رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زي الشمس


زي الشمس، عنوان العمل الدرامي المميز الذي يعرض في رمضان 2019، لماذا الشمس، ربما لان دلائل ارتكاب الاثام والخطايا لا تستطيع التخفي والصمود في الظلام لكنها سرعان ما تظهر وتشع مثل ضوء الشمس في الوقت المناسب، ربما، او في اسقاط على ظهور العديد من الموضوعات والحكايا المختفية والمسكوت عنها في حياة عائلة الاختين نور وفريدة، اذ تظهرالخفايا بمقتل فريدة الذي يمثل ضوء مبهر يتم تسليطه علي الحكايا والقصص المخفية، ربما كل الاحتمالات صحيحة.
مسلسل زي الشمس المأخوذ عن مسلسل ايطالي بعنوان sorelle الذي حقق اعلى نسبة مشاهدة عالمية لما يتميز به من حالة فريدة من الغموض والاثارة والجذب الدرامي المحترف، تماما كما نجحت السيناريست مريم ناعوم في العمل على المعالجة الدرامية للكاتبة نجلاء الحديني لتمصير قصة المسلسل الايطالي وتصفيته من المشاهد والموضعات الاجتماعية الغربية التي لا تتناسب مع المجتمع المصري، تقدم ناعوم وفريق السيناريو والحوار المكون من خمسة اشخاص الي جانبها في تقديم حالة من الاثارة الجماعية والمتفق عليها بين المشاهدين، حالة من الاتفاق على الوحدة العائلة التي تتكاتف جميعها للبحث عن قاتل ابنتهم فيبدو العمل الدرامي زي الشمس قابل للدخول في قلوب جمهوره بسلاسة ويسر.
يدور المسلسل حول نور دينا الشربيني المحامية التي تعيش في لندن هربا من صدمة قاسية تسببت فيها شقيقتها فريدة ريهام عبد الغفور عندما قامت بخيانتها عن طريق الوقوع في اثم العلاقة الجنسية مع خطيب نور شقيقتها والتي حملت منه بطفلتهما الاولي قبل ان يتم زواجهما بمباركة الام التي تقوم بدرها سوسن بدر، عندما تعود نور الي الوطن تتعلق بابناء شقيقتها وتقوم برعايتهم خاصة مع تفاقم الخلافات بين فريدة وزوجا عمراحمد السعدني.
اولا لابد من القاء الضوء على نقطة مهمة في احداث الرواية الدرامية وهي تسامح نور التي تمت خيانتها من اقرب شخصين في حياتها وهما شقيقتها وخطيبها الذى كانا على وشك الزواج وعرفت بالخيانة في اثناء تجهيز وترتيب بيت الزوجية. تجد نور متسامحة الى اقصى درجات السمو النفسي النادر حدوثه خارج الروايات والافلام السينمائية او الاساطير، فقد قدمت دينا الشربيني اروع ادار درامية قامت بتقديمها والمتمثل في اداء دور الفتاة العاشقة التي تتعرض لصدمة الخيانة ومن بعدها تمر بمرحلة التعافي والنسيان وصولا الى التعامل السوي مع جانب حياتها العائلية مجددا بل وتنهار حزنا على شقيقتها الخائنة عند معرفتها بخبر مصرعها، بالاضافة الي سعيها الدؤب عن ايجاد قاتل شقيقتها وتاركه خلفها عملها في لندن كمحامية في شركة قانونية مشهورة.
ربما لم يتفهم جمهور المسلسل شخصية فريدة جيدا، بالغوص في اعماق شخصية هوائية ومتحررة مثلها يتضح انها ربما لم تقصد فعل الخيانة بمعناها الحرفي انما هو اعتيادها على نيل ماترغب، نتيجة تربية ونشأة مختلفة على يد والدتها متعدد الزيجات التي بدورها تشجع فريدة على الاستمتاع بحياتها لان العمر واحد على حد قولها. فريدة سريعة الندم والاعتراف بخطيئتها وذلك ربما مايصنع الارتباك في مشاعر المشاهدين الذين تتراوح مشاعرهم ما بين التحيز لنور البريئة التي فقدت خطيبها بسبب شقيقتها فريدة وبين فريدة نفسها التي تبدو نادمة انها افسدت حياة شقيقتها.

للمخرج سامح عبد العزيز-من قبله الرائعة كاملة ابو ذكري- الفضل الاكبر في اخراج هذا العمل او قل ادخاله في قلوب مشاهديه بالشكل الاحترافي المتوقع، تظهر المشاهد بكاميرا سنيمائية خبيرة تتحدث بالنيابة عن حوار غير منطوق وسيناريو لم يتم سرده، من اجمل هذه المشاهد كانت تكوينات الصورة التي شملت المواجهة بين الشقيقتين لحطة اعتراف فريدة بان الحق لنور ان تشمت وتتشفى في فريدة لحطة تعدي عمر بالضرب عليها واختطاف طفليهما، وسط دمع فريدة والام تقترب فريدة من نور طالبه السماح في مواجهة كاميرا عبقرية تنتقل بسلاسة بين الكلوز والمديوم في تعبير كاف عن حالة الام والشقيقتين المذرية والتي تبدو انها ماساة لا متناهية، وغيرها من المشاهد المميزة الا انني ذكرت هذا المشهد خاصة لما يتميز به من حالة درامية تدعو الى التأمل في مجريات الحياة التي لا تستحق كل هذا الكم من البؤس.
ملحوظة او امنية: اتمني من فريق عمل ورشة السيناريو ان لا ينهي نسخته المصرية بنفس النتيجة والاعلان عن نفس شخصية القاتل التي تتضمنها النسخة الايطالية الاصلية، بل اتوقع المفاجأة التي تتفوق عليها وتجعلهم –هؤلاء الايطاليين- عض اصابع ايديهم ندما انهم كيف لم يفكرا بهكذا نهاية غير متوقعة مثلما فعلها السيناريو المصري.