رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الخداع البصرى 2


تدفعنا الحيرة إلى البحث والتفكير، وبعد أن شدت انتباهى فكرة الخداع البصرى، وكيف يستخدم البعض من لاعبى الخفة أساليب الخداع البصرى لتسلية الجمهور، ويستخدمها أيضًا بعض رجال السياسة والاقتصاد والدين ليجعلوا الإنسان يرى الصورة التى أمامه على غير حقيقتها التى هى عليها فى الحقيقة.
ويعتمد نجاحهم فى تحقيق ذلك على مقدار ما يعرفون من أسرار عقل الإنسان، وكيف يفكر، وما الذى يشد اهتمامه، وأين سينظر، حيث يحدث الخداع البصرى نتيجة أن المعلومات التى تجمعها العين تجرى معالجتها فى الدماغ بطريقة خاطئة تعطى نتائج غير مطابقة للواقع والحقيقة، وأغلب الحيل البصرية التى تجرى هى عبارة عن تركيب صور بجانب بعضها البعض بطريقة مدروسة، بحيث تعطى النتائج المتوخاة منها.
استفاد أيضًا من ظاهرة الخداع البصرى عدد من الفنانين التشكيليين الذين قدموا فن الخداع البصرى «Optical art illusion»، ويعد المصور والنحات المجرى الفرنسى Victor Vasarely فيكتور فازاريلى «1906- 1997»، أول من ابتدع فن الخداع البصرى.. ولد «فازاريلى» فى بودابست، وانتقل إلى باريس فى عام 1930، حيث عمل رسام جرافيك فى وكالات الإعلان، وقدّم عمله الرئيسى الأول: زيبرا، أو الحمار الوحشى «1939».. على مدى السنوات، طور «فازاريلى» نموذجه الخاص لفن الخداع البصرى، واستخدم مجموعة متنوعة من المواد الخام، ولكنه استخدم عددًا ضئيلًا من الأشكال والألوان.
بدأ الفن البصرى فى أواخر الثلاثينيات، لكنه لم يصبح فنًا فى مصاف الفنون الحديثة إلا مع حلول أوائل الخمسينيات، عندما أطلق عليه أحد الصحفيين الأمريكان تعبيرًا صار شائعًا وهو «أُوب- أرت» (Op Art»،(Optical Art».
وبرز عدد من الفنانين العالمين الذين أسهموا فى رسوخ هذه الظاهرة الفنية، ومنهم الرسامة الإنجليزية «يريجيت لويز رايلى»، التى ولدت عام 1931، وتؤمن «بريجيت» بأن العين تنحدر على الطبيعة كما تنحدر العين على اللوحة، وأن اللوحة يمكن أن تترك فينا انطباعًا قويًا تمامًا كما تترك الطبيعة على العين الانطباع القوى نفسه، وقد زارت «بريجيت» مصر وأقامت بها مدة عام، فى الفترة من 1980- 1981، وتأثرت كثيرًا بالألوان الدافئة فى الحياة المصرية اليومية وفى رسومات وألوان الفراعنة، فرسمت لوحات على جانب كبير من الحس اللونى، عُرفت باسم «الألوان المصرية».
اعتمد فن الخداع البصرى على استخدام القوانين الرياضية لإبداع لوحات تشكيلية توحى بالقيم الجمالية المتمثلة فى الحركة والسكون والعمق وبروز اللوحة بالرغم من أنها على سطح مسطح، أو أن يوحى الشكل العام بالحركة مع أنه ساكن.
وهكذا نرى أن ظاهرة الخداع البصرى تتحول إلى تضليل وخديعة على يد بعض المستغلين والأفاقين، وتتحول إلى موضوعات للرؤية والتأمل على يد الفنانين.