رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التغيير يحدث إلا قليلا


من سمات الشخصية الدرامية ألا تكون أحادية الجانب، فلا تكون خيرًا مطلقًا ولا تكون شرًا مطلقًا، وأن يحدث لها تطور فلا تكون ذات سمات استاتيكية جامدة، بل تحدث لها تحولات ومراجعات بالسلب أو بالإيجاب.
ويبدو أن هذه المقولات تنطبق فقط على خشبة المسرح، لكن الواقع على خشبة الحياة يقول غير ذلك.
يقول عالم النفس الأمريكى «وليام جيمس» فى كتابه «مبادئ علم النفس» الذى نشره عام 1890، إن شخصية المرء تصبح ثابتة مثل الجبس بعد الثلاثين.
ولكن بعد مرور أكثر من قرن على صدور الكتاب، يعيد الباحثون النظر فيما ورد فيه من ملاحظات.
وجد الباحثون أن السمات الخمس الأساسية للشخصية هى: العصابية، يقظة الضمير، الاجتماعية، الانفتاحية، الطيبة.. وهى كلها تمر بتغيرات كبيرة عبر حياة المرء.
فالشخصية كما يقول العلماء هى نتاج تراكمات وراثية وفكرية وثقافية وعقائدية تشكلت منذ مراحل العمر المبكرة، فإذا كنت تحاول أو تتمنى إحداث تغيير فى حياة شخص آخر أو تغيير سماته الشخصية، عليك أن تعيد النظر فى ذلك، لأن الشخص غالبًا لن يتغير، ببساطة لأن الشخصية لا تتغير. يمكن أحيانًا أن ينجح الإنسان فى مساعدة الآخرين على تحسين أنماط سلوكية معينة، لكن ليس أبعد من ذلك.
تغيير الشخصية أمر صعب نوعًا ما، وقد لا يمكن تغيير بعض السمات الشخصية، ولكن هناك العديد من الأشياء التى يمكن تغييرها فى الشخصية، مثل: التفكير، والأعمال اليومية، وتغيير العادات الخاصّة بالفرد، والتغيير يُمكن أن يحدث بشكلٍ طبيعىّ دون تدخّل بشرى، أظهرت دراسة أجريت فى جامعة مانشستر، فى كلية لندن الاقتصاديّة، أنه كلّما تقدّم الفرد فى العمر، وخضع لتجارب تحويلية فى حياته زادت فرص تغيير شخصيته بشكل أكبر. ومن الأمور التى تساعد على ذلك فعل الخير، حيث تُشير دراسة حول تحفيز العاطفة إلى أنّ الانخراط فى الأعمال الخيّرة يساعد فى القضاء على القلق، وتحويل التفكير من التركيز على الذات إلى التفكير بالآخرين، وهذا يَزيد من فرص التواصل والحوار الاجتماعى مع الآخرين.
والخلاصة أن السمات الشخصية لا تتحول ولكنها تصبح أقل أو أكثر، فيصبح الإنسان أقل أكثر عصبية، أقل أكثر انفتاحًا مع التجارب الجديدة، أقل أكثر أنانية.
الأيام لن تجعل الكاذب صادقًا، أو الأنانى معطاء، أو الجبان شجاعًا.. سماتنا تبقى مثل بصمتنا، ولكن قد تغيرها الحوادث إلا قليلا.
ولإحداث تغير إيجابى فى الشخصية لا بد من وجود قوة تدفع الإنسان لتغيير نفسه، أى أن توفر له دوافع اجتماعية لتغيير شخصيته، ويجب أن يكون هناك أشخاص بجانبه كالأصدقاء والأهل لكى يساعدوه على التغيير ويدعمون سماته الجديدة.