رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإخوان ورحلة الإرهاب



رحلة الإخوان مع الإرهاب تعود إلى جذور قديمة منذ إنشائها فى عشرينيات القرن الماضى ثم إنشاء قسم الاغتيالات بها مع اعتمادهم على قدامى الشيوخ وأئمة الإرهاب الذين أجازوا لهم كل شىء.
جمعية الإخوان الإرهابية نشرت فروعها فى كل دول العالم وتحولت إلى تنظيم دولى تفرعت منه كل الجماعات التى تربط الإسلام باسمها كغطاء شرعى لتنفيذ عملياتها الإرهابية.. مصر التى تأسست جماعة الإخوان بها شهدت على طول تسعين عامًا من نشأة الجماعة مراحل متعددة من العلاقة بين الجماعة والأنظمة، وما بين نظام يعترف بوجودهم إلى نظام يحاول احتواءهم إلى رئيس دولة قرر المواجهة الحاسمة معهم، ولذا نجد أن أشد مراحل الصراع بين الدولة والإخوان هى هذه الفترة التى نعيشها.. طابور طويل من الشهداء من الأسطورة أحمد منسى إلى الشبح محمد أبوسمرة، مرورًا بمئات الشهداء ولم ينج أيضًا الأطفال من حوادثهم فهذه شيماء ضحية حادث محاولة اغتيال عاطف صدقى تنضم إلى الطابور وامتدت أياديهم الملوثة بالدماء إلى شهيدة الشرطة العميد نجوى عبدالعليم وزميلات لها وحتى ضحايا الكنائس والتفجيرات.
الشعب كله بفئاته المختلفة طالته يدُ الإرهاب، لذا فالمطلوب اليوم هو مواجهة شعبية.. وأن يكون الشعب كله هو الظهير للقوات المسلحة وقوات الشرطة.. حوادث الإرهاب الأخيرة تكشف عن تسلل إرهابيين إلى محافظات عديدة وانضمت قنا إلى المحافظات التى دخل إليها الإرهاب مؤخرًا.
والإرهابيون أيضًا نتاج لما يحدث فى سيناء، حيث تبدو المواجهة شرسة مباشرة بين القوات المسلحة والشرطة والإرهابيين وبعد سقوط خلايا متعددة منهم ورغم الضحايا والشهداء، إلا أن الإرهاب ومموليه والذين وضعوا هدفًا أساسيًا لهم وهو إسقاط مصر، ظل يحاول أن يحقق هدفه واضطر إلى تغيير تكتيكاته، ففى حين كان عام ٢٠١٥ عامًا لاستخدام العبوات الناسفة، وهو العام الأكثر استخدامًا للعبوات الناسفة من قبل تنظيم بيت المقدس، وفى عام ٢٠١٦ اتجه التنظيم إلى عمليات القنص وإلى عمق الأقاليم مثلما حدث فى استشهاد ضابط الأمن الوطنى بالقليوبية والذى تم اغتياله برصاص قناصة إرهابيين أثناء خروجه من الصلاة.
التغيير التكتيكى للعمليات الإرهابية يمكن رصده أيضًا فى عام ٢٠١٧ حيث تحول إلى الهجوم الانتحارى باستخدام الانغماسيين والانتحاريين وهو ما حدث فى كنيستى مار مرقس ومار جرجس وأيضًا العملية الإرهابية التى استشهد فيها العميد أحمد منسى بقطاع البرث جنوب رفح والذى استخدم فيه الإرهاب كل نظمهم التكتيكية ليصلوا بعد ذلك إلى الواحات والفرافرة وأسيوط، ثم حادث الدرب الأحمر الأخير والمرتبط بالمحاولة الفاشلة فى ميدان الجيزة.. عاود الإرهاب استخدام تكتيكات إرهابية تقليدية نفذتها عناصر ضمن تنظيمات جديدة مثل حسم ولواء الثورة وغيرهما.. المراقب للعمليات الإرهابية يكتشف أيضًا ضعف سلاح العبوات وتضاؤل الكميات المضبوطة نتيجة تمكن قوات الأمن من الحصول على بعض المعدات الخاصة بتصنيع هذه العبوات.
حرص الجماعات الإرهابية على استهداف المساجد والكنائس أيضًا كان ظاهرًا فى السنوات الأخيرة، فلم يفرق الإرهاب بين مصلى مسجد الروضة ببئر العبد ولا بين زوار الكنائس أيضًا فى البطرسية ومار مرقس ومار جرجس، وما بين خطف لقساوسة أو قتل لمدنيين فى شمال سيناء.. استهداف المدنيين فى كل الطوائف كان محاولة بائسة من الجماعات الإرهابية لبث الرعب بين الشعب بكل طوائفه ولكن ما حدث كان العكس.. ازداد الإصرار على مواجهة الإرهاب ودحره.
الضربات الموجعة التى تلقاها تنظيم بيت المقدس سواء بتدمير عشرات البؤر الإرهابية فى شمال سيناء أو بضربات استباقية كما حدث فى جبل أسيوط ومناطق بالصحراء الغربية وتزامن ذلك مع سقوط قيادات مهمة سواء بقتلهم أو القبض عليهم مثل أبويونس الأنصارى مسئول تنظيم بيت المقدس وعودة سلامة الحمدين الرجل الثانى بالتنظيم.. كل ذلك سيؤدى بالتالى إلى ظهور نمط جديد من الإرهابيين مثل إرهابى الدرب الأحمر الحامل جنسية أمريكية والابن لأسرة وصل أفرادها إلى أعلى درجات التعليم الأكاديمى.
إذن نحن أمام جيل جديد من الإرهابيين ونمط جديد من العمليات الإرهابية يمكن أن نطلق عليها عمليات عشوائية لا تخضع لتنظيم مركزى تستخدم الذئاب المنفردة.. كما أنها لن تتوقف عند استهداف الشرطة أو الجيش بل ستتجه إلى استهداف مباشر للمدنيين، كما حدث فى محاولة التفجير أمام مسجد الاستقامة بالجيزة أو حتى استهداف مقاهٍ، كما حدث فى العياط.. يتزامن ذلك أيضًا مع ارتفاع نسبة العائدين من سوريا والعراق، سواء كانوا مصريين أو أجانب.. لو أضفنا إلى ذلك حال الجدل داخل التنظيمات التقليدية فإن تراجع التنظيم الأم سيؤدى إلى ظهور تنظيمات جديدة سواء كانت بسبب اختفاء الجيل الأول والقادة أو حدوث اندماجات بين تنظيمات مختلفة.
اختفاء داعش من سوريا والعراق وتضاؤل الدور فى ليبيا سيدفع عناصر كثيرة لمحاولة العودة إلى مصر، سواء عبر صحراء ليبيا أو سيناء وهو ما يدفع إلى التأكيد على دور وأهمية التعاون بين الشعب وعناصر الأمن بمدهم بالمعلومات عن أى تغيير يلاحظ، سواءً بظهور أفراد جدد بالمنطقة أو تغير فى سلوك البعض.. المعركة مستمرة.. هدفهم إسقاط مصر والانتقام منها وهدفنا الدفاع عن مصر وحمايتها ولذا سينتصر الشعب وجيشه وشرطته فى معركته مع الإرهاب.