رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

8 أبريل المدون فى شهادة ميلادى


إلى القارئات والقراء الأعزاء: اليوم هو الإثنين ٨ أبريل.. اليوم الذى تمردت فيه على «رحم» أمى، لأخرج إلى الحياة. ويا لهول ما رأيت. بمرور الأيام، اكتشفت أنه رغم ضيق المساحة، وصغر المكان، إلا أن «رحم» أمى، كان أكثر دفئًا، وكرمًا، وحنانًا، وتناغمًا مع أفكارى، وأحاسيسى، ومزاجى.
اليوم هو الإثنين ٨ أبريل.. يوم ميلادى. وليسمح لى القراء الأعزاء، بدلًا من المقال، أن أهدى هذه القصائد إلى صفحتى «شغف». هذه هى طريقتى فى الاحتفال بيوم ميلادى.
حبيب مغلق غير متاح
الرجل الوحيد.. الذى أرضاه لقلبى
أطمئن إليه كما أطمئن لأمى.. على ملامحه أرى الحلم النبيل
فى صوته نقاء واستغناء.. وشىء من الزهد المستحيل
لا يملك شيئًا غير سمو الغناء.. بيت بسيط فى قرية نائية
أشجان صامتة ترافقه منذ الصبا.. وعشق رشيق للسباحة تحت الماء
الرجل الوحيد.. الذى تأنس له غرفة نومى
إشراقة ابتسامته كانت شمس يومى.. يمحو كوابيس الليل ويزيل همى
الرجل الوحيد.. الذى جعل من مأساة الحياة
تأملًا فلسفيًا قابلًا للاحتمال.. الرجل الوحيد
الذى أحببت.. مغلق إلى الأبد
إلى الأبد غير متاح.
القطار الوحيد
التواضع ليس حكمة.. هو فقط القدرة على السمع والإبصار
التواضع ليس فضيلة.. لكنه اعتراف بواقع
يصفعنا ليل نهار.. التواضع القطار الوحيد
المتاح على رصيف الانتظار.. لا ندرى هل يأخذنا إلى مدن الشمس
أم يلقى بنا إلى الظلمة والإعصار؟.. التواضع تمامًا مثل الحرية
«قدرنا المحتوم».. أما أن نرضاه نفهمه نعيشه
أو يكون مصيرنا.. عبث ولا جدوى وعدم
مصير قد يبدو كالحياة.. لكنه أبدًا نبض الانتحار.
سؤال محظور
ماذا أفعل هنا.. فوق الأرض
وكل منْ أحبهم.. تحت التراب؟
كلما أحببت أحدًا.. فجأة أو بعد تلميحات
يروح عنى ويختفى.. ولا يبقى لى شىء
إلا المرارة والألم.. كل منْ أحببت
اسمه مدون.. فى دفتر الانصراف
لكنه بالدم منحوت.. فى دفتر الحضور
أحمل حسرتى وارتعاشات قلبى.. وأذهب إلى زيارة القبور
أسكب آهاتى فى صمت.. وأضع باقة من الزهور
أصل إلى البيت منهكة.. أعد الشاى ورائحة البخور
وأشرد طويلًا فى حالى.. ألتحف بالسؤال المحرم المحظور
لماذا يُمنع كل أحبائى.. ويُسمح لى أنا بالعبور؟
ابق عندك
تصبح على ألف خير.. يا منْ لم يأتنى منه
إلا كل الخير.. تصبح على ألف خير
يا منْ أودعته حنان التراب.. ينثر عليه العطر وأوراق الورد
يقدم له وجباته المفضلة.. وما يشتهيه من لذة الشراب
تصبح على ألف خير.. يا منْ منحنى بسخاء نادر
دمه وأعصابه وعمره القصير.. ولم أمنحه إلا حماقاتى وشقائى الطويل
تصبح على ألف خير.. يا منْ أغسل بذكرياته
كل يوم وجهى.. لأحتمل بدونه حياة
تصفع كل يوم وجهى.. تصبح على ألف خير
يا منْ كنت وسادة الليل.. عليها أنام فترحل كل العفاريت
التى تسكننى.. وتحترق الكوابيس التى ترعبنى
تصبح على ألف خير.. يا منْ أشبعتنى بعد جوع
ورويتنى بعد طول الظمأ.. تغطينى برقة تطفئ النور
تغنيلى على ضوء الشموع.. تصبح على ألف خير
يا منْ سبقنى إلى هدوء القبور.. وتركنى وحيدة لصخب الشرور
ابق عندك فى نعيم مثواك.. لا تأتى إلينا حيث الشقاء الشرس
ابق عندك ابق هانئًا مطمئنًا.. فأنا كما عهدتنى
لا أحب سواك.
حصار
محاصرة.. بكتب لا أقرأها
وألم لا يقرأنى.. محاصرة
بضرورة أداء الواجب.. ونتف الشَعر والحواجب
محاصرة.. برائحة الزهد والقهوة
فتور الدهشة والشهوة.. محاصرة
بالغثيان وتأنيب الضمير.. بالصخب والعواطف الرخوة
محاصرة.. بتعب أمى من الشيخوخة
يأسى فى إسعاد أخى الوحيد.. وغربة ملامحى فى المرآة المشروخة
محاصرة.. بالوزن الزائد عن رشاقتى
والذكريات التى تسبق ظلى.. وحكمة تغار من حماقتى
محاصرة.. بصرخات الليل
وكوابيس الليل.. وأرق الليل
وبرودة الليل.. محاصرة
بأنفاس غريبة على صدرى.. ونبض خفقات ليست لقلبى
بأحزان لست مسئولة عنها.. وماء لا يروى ظمأى
محاصرة.. بالحنين إلى جدتى الراحلة
فى ريعان الشباب.. وجدى طويل القامة
لقى مصيره فى الضباب.
الربيع
ها هو الربيع الدافئ المزيف.. يتكاثر فيه الزحام والصخب
لا يشبهنى ولا يلهمنى.. لا يسعدنى ولا يفرحنى
هو خصمى وقاتلى وجلّادى.. بالإجبار بالعافية بدم بارد
أقحم أتربته فى شهادة ميلادى.