محمد كمال إمام: حامد أبو زيد مفكر.. ولا أكفر أحدا من أهل الملة "2-2" (حوار)
قال الدكتور محمد كمال إمام، شيخ الأصوليين ومستشار شيخ الأزهر السابق، إن تجديد الخطاب الديني لا يعني تغيير القرآن الكريم ولا إقصاء السنة النبوية الصحيحة عن دائرة التشريع.
وأكد في الجزء الأول من حواره لـ"الدستور"، على أن مهمة التجديد هي مهمة جماعية وليست فردية ولا توجد مؤسسة تمتلك التجديد وحدها، كما تحدث عن فكرة عزل الدين عن الدولة والتي رفضها تماما.
ويستكمل في الجزء الثاني من حواره، حديثه حول سؤال: لماذا غاب المجددون؟ وكيف تكون العودة؟
ويتعرض "إمام" لجهود شيخ الأزهر في مهمة تصحيح المفاهيم، والجهود التي تقوم بها مشيخة الأزهر الشريف، واصفًا إياها بأنها من أكبر الجهود التي قام بها الأزهر على مر تاريخه.
وتطرق "إمام" كذلك عن مستوى ثقافة الأئمة، قائلا عنهم: "لماذا نتحدث عن ثقافة الإمام إذا كانت ثقافة المجتمع كله رديئة"، وإلى نص الحوار..
- ما رأيك في جهود الأزهر التي يقوم بها في نشر رسالته؟
من أكبر الجهود التي قام بها الأزهر في تاريخه هي جهود شيخ الأزهر الحالي الذي وضع نفسه في قلب معركة التجديد، سواء بفكره أو بمؤسساته، ولكن شيخ الأزهر لا يمكنه أن يعمل في مجال التجديد لوحده. فلا بد أن تكون معه المؤسسات الأخرى، مثل الثقافة والتعليم.
ولكن هذه المؤسسات تنادي بالتجديد من فترة كبيرة..
قبل ما تجدد لا بد أن تكون الكتب التي تخرج من عندك تساعد على التجديد، ولا توقف التجديد، وهنا أقصد كتب غير الأزهر، هل هذه تساعد على التجديد؟
- وهل كتب الأزهر تساعد على التجديد؟
إذن هناك خلل في كل هذه المؤسسات، يبقى التجديد لا بد من أن يبدأ من معالجة الخلل في كل هذه المؤسسات، ونتفق مع ما قاله رئيس الجمهورية إن التجديد هدف المجتمع المصري ككل، فالأسرة والمدرسىة والمسجد والكنيسة كل هذه الأطراف لها دور في التجديد، لا يمكن أن يتم التجديد من خلال مؤسسة واحدة.
- هل سياسة وزارة الأوقاف مناسبة للتجديد أم لك ملاحظات عليها؟
هي محاولات فردية للتجديد، لكن ليس هذا وحده كافيا؛ لأن التجديد لا ينبغي أن يقوم به فقط إمام المسجد، فأستاذ الجامعة عليه دور، وشيخ الأزهر عليه دور.
- هل راض عن مستوى ثقافة الأئمة؟
إذا كانت ثقافة المجتمع كله رديئة، فلماذا تتحدث عن ثقافة الإمام؟!
- أليس إمام المسجد من يوجه الأطباء والمهندسين والضباط في الحياة الدينية؟
بالعكس هذه الفئات التي ذكرتها لا بد أن يكون لديها من الخبرة ما يستطيعون بها أن يفرقوا بين ما هو رديء وما هو جيد، أليس الشخص الذي يذهب لشراء سلعة يفتش على السلعة الجيدة.
- ما العمل إذا كان المنتج كله متشابه إلى حد كبير؟
نجتمع كلنا ونحدد بقدر الإمكان ما ينبغي أن نفعله.
- هل أنت مع الدعوات التي تطالب بتنقية البخاري ومسلم من الأحاديث التي يقال عنها أنها ضعيفة؟
هذا كلام إذا لم يصدر من مختص فلا قيمة له، ليس معنى ذلك أن البخاري معصوم من الخطأ أو غيره معصوم، ولكن ينبغي إلا يتكلم في علم ما؛ إلا من كان أهلا لذلك العلم.
- لو ناقشت فرج فودة ماذا سيكون سؤالك له؟
فرج فودة عالم في تخصصه الزراعي، ورجل مهتم بشئون الأمة، ولست في حاجة لأن أساله، لسبب بسيط جدا، هو أعرف بماذا يريد أن يتكلم.
