رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ملائكة الخير.. "الدستور" تحاور أعضاء حملة نظافة المساجد في رمضان

جريدة الدستور

على حب الله اجتمعوا، مرضاة لله فقط، فقد عز عليهم أن يروا مساجده وقد ملأها الغبار والأتربة لذا حملوا على أكتافهم تنظيفها ذلك دون مقابل منتظرين الأجر الأعظم من الله، وذلك عملًا بالآية "إنما من يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر"، إنهم أناس اجتمعوا على خدمة بيوت الله وتنظيفها مجانًا حتى جابت سياراتهم كافة قرى ونجوع مدينة دمياط متنقلة من مسجد لآخر لتنظيفه.

"كانت رؤية رأيتها بالمنام وتكررت مرتين".. هكذا بدأ دكتور أحمد عطية البرش، الأستاذ بكلية الشريعة الإسلامية بدمياط، ومؤسس حملة "وطهرا بيتي" التي حملت على عاتقها تنظيف "موكيت" المساجد وتعطيرها حديثه قائلًا إنه رأى في المنام من يتلو عليه الآية القرآنية "وطهرا بيوت الله".

ليأتي في اليوم الثاني واجتمع بطلابه أثناء إلقاؤه لأحد الدروس الدينية، لتشكو إحدى طالباته له من كثرة رؤيتها للمساجد وقد ملأها التراب وظهر بها أثار لبعض الإهمال وأن هذا الأمر يزعجها كثيرًا حتى أدرك البرش وقتها أن الرؤية لها دلالة، ليقرر على الفور إطلاق حملة تنظيف المساجد ويطلق عليها "وطهرا بيتي".

وتابع البرش حديثه أنه خصص لهذه الحملة إحدى سياراته النقل التي يمتلكها بحالة "الزيرو" ليوهبها لله عز وجل، موضحًا أنه أطلق الحملة العام الماضي وجهزها تمامًا في 9 أيام فقط، فقد اشترى المعدات اللازمة لنظافة المسجد بالكامل وحرص على أن تكون أفضل المعدات وأكثرهم جودة، لذا فقد اشترى "مغسلة" تعمل على غسيل وتجفيف وتعطير السجاد على الأرض وكذلك بعض "المكانس" الأخرى وكافة أدوات التنظيف اللازمة، موضحًا أن الله قد سهل له كافة التكاليف اللازمة لهذه الحملة.

وتابع أن الأعمال التي توهب لله هي الميراث الحقيقي للإنسان وهذه هي الثروة الحقيقة، مضيفا أن الكثير منا يسعى إلى زيادة حسابه في دفاتر البنوك ولا يسعى إلى زيادة حسابه في دفاتر الآخرة.

وأشار البرش إلى أن زوجته كان لها الفضل الكبير في تشجيعه على إطلاق هذه الحملة فقدمت له مبلغًا من المال كمساعدة منها لإطلاقها، لافتا إلى أنه اجتمع بعد ذلك بالفعل بعدد من المتطوعات وقمن بأعمال النظافة على مدار يومين بالأسبوع دون أخذ أي مقابل سوى الرجاء فقط في مرضاة الله.

وأضاف البرش أنه أراد أن تتضمن حملته صدقة مستترة للأرامل والمطلقات لذا فقد جعل لبعضهن مبلغًا من المال قدره 100 جنيه باليوم الواحد مقابل تنظيف المسجد، موضحا أنه بذلك يستطيع أن يحقق لهن مبلغ حوالي 400 جنيهًا شهريا، بخلاف أنهن- كما قال - يستطعن القيام بأداء فرائضهن بالمسجد كاملة، موضحًا أن هناك سيدات أقسمن على أنهن لم يصلوا منذ 16 عامًا ومن خلال أدائهن لتنظيف المسجد قد التزموا بأداء الصلاة وأوقاتها.

وتواصلت "الدستور" مع أحد المتطوعات بحملة "وطهرا بيتي" وهي السيدة انتصار سيد، منسقة الحملة والمشرفة عليها والتي تقوم بأداء كافة أعمال التنظيف مع المتطوعات الأخريات، والتي قالت: "أكون في قمة سعادتي وأنا اعمل على تنظيف مساجد الله وأنها تشعر وكأن الملائكة يساعدونها أثناء عمليات تنظيف وتطهير المسجد، وبالتالي لا تشعر بأي تعب ولا تجد بذلك أى عائقًا أو تعطيلًا عن أداء واجباتها المنزلية، موضحة أنها تفرغ من أداء كافة أعمالها المنزلية بعد تأديتها لصلاة الفجر ثم تتجه إلى عملها بالمسجد من الساعة التاسعة والنصف تقريبًا ثم تعود إلى المنزل قبل أن يأتي زوجها من العمل وتوصف شعورها قائلة: "أنا أشعر ببركة غريبة بوقتي وصحتي لتختتم حديثها بحمد الله عز وجل مترجية منه وحده الأجر والثواب".

"كما يفعل الآباء يفعل الأبناء"، حيث اتبعت عبير محمد ابنة السيدة انتصار طالبة كلية الهندسة، نفس نهج والدتها لتقوم هي الأخرى مع والدتها وباقي أفراد حملة تنظيف المساجد "وطهرا بيتي" بخدمة وتنظيف المساجد، لتروي لـ"الدستور" أنها كانت تدخل العديد من المساجد وتتألم عندما تجدها قد ملئت بالأتربة والروائح الكريهة التي انبعثت منها نتيجة آثار قدمي بعض المصلين، فقررت هي ووالدتها أن يتطوعا بحملة الدكتور أحمد البرش، موضحة أنها تشعر بالراحة النفسية عند أداء أيا من الأعمال التطوعية والتي يكون الأجر فيها من الله وحده.

وأضافت أن هذه الأعمال الخيرية التي تقوم بها لا تعوقها تمامًا عن حياتها الاجتماعية أو دراستها فهي من المتفوقات بكلية الهندسة، كما انها قد شاركت مع الحملة في تنظيف حوالي 180 مسجد إلى الآن ومنتظرة أن تشارك في تنظيف المزيد داعية الجميع إلى فعل الخير ابتغاء مرضاة الله.

أما سائق السيارة التي تحمل معدات تنظيف المساجد بحملة "وطهرا بيتي" فهو محمد محمود الصاحي وهو ابن شقيقة مؤسس الحملة الدكتور أحمد عطية البرش والذي أوضح لـ"الدستور"، أنه ما أن فاتحه دكتور البرش في أمر قيادته لسيارة الحملة، لم يتردد نهائيًا بل أنه يقول "ياليت لي أن أقوم بما هو أكثر من ذلك لوجه الله"، موضحًا أنه يعمل في الأصل محاسبًا ويجده شرفًا أن ينقل معدات تستخدم في تطهير ونظافة بيوت الله، لافتا إلى أنه قد تبرع بثمن "البنزين" المستخدم بالسيارة لوجه الله كصدقة جارية على روح والده.