رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"أنا خالد زميلك".. قصة المسعف شهيد رصيف نمرة 6 بمحطة مصر

جريدة الدستور

"الحقني يا أشرف.. أنا خالد زميلك"، نداء الاستغاثة كان من عامل إسعاف، شاءت الأقدار أن يكون بين ضحايا حادث محطة مصر الذي وقع صباح أمس، وأودى بحياة 22 شخصا وعشرات المصابين.

خالد محمد عبد المنعم إبراهيم، 35 سنة، من أبناء محافظة الشرقية، متزوج وله ولدين، محمد 5 سنوات، وحمدي سنة ونصف السنة، يعمل في هيئة الإسعاف المصرية منذ أحد عشر عاما، شهد خلالها الأحداث الجسام، أنقذ أرواح العديد من المصابين، كان من بين المسعفين في أحداث ثورة يناير وما بعدها، شهد حرائق عديدة، ولكن القدر لعب لعبته، وكانت نهايته مشابهة لحياته.. داخل حريق محطة مصر.

في الثامنة صباح أمس الأربعاء، أنهى "خالد" عمله، والذي يستمر لـ 3 أيام متواصلة، وينتهي منها ليعود لبلدته أربعة أيام، توجه إلى محطة مصر، انتظر القطار الذي سيقلّه إلى أسرته، ووقع الحادث المؤسف. المسعف في إجازته، لذا كان يرتدي زيا مدنيا أفقده مظهره الرسمي، والحريق أفقده ملامحه أيضًا.

دخل زميل له يدعى أشرف إلى محطة مصر، كان من بين من هرعوا لإنقاذ الضحايا، سمع صوتا يناديه "الحقني يا أشرف.. أنا خالد زميلك.. اشتغلت معاك على عربية 79"، وبصعوبة تعرف عليه وتمكن من إنقاذه ونقله إلى مستشفى دار الهلال التي لم تتمكن من استقباله لأن نسبة الحروق تجاوزت الـ80%، ليتم نقله إلى مستشفى دار الشفاء، حيث وافته المنية صباح اليوم. الرواية السابقة سردها محمود أبو بكر العوضي، وهو مسعف، حيث إن "أشرف" المنقذ لم يتمكن من الحديث واكتفى بالبكاء فقط.

الشهيد قضى سنوات عمره الأخيرة مسعفا، لكن حينما حانت اللحظة يحتاج فيها من يقدم له يد العون، تأخر المدد قليلا، وفي هذه الأوقات كل ثانية تمر لا يعود ما بعدها لما كان قبلها.

قبل دخوله المحطة، كان يرافقه صديقه، حسام مصطفى إسماعيل، مشرف عربة الإسعاف رقم 2379، والذي أوضح أنهما كانا قد أنهيا عملهما وفي طريقهما لمنازلهما، ودخل "خالد" المحطة، ولا يعرف "حسام" ما حدث، والذي انفعل بشدة حينما ورده خبر إصابة زميله، إذ لم يكن يتصور أبدا أن يكون في الحادث.

يقول "حسام" عدت إلى منزلي، وفي وقت العصر، كنت أطمئن على زملائي في موقع الحادث، وأيضًا خالد الذي لا يجيب هاتفه، وبعد ذلك عرفت أنه أصيب، وأن الحريق التهم جسده.

"هو مسعف.. ولكن لم يكن من الممكن أن يسعف نفسه.. لن يستطيع أن يفعل شيء"، بهذه الكلمات علَّق حسام على مدى حالة الذعر التي تكون فيها الضحية في هذه المواقف، ويتابع: "لو كنت هناك لكان بإمكاني إنقاذه".

عزت محمد، مسعف آخر من إقليم القاهرة، عمل مع خالد طوال خمس سنوات، يقول إن الشهيد كان مشهودا له وكان بالاحترام والالتزام "من البيت للشغل ومن الشغل للبيت وكان شاب مكافح" على حد وصفه.

يشير "محمد" إلى أن "خالد" شارك في عدد كبير من الأحداث الكبيرة التي وقعت في القاهرة، منها حريق نقابة التجاريين، وحريق باب البحر وحمل على يديه المصابين في الحرائق، وكان يساعد المرضى في الوصول للمستشفى.

وعن تلقيه خبر الحادث، يقول: "كنا في الراحة وكنت أطمئن على الزملاء، وعرفت الخبر وأنه أصيب في حادث محطة مصر، وتابعنا الوضع وجئت إلى مستشفى دار الشفاء، وكانت حالته سيئة جدا".