رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حادث محطة مصر وتطوير السكك الحديدية


لا شك فى أن حادث محطة مصر هو حادث جلل أدمى قلوبنا جميعًا والمتسبب فيه حسب بيان النيابة العامة وشهود العيان «سائق أرعن متهور ومغيب عن الواقع بفعل المخدرات» عمل لمدة تزيد على نصف قرن فى منظومة السكك الحديدية التى تعانى وللأسف الشديد إهمالًا شديدًا على الرغم من أنها من أقدم السكك الحديدية على مستوى العالم، حيث تم العمل بها فى القرن التاسع عشر، ترسخ هذا الإهمال وتعملق فى عهد الرئيس الأسبق «مبارك» الذى حدثت فى عهده حوادث عديدة للقطارات أبرزها كارثة قطار الصعيد وأُقيل على خلفية هذه الحوادث أكثر من وزير للنقل.
الإهمال فى قطاع السكك الحديدية لا يتوقف كما يعتقد البعض على تقادم العمر ببعض الجرارات أو عربات نقل الركاب، ولكن الأمر لا يقتصر على هذا الجانب، فالمتابع لأغلب حوادث القطارات التى حدثت فى الفترات الماضية يتأكد بما لا يدع مجالًا للشك أن هذه الحوادث سببها فى المجمل أخطاء بشرية تمت تحت تأثير المخدرات أو الاستهتار الناتج عن شيوع نمط من التسيب فى هيئة السكك الحديدية، فبعد كل حادثة قطار تتم إحالة المتسبب للقضاء، وهذا أمر محتم، دون إصلاح الخلل الذى يعترى منظومة السكك الحديدية، والخلل الأكبر هو انتشار حالة من الإهمال واللا مبالاة بين قطاع ليس بالقليل ممن يعملون بالسكك الحديدية، وتؤثر هذه الحالة حتى على القطاع الذى يعمل بجد فى منظومة السكك الحديدية.
ولعل هذا الحادث الجلل الذى وقع الأربعاء الماضى فى محطة مصر يفتح الباب واسعًا أمام وضع خطة حقيقية لتطوير قطاع السكك الحديدية ذلك المرفق الحيوى من مرافق الدولة المصرية، ويلزم هذا الأمر إشراك كل الكفاءات المتخصصة فى مجال النقل لانتشال السكك الحديدية من عثرتها مع الاهتمام بالعنصر البشرى.
وقبل أن أنهى مقالى هذا أشير إلى نقطة، فبعد الحادث تعالت أصوات تطالب رئيس الحكومة الدكتور «مصطفى مدبولى» بالتراجع عن قبول استقالة وزير النقل الدكتور «هشام عرفات» واصفة إياه بأنه من أفضل وزراء النقل وأنه غير مسئول عن خطأ السائق، وهو أمر قد اتفق معهم عليه فالرجل عمل على إحلال القطارات المتهالكة بأخرى جديدة فضلًا عن إسهامه فى خطة الطرق الجديدة التى تمثل إنجازًا حقيقيًا للدولة المصرية وتوفيره بيئة عمل مناسبة أدت إلى نجاحات فى عدة قطاعات بالسكك الحديدية كما حدث فى شركة السكك الحديدية التى حققت أرباحًا تجاوزت ٢٠٠ مليون جنيه وشبكة الطرق الجديدة والمنافذ البرية، فضلًا عن دماثة خلقه، ولكن الحادث الجلل الذى حدث، وإن كان لا يتحمل المسئولية المباشرة عن خطأ السائق، ولكن هناك ما يُعرف بالمسئولية السياسية، وحسنًا فعل رئيس الحكومة بقبول استقالته.. وعلى وزير النقل الجديد، أيًا كان اسمه، أن يستفيد من تجارب سابقيه لنرى تحسنًا حقيقيًا فى منظومة النقل وفى القلب منها السكك الحديدية.