رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر تبعث بسفرائها إلى العالم



تفتقد الدولة المصرية إعلامًا واعيًا، بعدما ثبت بالتاريخ، أن هذا الإعلام قصّر فى الدفاع عن إنجازات القيادة السياسية بطريقة رشيدة، وأخفق فى إبراز جهودها، واعتمد القائمون على هذا الإعلام على شن الحروب على الأعداء فقط، دون تقديم ما قدمه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مجال الطرق، وحفر قناة السويس الجديدة، والمشروعات القومية، والإصلاح الاقتصادى غير المسبوق، وانحيازه لطبقة الفقراء والمهمشين، وسعيه نحو مجتمع صحى، معافى فى فكره وبدنه، وكل ما يتم خدمة لمشروع التنمية الكبرى فى مصر، وسط تشكيك قنوات الإخوان فى تلك الإنجازات.
بات الإعلاميون فى مصر، إلا قلة قليلة منهم، غير قادرين على إظهار الوجه المضىء للرئيس، كرجل قدم نموذجًا فى إصلاح بلاده، لو أن كل رؤساء مصر السابقين كانوا قد عملوا بمثل هذا النموذج، لعُمِرت مصر منذ زمن، ولأصبحت أرض الكنانة الأولى فى العالم.. نحن إذن بمواجهة إعلام لا يحاول شرح المعلومة للمواطنين، ولكنه يخاطبهم بالإعلانات، البعيدة عن تبيان أن ما يحدث على أرض مصر، تنمية حقيقية، بالمعنى الدقيق للمصطلح.
أقول هذا، بشهادة من رجل انشق عن جماعة الإخوان، الإرهابية، ويعرف ما لا يعرفه أحد، عن هؤلاء الذين يعتمدون الشائعات، نيلًا من البلد، وإحباطًا لأهلها، بالتشكيك فى جدوى ما يدور فوق أرضها.. وأقوله، وأنا أرى مصر تتلألأ بفعاليات، ينضوى تحتها شباب العالم مرة، وشباب العرب وإفريقيا، مرة أخرى.. هذ الفعاليات التى لا تنطلق من قبيل الرفاهية وإزجاء الوقت بالكلام، بل هى بمثابة تربية لقوة ناعمة جديدة لمصر، سواءً داخل إفريقيا أو بالنسبة لشباب العالم كله، هذه القوة التى تتأتى من لقاء هؤلاء الشباب على الأراضى المصرية، وعندما يعودون إلى بلادهم، يكونون سفراء للدولة المصرية، يعكسون رؤية القاهرة فى الخارج، خاصة أن الشعوب تصدق التواصل غير الرسمى، أكثر من حديث السياسيين وأعظم نفعًا من كلام الإعلاميين.
لقد كتبت، غير مرة، أن مصر هى بوابة إفريقيا.. منها تعبر التنمية والتكنولوجيا والمعرفة، وعن طريقها، يهرب الفقر وتنتهى عزلة هذه القارة السمراء.. فمصر التى أصبحت قوة سياسية هائلة فى الخارج، وصاحبة الإصلاح الاقتصادى المُعتبر، ناهيك عن قوة موقعها الجغرافى، وتاريخها العريق فى هذه القارة، إنما هى نقطة انطلاق التوجهات الأوروبية، واستهداف دول جنوب شرق آسيا العملاقة، للاستثمار فى هذه الأرض البكر، واستغلال ثرواتها، التى ظلت نهبًا للدول الاستعمارية، بما يعود على أبنائها، مستقبلًا، بالخير والنماء، تحت عين وبصر القاهرة، وهو اتجاه مُرحب به فى دولة مثل الصين، التى أعلنت توجهها لإفريقيا، بالاستثمار والتنمية، لمساعدة أهلها على الخروج من بوتقة الماضى المُظلم، برعاية مصرية خالصة.. فالعالم ينظر إلى إفريقيا الآن، على أنها ستصبح العمود الفقرى للاقتصاد العالمى، لأن الصين وصلت إلى معدلات نمو كبيرة، ولديها حالة من التشبع، وكذلك الاقتصاد الأوروبى، ومعدلات نمو الاتحاد الأوروبى عالية، والسوق الأمريكية، مُغلقة على نفسها.. فإلى أين تذهب الصين، غير إفريقيا، وعبر البوابة المصرية.
