعد على تقليل معدلات الإصابة بالأمراض الوراثية.

وقد أشار كذلك الدكتور أحمد إسماعيل أخصائي الأمراض الجلدية والتجميل أن مرض أبناء القمر هو مرض وراثي ينتج عن حمل الأب اوالأم لجيناته التي تنتقل إلى المولود بشكل قاطع فورالولادة، وينتج عنه أن الطفل يعيش حياته بشكل أبدي بالظلام ولايتعرض جلده إلى الشمس مطلقًا وإلا تسبب له هذا في ظهور التقيحات والإذابة الكاملة لجلدة والتي تؤدي بالنهاية إلى الوفاة.

واستكمل إسماعيل حديثه قائلًا إنه إلى الآن لا يوجد علاج لمرض أبناء القمر على مستوى العالم أجمع، ولكنها مجرد أدوية وقائية فقط كالمسكنات والكريمات الملطفة، والتي لا تمثل علاجًا للمرض على الإطلاق، مشيرًا إلى أن مرض أبناء القمر هومرض يتعلق بالجينات الوراثية ولا ينتج عن أي مسببات خارجية كما أكد إسماعيل على أن مرض أبناء القمر ليس بالمرض المعدي ولايمثل حامله خطورة على من حوله.

وقد اختتم أخصائي الأمراض الجلدية والتجميل حديثه مناشدًا المسئولين ووسائل الإعلام المختلفة بضرورة التوعية بهذا المرض النادر مشيرًا إلى أن الكثير من الأهالي الذين لديهم أطفال مصابين بمرض أبناء القمر لا يعرفون شيئًا عنه ولا يدركون أن الشمس هي العدو الأول لابنائهم المصابين، بل أن معظمهم لم يسمع يومًا بمرض يحمل هذا الاسم.