مذاق خاص لشهر رمضان بجوار السيدة زينب
عند آذان المغرب، وفي كثير من أحياء مصر والقاهرة القديمة، ولا سيما حي السيدة زينب، يهرع الشباب بأكواب العصير والتمر لتقديمها إلى المارة بالشوارع، والركاب داخل السيارات والميكروباسات والأوتوبيسات، وإذا حاولت أن تعتذر يرد عليك بابتسامة جميلة قائلا "إنها دعوة من أم هاشم، رئيسة الديوان".
عدة ألقاب اشتهرت بها سليلة بيت النبوة "السيد زينب بنت الإمام علي كرم الله وجهه"، التي عرف عنها التصوف والزهد، وهي حفيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمها فاطمة الزهراء بنت النبي صلى الله عليه وسلم.. أمّا أخواها فهما الإمامان الحسن والحسين عليهم السلام.. ومن هذه الالقاب: "أم هاشم، وصاحبة الشورى، وعقيلة بني هاشم، والطاهرة، وأم العواجز، ورئيسة الديوان، وأم الحسن، وأم كلثوم".
عاشت حياة مليئة بالأهوال، حيث فقدت جدها النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهي بنت خمس سنين وفقدت أمها الزهراء بعد شهور قليلة لا تتجاوز الستة بعد مرض شديد. وألقى على عاتقها وهى صبية صغيرة أعباء إدارة بيت أبيها ورعاية شئون أخوتها ثم صدمت فيما بعد بمصرع أبيها الإمام علي إثر طعنة قاتلة ثم عاصرت مقتل أخيها الإمام الحسين في معركة كربلاء وصبرت على كل هذه الابتلاءات.
وصلت السيدة زينب بنت علي إلى مصر في شعبان عام 61 هجرية، وخرج لاستقبالها جموع المسلمين وعلى رأسهم والي مصر الأموي مسلمة بن مخلد الأنصاري، وأقامت السيدة زينب في بيت الوالي حتي وافتها المنية بعد عام واحد من قدومها إلي مصر يوم 14 رجب من عام 62 هـ، ودفنت في بيت الوالي، الذي تحول إلي ضريح لها، حسبما ذكرت مجلة «الإسلام وطن» لسان الاتحاد العالمي للطرق الصوفية.
ميدان ومسجد السيدة زينب الأشهر على مر العصور يفد إليه الآلاف سنويا من داخل مصر ومن دول عربية شقيقة من أبناء ومحبي الطرق الصوفية في الاحتفال بمولدها وكذلك في أحياء ليالي رمضان الكريم، ويزداد نبض الحي في شهر "رمضان المبارك"، وطوال الشهر المعظم تتلألأ شوارع الحي بالأضواء والزينة ويظهر مسجد السيدة زينب كالعروس التي تتزين لاستقبال عريسها.
ويشتهر حي السيدة زينب بتجارة الفوانيس، التي تزدهر تجارتها طوال الشهر الكريم، حيث يتواجد في هذا المكان العديد من الأشكال والألوان ذات الرونق الجذاب فتحتوى المحال التجارية على أجمل الفوانيس بجميع أحجامها وأسعار التي ليس لها مثيل في باقي مناطق القاهرة.
ويكتظ المسجد يوميا بمئات المصلين الذين يفدون إليه طوال شهر رمضان من كل ربوع مصر والقاهرة لأداء صلاة العشاء والتراويح وقراءة الفاتحة بالمقام، ويشتهر المكان بمحلات العصير التي يتواجد بها جميع أنواع المشروبات، وخاصة مشروب "السوبيا" الذي يحمل مذاقا خاصا وهو من اشهر المشروبات فى السيدة زينب. وكذلك محلات الكنافة والقطايف التي تتمتع بشهرة خاصة ويأتي إليها البعض خصيصا من أماكن بعيدة.
وعلى مقربة من مسجد السيدة زينب ووسط هذه الأجواء الروحانية، انطلقت الليلة الماضية احتفالات ليالي رمضان الثقافية للأطفال بحديقة السيدة زينب، وبدأ الافتتاح بعرض فرقة رمضان الثقافية "أهلا رمضان". كما افتتح معرض الإصدارات المشارك فيه كل من المجلس الأعلى للثقافة، ودار الكتب والوثائق القومية، ودار الهلال، ثم افتتاح معرض الفن التشكيلي، ومعرض لوحات بعنوان "مصر في عيون أطفال العالم" ومعرض منتجات الدول المشاركة "السودان والصين والهند".
وعلى مسرح الطفل تم الافتتاح بحدوتة رمضانية مع الفنانة عزة لبيب، أعقبه عرض أوبريت الليلة الكبيرة، بالتوازي مع عرض خيال الظل بالمسرح الأسود لفرقة كيان ماريونت، بالإضافة لورشة الأطفال ذوى الهمم.
وأكد محمد ناصف، رئيس المركز، في كلمة الافتتاح أهمية مد جسور التعاون بين جميع هيئات وزارة الثقافة من أجل تقديم خدمة ثقافية فنية متكاملة للطفل المصري والأسرة المصرية، وبدأ بعدها عرض فقرات السيرك القومى، وفرقة الآلات الشعبية المقدمين من قطاع الإنتاج الثقافي، ثم قدم فريق مسرح الحديقة الثقافية عرض "ليلة الرؤية".
واختتمت الليلة الأولى من ليالي أهلا رمضان بالعرض المسرحي "مقامات مصرية" المقدم من مسرح السامر التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة.