رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القاتلان.. حسن البنا وسيد قطب


إلى اللحظة التى أكتب فيها تلك الكلمات لا يزال بعض المثقفين يعتقدون أن حسن البنا كان معتدلًا، وأن المشكلة كانت فى سيد قطب، وكأن حسن البنا هو الخير وسيد قطب هو الشر، مع أن الواقع يقول إنهما طبعتان لكتاب واحد.
حسن البنا بدأ بعمالة واضحة للإنجليز والمحفل الماسونى فى باريس، وسيد قطب عاد من أمريكا عام ١٩٥١ بعد أن رتّب أموره مع المخابرات الأمريكية والمحفل الماسونى فى نيويورك، وكان من السهل على حسن الهضيبى، عضو المحفل الماسونى فى مصر مرشد الإخوان حينئذ، أن يقبل عضوية سيد قطب، ويعطى له مكانة كبيرة فى التنظيم، بل يجلس منه موضع التلميذ من الأستاذ! كلاهما، البنا وقطب، زرعا فى مصر ورمًا سرطانيًا خبيثًا أرادا من خلاله القضاء على المشروع الوطنى لمصر الحديثة وتحويلها لعدة إمارات خاضعة للمخابرات الغربية تحركها كيف تشاء، وكان من المذهل لى أن أقابل شخصيات ناصرية معروفة فإذا بها تثنى على البنا وتذم قطب، لا لشىء إلا لأن عبدالناصر امتدح البنا فى إحدى خطبه، وهاجم قطب ووافق على الحكم الصادر بإعدامه، إلا أن هذا التوجه لم أجده عند كل الناصريين، ولكن عند قلة منهم لم يقرأوا التاريخ ولم يعرفوا شيئًا عن حقيقة أفكار حسن البنا، ولا شيئًا عن تاريخه وعمالته للمشروع الاستعمارى الغربى.
وكان أكثر ما يؤلم أن تجد إلى الآن من يطالب بضرورة الصلح مع الإخوان ودمجهم فى الحياة السياسية المصرية، يطالبون بذلك، رغم ما رأيناه منهم عبر السنوات الماضية، أما الأكثر إيلامًا فهو أن بعضهم كرر هذا الطلب بعد إعدام قتلة النائب العام وكأن إعدام القتلة هيّج مشاعره.
من أجل ذلك فإننى سأكتب لكم اليوم أقل القليل من أفكار حسن البنا، والحقيقة أننى سأتركه هو الذى يكتب لكم، فمن غير المستساغ أن نرى طوائف من السياسيين المحسوبين على التيار الناصرى، أو اليمين أو اليسار وهم يروجون لإعادة قبول الإخوان بيننا ثم لا نقرأ لمؤسسهم وواضع أفكارهم، فإذا أردت أن تعرف السبب فانظر إلى المُسَبِبْ، فماذا قال هذا المُسَبِبْ فى رسائله وهو يضع البناء الفكرى والعقائدى لجماعته؟ قال:
■ أيها الإخوان أدعوكم للجهاد العملى بعد الدعوة القولية، سندعو كل الهيئات إلى الإسلام، فإن أجابوا الدعوة آزرناهم، وإن لجأوا إلى المراوغة والدوران فنحن حرب عليهم ولا هوادة معهم حتى يفتح الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين.
■ كان موقفكم سلبيًا فيما مضى، ستخاصمون من الآن هؤلاء جميعًا فى الحكم وخارجه خصومة شديدة لديدة إن لم يستجيبوا لكم.
■ استعدوا يا جنود.. خذوا هذه الأمة برفق وصفوا لها الدواء، فإذا الأمة أبت أوثقوا يديها بالقيود، وأثقلوا ظهرها بالحديد، وجرعوها الدواء بالقوة، وإن وجدتم فى جسمها عضوًا خبيثًا فاقطعوه، استعدوا يا جنود.. فكثير من أبناء هذه الأمة فى آذانهم وقر وفى عيونهم عمى.
■ من أراد أن يفهم الإخوان فليمسك بمصحفه وليجرد نفسه من الهوى وليرى ما عليه القرآن فهذا هو الإخوان.
■ يا قومنا إننا نناديكم والقرآن فى يميننا والسنة فى شمالنا وندعوكم إلى الإسلام.
■ أمر الله المسلمين أن يجاهدوا فى الله حق جهاده بنشر هذه الدعوة بين الناس بالحجة والبرهان، فإن أبوا فبالسيف والسنان.. والناس إذا ظلموا البرهان واعتسفوا فالحرب أجدى على الدنيا من السلم.
■ ولهذا المعنى نفر المسلمون فى أقطار الأرض فمن أسلم فهو أخوهم، ومن رفض الإسلام جالدوه وقاتلوه حتى يظهرهم الله عليه.
■ نحن أيها الإخوان ولا فخر صحابة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هذه منزلتكم فلا تصغروا أنفسكم فتقيسوها بغيركم، فمن اتبعنا فقد فاز بالسبق، ومن رغب عن دعوتنا فإن الله سيقذف بحقنا على باطله فيدمغه.
■ سيقول الناس: ما معنى هذا ومن أنتم أيها الإخوان؟ إننا لم نفهمكم بعد، فأفهمونا أنفسكم وضعوا لأنفسكم عنوانًا نعرفكم به كما تعرف الهيئات بالعناوين، هل أنتم طريقة صوفية.. أم مؤسسة اجتماعية.. أم حزب سياسى؟ كونوا واحدًا من هذه الأسماء والمسميات لنعرفكم بأسمائكم وصفتكم، فقولوا لهؤلاء المتسائلين: نحن دعوة القرآن الحق الشاملة الجامعة، وطريقة صوفية نقية، وجمعية خيرية، ومؤسسة اجتماعية، وحزب سياسى نظيف، وقد يقولون بعد هذا كله ما زلتم غامضين فأجيبوهم: نحن الإسلام.
■ حدود الوطنية ليست بالأرض ولكن بالعقيدة، هم يعتبرونها تخومًا أرضية وحدودًا جغرافية، أما نحن فكل بقعة فيها مسلم هى وطن عندنا، ولكن دعاة الوطنية لا يعنيهم تلك البقعة الضيقة من الأرض.
■ فكان من ذلك أن اتسع أفق الوطن الإسلامى وسما عن حدود الوطنية الجغرافية والوطنية الدموية إلى وطنية المبادئ السامية والعقائد الخالصة الصحيحة.
■ ينبغى لكل أخ أن يخدم الثورة الإسلامية بتشجيع المصنوعات والمنشآت الاقتصادية الإسلامية، وأن يحرص على القرش، فلا يقع فى يد غير إسلامية مهما كانت الأحوال.
■ ينبغى أن تقاطع المحاكم الأهلية وكل قضاء غير إسلامى، والأندية والصحف والجماعات والمدارس والهيئات التى تناهض فكرتك.
■ ينبغى أن تتخلى عن صلتك بأى هيئة أو جماعة لا يكون الاتصال بها فى مصلحة فكرتك، خاصة إذا أمرت بذلك.
من تفريعات أركان البيعة
■ مرحلة التكوين: تكون باستخلاص العناصر الصالحة لحمل أعباء الجهاد وضم بعضها إلى بعض، ونظام الدعوة، فى هذه المرحلة، صوفى بحت من الناحية الروحية، وعسكرى بحت من الناحية العملية.
■ مرحلة التنفيذ: وهى مرحلة جهاد لا هوادة فيه، وعمل متواصل فى سبيل الوصول إلى الغاية، وامتحان وابتلاء لا يصبر عليهما إلا الصادقون، ولا يكفل النجاح فى هذه المرحلة إلا كمال الطاعة لقياداتك، وعلى هذا بايع الصف الأول من الإخوان المسلمين وأنت بانضمامك إلى هذه الكتيبة، وتقبلك هذه الرسالة، وتعهدك بهذه البيعة، تكون فى الدور الثانى، وبالقرب من الدور الثالث.
■ الثقة فى القيادة: اطمئنان الجندى إلى القائد فى كفاءته وإخلاصه اطمئنانًا عميقًا ينتج الحب والتقدير والاحترام والطاعة (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِى أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) والقائد جزء من الدعوة، ولا دعوة بغير قيادة، وعلى قدر الثقة المتبادلة بين القائد والجنود تكون قوة نظام الجماعة.
■ سيستخدم الإخوان القوة العملية حين لا يجدى غيرها، وهم حين يستخدمون هذه القوة سيكونون شرفاء صرحاء، سينذرون أولًا وينتظرون، ثم يقدمون فى عزة وكرامة ويتحملون كل نتائج استخدامهم القوة بكل رضا وارتياح.
وفى النهاية، ينبغى أن أشير إلى أن كل الكلام الذى قاله البنا هنا منقول من رسائله ومن مقالة له فى مجلة النذير الإخوانية عام ١٩٣٩، وهو العام الذى أنشأ فيه البنا النظام السرى الخاص، الذى يستهدف القتل والاغتيال، ولن يجد أحد أى فرق بين تلك الأفكار الفاشية الدموية وبين أفكار سيد قطب، كلاهما قاتلان، وكلاهما يقدمان لأتباعهما أفكارًا دموية تناهض مشروع الدولة المدنية الحديثة.