رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قهوة سادة


الشيخ عبدالحق السنباطى، فقيه شافعى أزهرى، كان عايش فى القرن العاشر الهجرى، الـ١٦ الميلادى، أصدر فتوى سنة ١٥٧٢ بـ تحريم مشروب القهوة تحريمًا جازمًا.
الحكاية دى شوية معروفة، إنما حسب ما وصلت له إن فتوى الشيخ السنباطى مكنتش أول مرة تتمنع فيها محبوبة المثقفين وهواة العمق وأغانى فيروز على فيسبوك، وإنه قبل السنباطى بـ٥٠ سنة وأكتر كان الشيخ زكريا الأنصارى أصدر فتوى بـ تحريمها.
إيه بقى اللى خلى تحريم القهوة يرتبط بـ السنباطى؟
لـ سببين:
الأول، إن الشيخ زكريا الأنصارى بعد ما حرمها، اتقدم له عدد من طلاب الأزهر بـ طلب إنه يراجع الفتوى بعد ما يختبر أثر القهوة، ويتأكد إنها لا تسكر، وإنها عادى يعنى، هى بس بـ تنبه شوية وتساعد ع التركيز، وهو استجاب لهم، وقرر يتراجع عن تحريمها.
سبب الحكاية دى إن القهوة مكنتش معروفة فى مصر، وإن اللى جابها طلاب الأزهر اللى جايين من اليمن، فـ كان فيه ترقّب كده لـ المشروب ده، مش علشان اليمن، بس علشان حساسية الأزهريين تجاه المشروبات اللى مش مألوفة ومعروفة.
السبب التانى فى إن تحريم القهوة ارتبط بـ الشيخ السنباطى، هو إنه مش بس حرمها، دا شن عليها وعلى شاربيها حملة ضخمة، اللى هو مش رأى وخلاص، ولا حاجة تعدى، هو اعتبر تحريم القهوة قضية رئيسية على جدول أولوياته.
الحقيقة دوّرت على أى سبب لـ الموقف العنيف ده ما لقيتش، إنما اللى نعرفه إن الشيخ عبدالحق استصدر فرمانًا من السلطان العثمانلى سليم الأول بـ تحريم شرب وتداول القهوة، وورا ده قامت حملة شعواء على أى «قهوة» بـ تقدم القهوة، وبقى مطلوب من خطباء الجمعة ينبهوا الناس لـ فساد المشروب، لـ درجة إنه بعد صلوات الجُمع، كانت بـ تخرج مظاهرات ضد القهوة، وبعض المتحمسين كانوا بـ يكسروا أى مكان يلاقوا فيه «عدة صناعة قهوة أو بن».
طبعًا الحملة دى خربت بيت ناس بـ تشتغل فى تجارة البن بقالها عشرات السنين، سوق كامل بـ ينهار، كمان كان فيه ناس بـ يحبوا القهوة زى الفيسبوكيين النهارده، فـ دول اتلموا على دوكهمه، وبدأت تحصل مواجهات ومناوشات بين أنصار السنباطى وأنصار التجار.
مرة فـ مرة، المواجهات فضلت تتصاعد تتصاعد لـ حد ما بقت اشتباكات مات فيها واحد من الفريق المؤيد لـ القهوة، فـ ده خلّى الموضوع بقى فيه دم، وكـ نوع من الاحتجاج، خرجت جنازة «الشهيد» وراها آلاف من القهوجية، وفى العزا عملوا قهوة علنًا وشربوها على روح المرحوم، وشربوها من غير سكر «سادة» مناسبة لـ الأحداث.
بـ يقولوا إن ده كان بداية الارتباط بين العزا وتقديم القهوة السادة، وبقى نشرب القهوة السادة هو المقابل لـ نشرب الشربات. فيه ناس تانيين بـ ينكروا إن ده أصل دوكهه، وإنه عادى يعنى القهوة مشروب مناسب لـ العزا.
الله أعلم مين صح فيهم، إنما أنا شخصيًا بـ أميل لـ الربط بين الحادثة وبداية تقديم القهوة فى العزا كـ طقس، خصوصًا إن الأحداث دى أسفرت فى النهاية عن انتصار القهوجية ع السنباطية، والسلطان رجع أصدر فرمان بـ إباحة شربها وتداولها والتجارة فيها.
إييييه دونيا وحّدووووه