رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قليل من التنظيم.. كثير من اللعب


يؤمن البعض بأن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، فالوقت الذى يمر لا يعود ولا يعوض، والوقت مورد محدود لا يمكن زيادته، ولكن يمكن تعظيم قيمته بحسن تنظيمه واستغلاله فيما يفيد، فالوقت نعمة، علينا أن نحسن الاستفادة منها فيما يعود علينا بالنفع مجتمعا وأفرادًا.
وتنظيم الوقت من الأمور المهمة فى حياة الإنسان، فهو يجعله يشعر بالسيطرة والتحكم فى حياته، ويجعله يعرف ماذا يريد أن يفعل، ويرتب أولوياته فينجز ما عليه من مسئوليات، ويحدد الأوقات المتاحة له للتسلية والترفيه، فالتنظيم يعنى وضع خريطة محددة المعالم لتقسيمات العمل والراحة.. وبقدر التركيز على أهمية اوقات العمل والإنجاز، ينبغى أن نوجه عناية كبيرة لأوقات الترفيه أيضًا: فالترفيه ليس مضيعة للوقت بل هو نشاط مهم لكسر الملل والروتين ولتجديد النشاط.
يقول الفيزيائى والباحث فى اللعب د. ستوارت براون إنه لا يوجد شىء يضىء الدماغ كاللعب.
فالأشخاص الذين ينغمسون كليًا فى العمل هم أكثر الأشخاص عُرضة للأمراض النفسية والجسدية.
وترى يانا بوهرار تافانيير، الناشطة فى مجال حقوق الإنسان، أن الكآبة وليس اللعب هى نقيض العمل، وأن اللعب يذيب الخوف والبلادة والكآبة، وهى تقوم باستخدام طاقة «اللعب» والإبداع كمحركات للتغيير المجتمعى،
تقول: عندما نلعب، نحن نتعلم. فالآراء لا تتغير بكثرة المعلومات، بل بتجارب محفزة على التعاطف. إذًا، التعلم من العلم والفن، يمكننا التحدث عن صراع مسلح عن طريق مصابيح ضوء. أو عن اللامساواة العنصرية فى الولايات المتحدة باستخدام بطاقات بريدية.
ولأن كثيرًا من الناس يخلطون بين اللعب والإهمال وتضييع الوقت توضح «يانا بوهرار تافانيير»: «عندما أتحدث عن طاقة اللعب فى سياق حقوق الإنسان أقابل بحواجب مرفوعة، حواجب تقول (يا لها من عديمة مسئولية).. (يا لها من عديمة إحساس)، عادة ما يفهم الناس اللعب بطريقة خاطئة على أنه إهمال. إنه ليس كذلك. اللعب لا يجعل فقط جيوشنا تصبح أقوى، أو تطلق أفكارًا أفضل فى أوقات الظلم المؤلم. اللعب يجلب الخفة التى نحتاجها كى نقدر على التنفس عندما نلعب، نعيش. لقد نشأت فى زمن كان فيه كل اللعب ممنوعًا. حياة عائلتى سحقتها الديكتاتورية الشيوعية من أجل عمتى، جدى، أبى، عقدنا دائما جنازتين، واحدة لأجسادهم ولكن قبلها بأعوام واحدة لأحلامهم.
فلننظم أوقاتنا حتى نستطيع أن نرى المساحات الشاغرة فيها والتى يمكن أن نملأها بما يجدد الروح ويشحذ النفس.. يمكنكم القراءة، ممارسة التأمل، المشى، مشاهدة الأفلام، الجلوس والتحدث مع أفراد العائلة، يمكنكم..،.. فقط بقليل من التنظيم.