رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

16 مارس.. يوم المرأة المصرية


منذ ١٠٠ عام فى اليوم السادس عشر من مارس خرجت المرأة المصرية للمشاركة فى ثورة ١٩١٩ والمطالبة بالاستقلال والدستور، خرجت أكثر من ٣٠٠ سيدة وفتاة بقيادة هدى شعراوى وزميلاتها رافعات شعار الهلال والصليب، واجهن جنود الاحتلال البريطانى المدججين بالسلاح، وسقطت فى هذا اليوم أول شهيدة مصرية «حميدة خليل» ومعها عدد من السيدات الشهيدات «يمنى صبيح وسعيدة حسن وحميدة سليمان وفهيمة رياض وشفيقة العشماوى وعائشة عمر».
استمرت ملحمة نضال نساء مصر، وبعد أربع سنوات أسست هدى شعراوى أول اتحاد نسائى مصرى فى مارس ١٩٢٣ وطالبت بتعليم المرأة وحق الترشح والانتخاب. كما بادرت مع عدد من النساء العربيات بتأسيس أول اتحاد نسائى عربى عام ١٩٤٥.
وأضاءت صفحات تاريخ مصر أسماء بحروف من نور لسيدات مصريات شاركن فى ثورة ١٩١٩ وناضلن من أجل حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين. فها هى نبوية موسى، الكاتبة والمفكرة وإحدى رائدات التعليم فى مصر، تطالب بالمساواة بين الرجل والمرأة ورفعت شعار «تأخذ المرأة أجرًا مساويًا للرجل عن العمل المتساوى». وها هى منيرة ثابت تطالب بحق النساء فى التمثيل بالبرلمان بالترشح والانتخاب بعدما جاء دستور ١٩٢٣ خاليًا من هذا الحق.
وها هى درية شفيق التى كان لها الفضل فى النضال للحصول على حق الترشح والانتخاب للمرأة فى دستور ١٩٥٦، كما خاضت أنشطة اجتماعية واقتصادية للنهوض بوضع النساء العاملات والفقيرات فى مصر.
واستمرت ملحمة نضال نساء مصر ودخلت المرأة المصرية ولأول مرة البرلمان عام ١٩٥٧ وفازت بعضوية البرلمان السيدتان «راوية عطية وأمينة شكرى». ودعونى أحيى معكم راوية عطية التى كانت أول ضابطة اتصال فى جيش التحرير عام ١٩٥٦ وقامت بتنظيم صفوف المرأة وتدريبها على استعمال أنواع السلاح وعلى فنون التمريض، كما سافرت بعد هزيمة ١٩٦٧ إلى الجبهة وكونت «لجنة المعركة» من خمس عشرة سيدة لاستقبال الجنود العائدين من سيناء عبر الصليب الأحمر الدولى، وقامت بزيارة الجبهة أثناء حرب الاستنزاف وحتى حرب السادس من أكتوبر لرفع معنويات القوات المسلحة. واستمرت ملحمة نساء مصر للمطالبة بالمساواة بين الجنسين واستطاعت أن تتوج مسيرتها بدستور ٢٠١٤ الذى أقر ونص فى مواده على الحريات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للمرأة والطفل والرجل، وعلى مبادئ المساواة بين المرأة والرجل وعدم التمييز بينهما، وأقر تولِّى المرأة الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والهيئات القضائية فى المادة ١١، ونص على التزام الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز فى المادة ٩، وعلى أن الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة ودون محاباة أو وساطة فى المادة ١٤، ونص الدستور فى المادة ٥٣ على أن التمييز والحض على الكراهية جريمة، وألزم الدولة بإنشاء مفوضية مستقلة لعدم التمييز. وإننى أتساءل: أين هذه المفوضية بعد أربع سنوات من إقرار الدستور؟ وأين الالتزام بتحقيق ما تنص عليه المواثيق والمعاهدات الدولية التى وقَّعت عليها مصر من حقوق للمرأة والطفل وأصبحت ملزمة، كما جاء فى المادة ٩٣ من الدستور؟
إن الدستور المصرى الذى شاركت نساء مصر فى وضعه ومناقشته وإقراره ينتظر الكثير من التشريعات مع تفعيلها وتنفيذها، فالمرأة المصرية تستحق الكثير وتنتظر الأفعال لا الأقوال.
وللمرأة المصرية مطالب كثيرة فى مقدمتها أهمية إدماجها فى الحياة الاقتصادية حيث يصل عدد المرأة فى التعداد السكانى الأخير إلى ٤٥٫٩٪، أى ما يقرب من نصف المجتمع، وذلك وفقًا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى نهاية ٢٠١٦، كما أشار الجهاز إلى أن قوة العمل المصرية فى سن «١٥- ٦٤ سنة» نسبة الذكور تساوى ٦٩٫٩٪ منها والإناث نسبتهن ٢٢٫٩٪ فقط، وأن نسبة البطالة فى الذكور تصل إلى ٨٫٩٪، بينما تصل فى الإناث إلى ٢٣٫٦٪، أى ثلاثة أمثال الذكور، رغم أن أكثر من ثلت الأسر المصرية تعولها امرأة.
لذا نؤكد أهمية أن يتضمن قانون العمل الجديد مواد تساعد المرأة على التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل مثل: الأجر المتساوى عن العمل المتساوى مع مراعاة الإجازات الخاصة بالوضع وتربية الطفل، وإنى أقترح بأن تكون مدفوعة الأجر بالكامل حيث إن قيام المرأة بتربية أطفالها يفيد المجتمع، فالأطفال هم مستقبل الوطن وهم الموارد البشرية التى تقوم بالتنمية والبناء والنهوض بالأمة، وكذلك إلزام صاحب العمل بإنشاء دور حضانة فى المنشآت التى فيها ٥٠ عاملة وليس ١٠٠، كما هو فى مسودة القانون الحالى.
ونؤكد أهمية وضع خطة زمنية للقضاء على الأمية التى نسبتها فى الإناث أعلى من الذكور، والاهتمام بالقضاء على ظاهرة تسرب الفتيات من التعليم، ووضع مناهج تعليمية ترسخ وتعزز مفاهيم المواطنة والمساواة والتسامح وقبول الآخر، ووضع برامج توعية بمخاطر العنف ضد المرأة الذى يُمارس عليها فى المدرسة أو العمل أو المجتمع، وأيضًا التوعية بالمخاطر الجسدية والصحية والنفسية للزواج المبكر «زواج القاصرات» ومخاطر ختان الإناث.
ولقد حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» من أن هناك ١٢ مليون فتاة قاصر فى العالم يتم إجبارهن على الزواج المبكر قبل سن ١٨ سنة سنويا ولا بد من وضع تشريعات للقضاء على هذه الظاهرة.
لقد احتفل العالم فى العاشر من ديسمبر العام الماضى بالذكرى السبعين لصدور الإعلان العالمى لحقوق الإنسان «١٩٤٨» والذى ينص فى مادته الأولى على «يولد جميع الناس أحرارًا متساوين فى الكرامة والحقوق وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضًا بروح الإخاء».
وينص فى مادته الثانية على أنه لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات دون تمييز من أى نوع، ويؤكد فى كل مواده حق الصحة والتعليم والسكن والغذاء والعمل والعيش فى أمان وحق التعبير عن الرأى.
إن تقدم الأمم يقوم على جناحين هما المرأة والرجل معًا، فلا يمكن أن نصل إلى عنان السماء بجناح واحد.. كل التحية للمرأة المصرية فى عيدها.