رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عاش الجنرال حفتر بونابرت


عندما تصف الصحف البريطانية المشير خليفة حفتر، بعد انطلاق معركة تحرير العاصمة الليبية طرابلس بـ" الجنرال المارق" فهي لا تقول الحقيقة، بل تعبر عن خيبة أمل بريطانية قوية نتيجة الهزيمة المتوقعة لعملائها، من الإرهابيين والمرتزقة الذين ربتهم ودربتهم وقدمت لهم الدعم السياسي والإعلامي، ليعيثوا فسادا في العاصمة الليبية منذ سنوات، تحت مسمع ومرأى من الجميع.
والحقيقة أن هذه الصرخات التي أطلقتها الصحافة البريطانية التي تنطق عن الهوى، تماما مثل هية الإذاعة البريطانية، لا تصيبنا بالقلق فقد يأتي يوم قريب جدا، تبدل فيه نفس الصحف اللقب الذي تنادي به قائد ليبيا الشجاع بالمشير خليفة حفتر، أو بالجنرال المنتصر، فالسياسة البريطانية تبدل ألوانها أسرع من أي حرباء لأنها سياسة تسعى وراء المصالح وليس المبادئ.. كما أننا نحفظ هذه المقولة التاريخية لبطل بريطانيا ورئيس وزرائها بعد الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل، والتي تقول إن " التاريخ يكتبه المنتصرون".
ما رددته الصحف البريطانية والصحف والقنوات الإخوانية عن حفتر والجيش الوطني الليبي، منذ بداية الزحف نحو طرابلس استدعى في ذاكرتي حكاية قديمة، للجنرال نابليون بونابرت، فقد كان هو الآخر محكوما عليه بالسجن في جزيرة ألبا، تماما مثل حفتر الذي عاش سنوات طويلة في ولاية فرجينيا الأمريكية بعد فشل انقلابه على القذافي، وعندما قرر الجنرال الفرنسي الزحف لتحرير باريس، سارع الصحفيون الفرنسيون الى ذكر خبر هروبه من جزيرة " البا" مقر سجنه، وقالت مانشيتات صحف باريس "المجرم نابليون يهرب من السجن"، وبعد أيام وصلت أخبار عن نزوله في أطراف فرنسا، فكتبوا "غول كورسيكا نزل اليابسة في خليج جوان"، وبعد أن استولى على بعض المدن كتبوا " آكل لحوم البشر يزحف الى جراس" وبعد ان استولى على مدينة جراس بدأوا بتهذيب لهجتهم فقالوا " نابليون يزحف الى فونتينبلو"، وهي ضاحية من ضواحي باريس، وعندما وقف على مشارف العاصمة الفرنسية صدرت صحف الصباح بعناوين تقول " باريس تنتظر دخول صاحب الجلالة الامبراطور".
وأنا لست مهتما بالدفاع عن خليفة حفتر فله رجال يقومون بهذه المهمة ببراعة، ولكن مايهمني هو وحدة ليبيا تحت قيادة زعيم قوي، يقتل الأفاعي السامة التي تنتشر على هيئة تنظيمات مسلحة في مدنها وخاصة في العاصمة طرابلس، وبعضها ينتمي صراحة للقاعدة، والآخر تابع للتنظيم الدولي للإخوان بالإضافة إلى تنظيمات أخرى تتبنى فكر السفية الجهادية.
لم تتأثر بريطانيا ولا الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن، بانتشار هذا السرطان في العاصمة الليبية، ولا باستيلائها لسنوات على المثلث النفطي قبل أن يحرره حفتر، ولم تهتم هذه الدول بحروب الميلشيات التي أسقطت مئات القتلى، ولم تهتم أيضا بإمدادات السلاح القادم من تركيا وقطر، ولا بالعربات ذات الدفع الرباعي التي تخترق الحدود المصرية الغربية، محملة بالإرهابيين الذين يحملون أنواع لا حصر من أدوات القتل والتخريب والإرهاب.
لم يهتموا بأن من أسموها بحكومة الوفاق بقيادة فائز السراج، فشلت في احتواء هذه التنظيمات الإرهابية، أو السيطرة عليها أو كبح جماحها.
لم يهتموا بكل هذا لكنهم سارعوا بعقد جلسة طارئة و" مغلقة" لمجلس الأمن، لمناقشة زحف حفتر وقوات الجيش الوطني الليبي، لاستئصال شأفة الإرهاب من العاصمة الليبية، وبدأنا نسمع تلك الشعارات الجوفاء عن الخوف على المدنيين خاصة النساء والأطفال، ومن المؤكد أننا سنسمع أكاذيب حول هجوم قوات الجيش الوطني على المستشفيات والمدارس، وربما يفتح الباب لمزيد من الأكاذيب على شاكلة أن طائرات حفتر تلقي البراميل المتفجرة على أحياء طرابلس أو تقصفها بالكيماوي..!!
أتمنى ألا تطول أمد عملية الكرامة لتحرير طرابلس أكثر من اللازم، حتى لا نفتح الأبواب لمزيد من الأكاذيب الدولية، من العواصم الكبرى التي تحكم العالم، والتي تدعي أنها تمثل الشرعية الدولية، وهي في الحقيقة تمثل " الباطل الدولي"، أتمنى أن يحسم المشير حفتر هذه المعركة المصيرية بسرعة، بمساندة شرفاء ليبيا ومساندة الطائرات المجهولة التي تهاجم أوكار الأشرار والإرهابيين.
وعندما يدخل المشير حفتر إلى ليبيا منتصرا، وموحدا إرادة الشعب الليبي الشقيق الذي عانى كثيرا من "مؤامرة الربيع العربي"، سوف يبتلع جميع المريبين والمشككين ألسنتهم، وربما وجدنا حيئها الإذاعة البريطانية وبعض الصحف البريطانية تخرج بالمانشيتات التي تقول " مرحبا بالجنرال العظيم خليفة حفتر".. ويومها سنقول إنه لا عزاء للأغبياء الذين لا زالوا يؤمنون بشرعية مجلس الأمن والأمم المتحدة، فالشرعية الوحيدة في هذا العالم، هي للأقوياء القادرين على فرض إرادتهم وإرادة شعوبهم بالقوة مهما واجهوا من أهوال.