إن منتدى شباب إفريقيا والعرب، الذى انعقد مؤخرًا فى أسوان، وما أُعلن فيه من توصيات، إنما هو تتويج لرحلة الرئيس عبدالفتاح السيسى، عملًا وتقاربًا، وعودة من جديد لأحضان إفريقيا، واهتمامه، منذ اللحظة الأولى بالملف الإفريقى، تنمية وصحة وتعليمًا واستثمارًا، إلى جانب اهتمامه بإحلال السلام والأمن، ووأد العنف والإرهاب.. فبدلًا من ترك الشباب فريسة للتطرف والجماعات الإرهابية، وتحولهم إلى وقود للحروب التى لا تعود عليهم وعلى أوطانهم بالنفع، أدرك الرئيس أهمية استغلال هذه الطاقات وتعظيم دورها فى التنمية، انطلاقًا من دور مصر الريادى فى القارة الإفريقية والعالم العربى، واتساقًا مع توجه العالم نحو التكتلات، ودعم توجهات السلام لا تتأتى إلا ببنية مجتمعية مستقرة، تأتى من دمج الشباب، وتعظيم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والحق فى الأمن والغذاء والصحة والتعليم، سعيًا، فى النهاية، لسيادة الدول على مواردها، والتكيف مع المستجدات الدولية.
لقد لخص الرئيس عبدالفتاح السيسى أهداف المنتدى، خلال كلمته فى جلسة المائدة المستديرة بعنوان «وادى النيل ممر للتكامل الإفريقى والعربى»، بقوله إن القدرات والموارد الطبيعية فى الدول العربية والإفريقية بلا حدود، سواء فى الزراعة أو الموارد المعدنية الأخرى، والموارد والإمكانيات المطلوبة لتمويل هذه المشروعات، لدى أشقائنا فى الخليج، ومن هنا، أرادت مصر أن تكون الجسر الذى يربط بين أحلام وإمكانيات القارة الإفريقية، وما تمتلكه دول الوطن العربى الغنية.. يأتى ذلك فى نوع جدى من مواجهة التحديات الكبيرة أمام الدول العربية والإفريقية، وعلى رأسها، أن أكبر عدد من العناصر المنخرطة فى الجماعات الإرهابية موجود فى إفريقيا، لأسباب كثيرة، منها انعدام الأمل، فى مواجهة الجهود الكبيرة التى تُبذل لجذب واستقطاب الشباب الإفريقى للتطرف والإرهاب، «الإرهاب تحدٍ كبير جدًا يؤثر على استقرار الدولة الوطنية».. وقال الرئيس إنه يحاول الاستفادة من جلسات الحوار فى المنتدى للحديث عن الأمن والاستقرار، «يا كل اللى بتسمعونى، الاستقرار والأمن فرصة، أوعوا تهدروها، قبل ما نتكلم عن تكامل عربى إفريقى، وقبل ما نتكلم عن تواصل عربى إفريقى، خلوا بالكم من استقرار بلادكم، استقرارنا استمرار.. يجب ألا نترك عقول شبابنا للآخرين، لو كنا نتحدث عن التكامل والتعاون القريب بين المنطقة العربية، فيجب تجاوز التحديات التى تعيق هذا التعاون».
ويبقى القول، بأن الشباب هم صناع ما نحن فيه، وهم من يستطيعون الإنجاز، وأن الدور الأكبر فى أى تنمية، يقع على هؤلاء الشباب، بطاقته وحماسته لخدمة وطنه، وأن انخراطهم فى ملفات المنتدى، سيعود بالنفع عليهم وعلى دولهم.. وإذا كانت الحقيقة تقول بأن هناك بعض دول لا تعرف قيمة مصر وتاريخها، وكل معلومات شعوبها تأتى عبر تصفح الإنترنت، وبعض الأخبار والمقالات، فإن مثل هذا المنتدى يساعد على إيصال صورة حقيقية عن مصر، إضافة إلى أن الزيارات التى تم تنظيمها إلى المعالم الأثرية والسياحية فى أسوان، لأكثر من ألف وخمسمائة شاب وفتاة، جاءوا من أصقاع القارة الإفريقية والعالم العربى، تدلل بجلاء، على أن مصر آمنة وقادرة على استضافة كل الدنيا على أرضها، لا يثنيها ذلك عن مكافحة الإرهاب، ولا يُقعدها الإرهاب عن القيام بدورها.. حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.