- ونصر حامد أبو زيد؟
وحامد أبو زيد كأي إنسان في الأزهر أو خارج الأزهر، له ما له وعليه ما عليه.
- ما سؤالك له لو ناقشته في مناظرة علمية؟
لا أوجه له سؤالًا وإنما أتناقش معه كما يتناقش معي.
-ما رأيك في أفكاره؟
نصر حامد أبو زيد مفكر، وحينما أذهب إلى مفكر ليست مهمتي أن أسأله، وإنما مهمتي هي إلى أي حد ممكن أن نتفاهم سويا من أجل إيجاد قواسم مشتركة.
- هل ترضى بوجود أمثال نصر حامد أبو زيد؟
طبعا.. ما الذي يمنع وجودهم!
- لماذا كفره البعض في حياته؟
لا أكفر أحدا من أهل الملة، كل من يكفر أحدا من أهل الملة مخطئ، مخطئ، مخطئ، وهذه وظيفة القضاء وليست وظيفة الأشخاص.
- لماذا لم نستفيد من تفكير نصر حامد أبو زيد؟
ومن قال أننا لا نستفيد من أفكاره، كتبه تدرس.
- لكن الأزهر لا يدرس كتب حامد أبو زيد؟
ومن قال إنه لازم أن تدرس كتبه في الأزهر؟.. لماذا تدرس في الأزهر؟ أضف إلى ذلك هل كتب العقاد تدرس في الأزهر؟ هل كتب الإمام محمد عبده تدرس في الأزهر؟
- أليست هذه دعوة مناسبة إلى إدخال كتب العقاد ومحمد عبده إلى الأزهر؟
هذه الكتب موجودة في المجال العام في الثقافة وفي الإعلام، ووزارة الثقافة كل يوم تطبع هذه الكتب، وهي موجودة في المنتديات الفكرية، هناك ثقافة عامة وهناك أيضا تخصص، فالتعليم تخصص وتربوي، وليس مجرد إنزال أفكار وكتب على العقل بـ"براشتات" وأقول هذا مقرر.
- إذن لماذا قوبلت أفكار فرج فودة ونصر حامد بالهجوم والتكفير والسفر للخارج؟
سافروا بقرار منهم، الدولة لم تقل لهم أذهبوا.
- أليس نجيب محفوظ نفسه تعرض لهجوم كاد أن يودي بحياته؟
وذهب إليه الشيخ الغزالي وقال له إن الذين اعتدوا عليك ليس فقط مخطئون، وإنما مجرمون.
- لماذا غاب أمثال محمد الغزالي في الدعوة؟
لم يغيبوا، وهناك أمثال موجودة.
- من المجددون في هذا العصر؟
لا يوجد شخص يستطيع أن يقول بإنه مجدد، فالتجديد مسيرة أمة ومجتمع، وليس عربية ملاكي، كل فرد يقول إنه راكب العربية.
- لكن في كل الندوات والمؤتمرات لا نأتي بجديد وإنما ننقل عن العلماء السابقين؟
لا بد أن ننقل عن العلماء السابقين، الآن أليس الصحفيون يتعلمون من مدرسة مصطفى وعلي أمين، لا تستطيع أن تتجاهلهم.
- إذن ماذا أضفنا للعلماء السابقين العظماء؟
الذين يقولون أن علماء هذا العصر لم يضيفوا شيئًا للعلماء السابقين لم يقرأوا، وأنا لست مسئولا عن جهل بعض الناس، وإنما مسئول عن تعليمهم.
أليس الشافعي والغزالي مجددون؟
لم يقل أحدهم من المجددين أطلاقًا، كل فرد منهم له مدرسته، وهم لم يقولوا أنهم مجددون في الدين، والشافعي لم يضع على اسمه كلمة مجدد، وإنما هو إمام مذهب.
- رسالتك لشيخ الأزهر الدكتور "الطيب"؟
أدعو له بالتوفيق والسداد ومزيد من القوة والطاقة والصحة والعافية.
- ورسالتك لرئيس الجمهورية؟
أرجوا أن يحفظوه الله لمصر وللأمة وأن يجري الله الخير على يديه، وأن يجعل البلد في ظلاله قوية آمنة وقادرة على أن تحفظ نفسها في محيط مليء بالمشاكل.