رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الهانم.. والناشر

أشرف عبدالشافى يكتب: بعت توفيق الحكيم بكام يا "معلم"؟!


أما الهانم فهى الناشرة الجميلة فاطمة البودى صاحبة دار العين، التي ساءها أن يذكر اسم دارها بكلمة قد تسىء إليها؛ فأصدرت بيانًا وافيًا تستنكر فيه بيع أحد إصدارات الدار بسعر يختلف عن سعر البيع فى دار الشروق. هى بذلك "هانم" تحترم قارئ إصداراتها وتحرص على التوضيح والتعقيب ببيان محترم رغم ما جاء به من نقصان في ذكر اسم الصحيفة التي ترد عليها الهانم في بيانها، وهو تعمد لطيف وظريف مقصود منه تجاهل اسمى واسم الدستور، وكأنها بذلك تنتقم وتفش غليلها، وهذا حقها إن كنت قد قصدت الإساءة أو قصدت دارها أصلًا فيما كُتب.

هذا عن الهانم، أما الناشر فهو إبراهيم المعلم صاحب دار الشروق، ولا أريدك أن تذهب بخيالك بعيدًا إن جاء اسم الناشر إبراهيم المعلم مقرونًا بـ"الهانم" القديمة سوزان مبارك- متعها الله بالصحة والعافية- التي كان يقدرها وينحني أمامها ويسعى بكل ما يملك لنشر مذكراتها التي كادت تصدر قبل ثورة يناير بأيام قليلة؛ لتكون تتويجًا لرحلته معها ومع مشروع القراءة للجميع الذي حصد منه ملايين ما زالت تتوالد وتتكاثر حتى اليوم، ويبخل ملاليم منها على زملائنا الصحفيين الذين تسبب في تشريد العشرات منهم.

ما علينا، ودعنا الآن نكتشف أى نوع من البشر هذا الرجل الذي لم يخجل من جرأة الصديقة فاطمة البودى، وهي تدافع عن دارها وتصدر بيانًا لمجرد ذكر اسمها في سطر أو سطرين، لم يفكر في الفارق بينه كناشر يمارس التزييف والضحك على الذقون عينى عينك، ولا يهتم بما ينشر من فضائح ثقافية طالت نجيب محفوظ، ومرمغت الأرض بتوفيق الحكيم، وبينها كناشرة تنتفض لسطر عابر أو كلمة غير مقصودة.

لم ينشغل الناشر بصحف تكتب وأدباء يعترضون على جرائمه فهو الناشر الأوحد، والإخوانى أبو بدلة وكرافتة، والمعارض العنتيل ولديه المنابر والمنافذ والمداخل والمخارج فى معارض الكتب ومؤتمرات اتحاد الناشرين من ألمانيا إلى إسطنبول والدوحة، فكيف له أن يهتم؟.. ماذا يضيره إن باع توفيق الحكيم للأطفال وعصر نجيب محفوظ مشروبًا سائغًا للإخوان؟
نشر إبراهيم المعلم بيان دار العين في صحيفته التي يمتلكها، وتجاهل الرد على الموضوع الأساسى الذي يخص سمعته وطريقته في التعامل مع أعمال كبار أدباء مصر! فقد كان الموضوع حول جريمة دار الشروق في تزييف أعمال توفيق الحكيم وتحويل واحد من أهم أعماله "أرنى الله" إلى قصص ساذجة للأطفال، بل ونسبة هذا العمل الملفق إلى توفيق الحكيم، وهو الذي لم يكتب يومًا للأطفال، ولم نسمع عن توجهاته إلى هذا النوع الأدبى إلا على يد الأستاذ إبراهيم المعلم!.

لا أجد وصفًا يناسب هذا التصرف العجيب، فالسيدة فاطمة البودى ثارت وغضبت لمجرد ذكر اسم الدار في سطر، بينما الناشر الذى ارتكب الجريمة المقصودة في الموضوع لم يتأثر ولم يرف له جفن ولم ترتعش له كرفتة!. والأدهى من كل ذلك أن يتبجح وينشر بيان دار العين في صحيفة الشروق، وكأن الموضوع الطويل العريض الذي شرشحه ومرمغ الأرض بدار الشروق لم يكن! وهذا نوع غريب ونادر من البشر يصعب أن تعثر له على شبيه أو مثيل إلا بين صفوف أولئك الباردين الناعمين مثل بطن الضفدع وجلود الثعابين، أولئك الذين ما أن تضع يدك لتسلم على الواحد منهم حتى تسرى إلى بدنك جرعات من السماجة والسخافة وثقل الظل والعرق والتبلد الإرادي واللا إرادي.

أذكر أن الصحفيين المصريين اجتمعوا في مقر نقابتهم لتوبيخ وتهزىء ممدوح الولي الذي جاء به مكتب الإرشاد نقيبًا لصحفيى مصر في زمن أغبر، واحتشد الزملاء غاضبين وحانقين على الجماعة وتنظيمها وممثليها الذين انتشروا كالجراد في المؤسسات والنقابات، وتحركت الجموع نحو المنصة التي يقف عليها ممدوح باردًا. مبتسمًا، دسمًا، ثقيلًا يكاد يقول لك: "اضربنى بحذائك ولا تتأخر أرجوك فأنا شهيد التناحة والبجاحة والتلاحة واللزوجة".

لا أعرف ماذا جاء بتلك السيرة،  إلا أن البحث عن تلك الفصيلة الغريبة العجيبة يتطلب شطحات قد لا تروق للقارئ أحيانًا، فهكذا رأيت إبراهيم المعلم وهو يقفز على جريمة كاملة الأركان لينشر بيانًا عن سطرين لا يخص أحدهما اسمه ولا سيرته، كأنما يخرج طرف لسانه لتوفيق الحكيم واللى يتصدر له كمان!

تلك عنجهية المال التى سنظل نحاربها ونكشف زيفها مهما تمترست خلف تلال الأموال متعددة الجنسيات. حلوة "تمترست" دى.