رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انت البطل


فى كتابه «the lucifer Effect: Understanding How Good People turn evil» يعطينا العالم الأمريكى فيليب زيمباردو أملًا لمحاربة الشر، وذلك بنشر وتشجيع مفهوم البطولة، فالبطولة كما يرى هى ترياق مضاد للشر. ويمكن أن يحدث ذلك من خلال تشجيع الخيال البطولى بين أبنائنا، فالغالب فى الثقافة الشعبية أن الأبطال هم أشخاص خارقون ولديهم سمات ومميزات خاصة. وهذا مفهوم خاطئ يجب العمل على تصحيحه وأن ننشر بين أبنائنا أن أغلب الأبطال هم الأناس العاديون الذين نقابلهم كل يوم، وأن العمل البطولى هو أمر غير اعتيادى. وأن الظروف التى تؤدى إلى ارتكاب أعمال شريرة هى نفسها يمكنها أن تلهم المخيلة البطولية فى آخرين.
المشكلة أن غالبية الناس يتخاذلون عن القيام بما يجب عليهم القيام به وهذا التخاذل هو نوع من الشر، الأمهات والآباء يقولون: «لا تتورط فى هذا، عليك أن تهتم بما يخصك فقط»، ولكن علينا أن نقول، «عفوًا، إن الإنسانية تخصنى أيضًا».
ولتشجيع فكرة البطولة يجب أن يهتم خبراء ومدربو التنمية الذاتية فى بلادنا بتنظيم ورش لتطوير المخيلة البطولية، وغرس فكرة «أنا البطل المُنْتَظَر،» فى نفوس الأطفال والمراهقين.
ولتعليم هذه المهارات لتصبح بطلًا يجب عليك أن تتعلم أن تخالف ما هو سائد ومُسَلّم به، إذ عليك دائمًا أن تسبح عكس تيار الإجماع، إن الأبطال هم الأشخاص العاديون الذين يقومون بأفعال غير مألوفة فى المجتمع، إنهم يتصرفون.
ويحدد عالم النفس الأمريكى فيليب زيمباردو مفتاح البطولة فى أمرين:
أولًا: يجب أن تتصرف عندما لا يبالى الآخرون.
ثانيًا: يجب أن ينبنى تصرفك على فائدة المجتمع وليس كبرياءك.
والمفتاح الثانى الخاص بالبُعد الاجتماعى وأن يعود تصرفك بفائدة على المجتمع ضرورى جدًا، حتى لا يؤدى مفهوم البطولة العادية إلى تفريخ عدد من الإرهابيين الذين ينتمون لمنظمات أو جماعات تعتقد فى ممارسة العنف ضد المجتمع لصالحها.
ويسرد فيليب فى كتابه قصة عن «ويزلى أوترو» وهو عامل بناء أمريكى من أصل إفريقى يبلغ من العمر ٥٠ عامًا، كان يقف فى محطة أنفاق فى نيويورك، وهناك وقع شاب أبيض على سكة القطار، كان القطار قادمًا وكان هناك ٧٥ شخصًا على رصيف أتعلمون ماذا حصل؟ لقد تجمدوا، لقد كانت لديه أسباب تمنعه من التدخل، هو أسود والشاب الآخر أبيض، وكان معه طفلان صغيران. ولكن، لقد قام بإعطاء طفليه لأحد الغرباء وقفز إلى السكة، ثم مدّ الشاب بين السكتين، ثم انبطح فوقه، عندها مر القطار فوقه. ويزلى والشاب ارتفاعهما معًا ٢٠ بوصة ونصف بوصة. المسافة الفارغة تحت القطار هى ٢١ إنشًا. نصف إنش فقط كانت كفيلة بالإطاحة برأسه. وقد قال: «أى شخص كان يقدر على ذلك».
والخلاصة أن البطولة هى: أن تفعل الشىء الذى كان يجب على الجميع فعله. وأن يصب فى مصلحة الجميع وأن تستند لقيم إنسانية.
فهل نحن مستعدون لأن نحتفى بالأبطال العاديين الذين ينتظرون الظرف المناسب ليظهروا؟، هل لدينا استعداد ألا نفوت فرص البطولة الإنسانية التى لا يراها كثيرون.. أم أننا سنظل أسرى لصورة سوبر مان؟.