رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد واقعة تمثال "ديليسبس".. قرارات حكومية تم التراجع عنها

جريدة الدستور

رغم تتابع الحكومات وتغيير صناع القرار في مصر أكثر من مرة، فإن التراجع عن القرارات أصبح سمة أساسية للحكومات المصرية التي قد تأخذ قرارًا وتعود فيه بعد أيام قليلة لأسباب غير واضحة.

ظهر هذا واضحًا في واقعة نقل تمثال "ديليسيبس"، فبعد أن رفضت الحكومة نقله إلى قناة السويس باعتبارة "خائن"، أعلنت مؤخرا أنه سيتم نقله إلى القناة ووضعه عند قناة السويس، الأمر الذي أثار غضب علماء الآثار باعتباره أحد أسباب الاحتلال الإنجليزي لمصر، ومات محكوما عليه بالسجن 5 سنوات هو وابنه، ونقل تمثاله إلى القناه سيمثل خيانة لكل دماء الشهداء التي سالت على يد العدوان الإنجليزي.

"قرار تمثال ديليسيبس" لم يكن الأول الذي تتراجع عنه الحكومة، ففي ديسمبر الماضي، تراجعت وزارة الصحة عن القرار رقم 21 الذي أصدرته عام 2018 بشأن ضوابط توفير الأدوية بالعيادات الخاصة والمراكز والمستشفيات.

وكانت الصحة أصدرت قبلها قرار بشأن ضوابط توفير الأدوية بالمراكز الطبية والمستشفيات، والذي نص على توفير الأدوية بكميات يحددها الأطباء داخل الأقسام على قدر الاحتياج ولا تكون بكميات تجارية.

ويحظر بيعها للمرضى المترددين على العيادات الخارجية وأوضح القرار أنه يجوز توفير كميات من الأدوية تكفى لمدة شهر للمرضى في المنشآت الطبية، إلا أن الأمر آثار غضب الصيادلة فتراجعت عنه الحكومة.

وكان لوزارة الكهرباء دور في ذلك التراجع أيضًا، في إبريل الماضي أعلنت بأنه سيتم فرض فائدة بنسبة 17%، على تقسيط الفواتير المتأخرة والمقرر تطبيقها بداية من شهر مايو المقبل، سيتم جدولة المتأخرات وتقسيمها على الفواتير الصادرة تباعًا.

وذكرت الوزارة وقتها أن المشترك الذي تتراكم عليه المديونية لأكثر من 3 أشهر يتم إنذاره مرتين بضرورة السداد، وفي حالة الاستجابة يتم تحصيل قيمة المديونية بدون فوائد، إذا سددها المشترك مرة واحدة.

وفي حالة تقدم المشترك بطلب تقسيط المديونية يتم تطبيق فوائد على إجمالى القيمة بنسبة 17%، ولم تمر أيام قليلة على صدور القرار حتى تم إلغاؤه على يد الدكتور أيمن حمزة المتحدث الرسمي باسم الوزارة، بدعوى التخفيف عن المواطنين.

وفي الشهر التالي، أعلنت الحكومة ممثلة في وزارة الزراعة عزمها على تصدير الكلاب والقطط الضالة إلى الدول الآسيوية التي تستخدمها في الطعام، مشيرة إلى أنها وافقت على تصدير 2100 قطة و1700 كلب من سلالات متنوعة، وأن دور الوزارة اقتصر على منح شهادات تؤكد أن هذه الحيوانات محصنة وخالية من الأمراض.

وأثار القرار عاصفة من الغضب في أوساط الرأي العام، وأعلن المصريون رفضهم للقرار، ما أدى إلى تراجع الحكومة عن تنفيذه، وأطلق نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي حملات من أجل التصدي للقرار ورفضه، وانطلق هاشتاجان، الأول بعنوان: "ضد تصدير الكلاب والقطط"، والآخر بعنوان "أوقفوا تصدير الكلاب والقطط من مصر".

وفي مارس 2019، أعلنت وزارة الري تقليص مساحات الأرز المنزرعة، توفيرًا للمياه التي يحتاجها ذلك المحصول، إلا أن القرار آثار غضب الجمعيات الزراعية والفلاحين وقاموا برفضه.

وعلى الفور تراجعت الحكومة عنه وأعلنت أنه سيتم زراعة مليون و100 ألف فدان أرز هو، وعدم تقليص المساحات المنزرعة منه، والتوجه نحو استيراد الأرز لأول مرة في التاريخ المصري.

ويعلق على ذلك الدكتور أحمد مهران، أستاذ القانون العام ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، بتأكيده أن القرارات التي تقوم بإتخاذها الحكومة متمثلة في الوزارات أو الجهات الإدارية التي تمثل الحكومة من الوارد أن يتم إلغاؤها أو التعديل عليها ما إن رأت الحكومة أن هذا يخدم الصالح العام.

يضيف: "أي في حالة إصدار قرارات إدارية لاقت عدم رضا أو ربما غضب من الفئة المعنية بهذا القرار، أو من هم لهم مصلحة مباشرة في هذا الشأن، فيمكن للحكومة أن تعدل عن هذا القرار وتقوم بإلغاؤه وذلك للحفاظ على المصلحة العامة للمواطنين".

ويقول "مهران" في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، "القرارات الإدارية مشمولة بالنفاذ المعجل، بمعنى أن للحكومة أحقية تنفيذ قراراتها حتى مع أحقية الطعن عليها في المحكمة الإدارية العليا، أي أن القرار الإداري لا يوقف تنفيذه سوى حكم محكمة".

يشير إلى أن القرارات الإدارية التي اتخذتها الحكومة هي واجبة التنفيذ ما دام لم يصدر حكم قضائي بإلغاء تلك القرارات، حتى وإن تقدم أحد من هؤلاء المعنيين بهذه القرارات بطعن أمام إحدى المحاكم المختصة أو حتى تقدم بطعن أمام المحكمة الإدارية العليا.

يتابع: "هنا الحكومة لها الحق الكامل في تنفيذ قراراتها ما دام ليس هناك حكمًا يوقف تنفيذ هذه القرارات"، مبينًا أنه في حال صدور حكم قضائي إيجابي بشأن الطعن التي قام به أحد الأفراد الذين لهم مصلحة مباشرة في القرار التي اتخذته الحكومة.

ويختتم: "ففي هذه الحالة الحكومة مجبرة على تنفيذ حكم القضائي الصادر عن المحكمة الإدارية حتى وإن رغبت الحكومة هي الآخرى في الطعن على حكم المحكمة، فالتنفيذ أولًا والمثول لحكم المحكمة ومن ثم التقدم بالطعون أمام المحاكم القضائية المختصة".

ويقول المحامي ياسر سيد أحمد، إن القرارات الإدارية محكومة بالقواعد والإجراءات والمواعيد التى تحكم دعوى الإلغاء لذلك طلب وقف تنفيذ القرار الإداري هو الشق المستعجل في دعاوى إلغاء القرارات الإدارية، حيث أن طلبات وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من طلبات الغائها وفرع منها.

وعن الشروط التي يجب توافرها في طلب وقف تنفيذ القرارالإداري فيقول "ياسر"، تنقسم إلى شروط شكلية وموضوعية، الأولى واجب توافرها لقبول الطلب في البداية التي يطلق عليها داخل «شكل الدعوي»، والموضوعية هي اللازم توافرها عند بحث موضوع الطلب للقضاء بوقف تنفيذ القرار من عدمه.