رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رفقًا بالمشاهدين فى رمضان



رغم أننا فى الأيام الأولى من شهر رمضان المبارك، الذى له سمات خاصة جدًا فى مصر، لأنه شهر العبادة والصوم ولمة الأسر والأصدقاء وموائد الرحمن.. فإنه أيضًا شهر الفرجة على الدراما الرمضانية والبرامج المخصصة للشهر الكريم، حيث تكون كثافة المشاهدة فى أعلى درجاتها، وبحيث لا تقارن بأى شهر من شهور السنة. لهذا تكثف الجهود من فئات كثيرة من المجتمع من أجل الوجود على المائدة الرمضانية.. ومنذ اليوم الأول يبدأ السباق الرمضانى اللاهث لجذب المشاهدين.. ولى عدة ملاحظات عامة على المشهد الإعلامى الحالى، أولاها:
إن الإعلانات من كل نوع قد غزت الدراما الرمضانية بشكل أضاع متعة المشاهدة والقدرة على التركيز.. فهناك هوجة إعلانات متواصلة تقطع المسلسلات عدة مرات خلال الحلقة الواحدة من المسلسل بشكل مبالغ فيه وتستفز المشاهد، لكثرتها وصخبها وتواصلها وطولها وتكرارها فى جميع المسلسلات، ولا فرق بين مسلسل أكشن أو اجتماعى أو كوميدى، بل إن نفس الإعلان تشاهده، كلما حاولت أن تغير المحطة هربًا من هوجة الإعلانات فى الحلقة منذ بدء عرضها.
الملحوظة الثانية: مشاركة عدد كبير من مشاهير المطربين والممثلين والإعلاميين والشباب والأطفال أحدثت نوعًا من الارتباك للمشاهد، كما أحدثت نوعًا من التشويش على المسلسلات، كما نتج عنها من ناحية أخرى نوع من استياء المشاهد نتيجة الملايين الكثيرة التى تنفق على الفنانين المشاركين فى الإعلان بشكل يدعو إلى الاستفزاز، والتى كان من الممكن أن توجه فى أعمال خير كثيرة بمساعدة أسر فى حاجة إلى لحظة عطف إنسانى مع غلاء الأسعار أو دعم المرضى والأكثر احتياجًا مباشرة. وهناك فنانون للأسف لا يهتمون بالمشاركة فى دعم الأكثر احتياجًا أو المرضى أو المستشفيات الكثيرة الموجودة التى تفتقر إلى التجهيزات المطلوبة لتحسين أحوالها، أو مستشفيات جديدة يجرى إنشاؤها ولم تنته تجهيزاتها بعد، بينما من واجب الفنانين أن يشاركوا بنوع من المسئولية المجتمعية والمساهمة فى دعم احتياجات الأسر الفقيرة.
ثالثًا: إن هناك عددًا كبيرًا من الممثلين الجدد الذين يقومون ببطولة المسلسلات وحولهم ممثلون كبار، مما يجعلك تشعر بفرق كبير فى مستوى الأداء فى الحلقة الواحدة. وأنا هنا مع الاتجاه لتقديم وجوه جديدة أو شباب جدد، لأنها سُنة الحياة ولأن بلدنا ملىء بالمواهب التى يتم اكتشافها كل سنة، لكن هناك نجومًا كبارًا لديهم مكانة لدى الجمهور خلت منها المائدة الرمضانية تمامًا. وهناك صف ثانٍ من الفنانين المعروفين الذين لا يعملون هذا العام، رغم أنهم ذوو خبرة، كما أن المشاهد قد اعتاد أن يراهم ولا أحد يعرف أى شىء عن أحوالهم، بينما هناك ممثلون يشاركون فى عدة أعمال رمضانية، بحيث يتوه المشاهد بين أدوارهم.
رابعًا: إن هناك مسلسلات جيدة ما زالت فى بداية حلقاتها، وسأعود إليها الأسبوع المقبل، ومسلسلات جرى إعدادها على عجل لتلحق برمضان، مما أفقدها التميز فى الشهر الكريم.. ومسلسلات عديدة توجد بها ألفاظ فجة وسوقية وبها عنف مفرط نحن فى غنى عنها، لأنها ستسهم فى تنشئة أجيال تشبه سلوكياتها أبطال المسلسلات.
خامسًا: ما زلت أطالب بوضع الإعلانات مع بداية المسلسل وقبل نهايته، بحيث يراها المشاهد، وبحيث لا تقطع تركيز ومتعة المشاهدة، وأطالب الهيئة العليا للإعلام بالتوصية بذلك، بحيث نشاهد الإعلان، وفى نفس الوقت نتمكن من متابعة المسلسل أو البرنامج.
ورفقًا بالمشاهدين من هوجة الإعلانات والألفاظ البذيئة والسلوكيات الفجة والعنيفة، لأن ملايين الأسر تلتف حول الشاشات فى البيوت خلال الشهر الكريم، لتمضية الوقت وللتسلية ولمشاهدة القنوات الفضائية الكثيرة الموجودة حاليًا. وهناك ملايين الأسر تعتبر أن متعتها الوحيدة فى شهر الصيام هى متابعة المسلسلات والبرامج المصرية فى البيوت طوال الشهر الكريم، وهنا تكمن خطورة آثارها وأهمية اختيار المادة وتنقيتها قبل بثها للمشاهدين.. وهذه ليست دعوة لتقييد الحرية، إنما هى دعوة للارتقاء بالذوق العام، ورفع درجة الوعى الجمعى بمتطلبات المرحلة الراهنة التى نعيشها، والارتقاء بالرسالة الإعلامية خلال شهر رمضان المبارك، وكل عام ومصر بخير.