"خُد نَفَسك".. خبراء: 95% من الناس لا يتنفسون بشكل صحيح
نعتقد جميعًا أننا نتنفس بشكل صحيح، منذ ولادتنا، لكنّ كتابًا صدر مؤخرًا ينفى هذه الفكرة، ويرى أن البشر لا يعرفون الطريقة الصحيحة والصحية للتنفس.
ووفقًا للكتاب الذى حمل عنوان «Breathe: The 4-Week Plan To Manage Stress، Anxiety and Panic Naturally»، للخبيرة مارى بيرش، فإن التنفس بشكل جيد يجعلك تعيش بشكل أفضل، موضحة: «كثير منا لا يتنفس بشكل صحيح، وصحتنا ورفاهيتنا تعانيان، لكن يمكنك فى غضون أربعة أسابيع فقط استعادة صحتك وحياتك عند تدريبك على التنفس».
تتساءل «بيرش» الخبيرة فى إعادة تدريب التنفس: «هل التنفس يأتى بشكل طبيعى للجميع؟»، وتجيب بالنفى مضيفة «ليس صحيحًا هذا الأمر، فبسبب مجموعة من عوامل الحياة والعمل والبيئة، كثير منا لا يتنفس بشكل صحيح، ما يؤثر على الصحة، لكن يمكن أن يساعد تحسين التنفس على الشعور بالارتياح، وهذا ينطبق بشكل خاص على أولئك الذين يعيشون مع الإجهاد والقلق والذعر، كما يمكن أن يسبب التنفس الخاطئ زيادة الاضطرابات».
ويحتوى الكتاب الذى نشرت صحيفة «ديلى ميل» البريطانية أجزاء منه، على برنامج تدريجى خطوة بخطوة أسبوعيًا لإعادة تدريب نمط التنفس، إضافة إلى إرشادات حول نمط الحياة والتمرين والغذاء والتغذية، كما يحتوى على قصص لأشخاص حولوا حياتهم بشكل إيجابى من خلال تعلم التنفس بشكل صحيح.
ويقدم الجزء الأول من الكتاب شرحًا للارتباط بين الإفراط فى الضغط والقلق وأعراض الهلع، ويحتوى الجزء الثانى على برنامج لمدة أربعة أسابيع مع إرشادات أسبوعية لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من هذه المشكلات لتحسين نمط تنفسهم والحصول على راحة طويلة المدى.
وتوضح «بيرش» أن عدة مشاهير، مثل كريستى تورلينجتون، وجوينيث بالترو، يتدربون ليتنفسوا بشكل صحيح، وتقول: «إن التنفس يعنى فى الأساس تغيير طريقة شعورك، سواء كان ذلك لمساعدتك على الاسترخاء أو زيادة الطاقة، وهناك عدة اختلافات فى الأداء، بدءًا من تمارين الاسترخاء البسيطة إلى التقنيات المصممة للحصول على تأثير قوى، هو المونوتروبيك الذى يُعرف أيضًا باسم التنفس المجهرى».
وأضافت: «هناك أيضًا تعليم التنفس بشكل أكثر فاعلية على أساس يومى، لأن التنفس الخاطئ يعد سببًا لمشاكل متنوعة مثل الصداع النصفى، ومشاكل النوم والانتفاخ».
من جانبه، يقول ريتشى بوستوك، خبير التنفس فى لندن: «إن الكثير منا لا يتنفس بشكل صحيح وأقدر أن من ٩٠ إلى ٩٥٪ من الناس يتنفسون بطريقة غير مثالية من الناحية التشريحية وليست منسجمة مع الصحة والسعادة».
ويكمل «بوستوك»: «الخطأ الأكثر شيوعًا هو ما نسميه التنفس العمودى، حيث يتنفس الناس بشكل سطحى وهو أن يرتفع أكتافهم ويخرج صدرهم العلوى قليلًا، ولكن فى تلك الحالة تكون هناك حركة ضئيلة جدًا فى البطن والقسم الأوسط»، مضيفًا: «نحن بحاجة إلى أن نتعلم التنفس من أسفل إلى أسفل، وبالتالى التوسع فى الشهيق والاسترخاء على الزفير، ويتنفس الأطفال الصغار بهذه الطريقة غريزيًا، ولكن عندما يبدأون فى البلوغ، فإن الأحزمة الضيقة، والجداول الزمنية الضيقة بسبب العمل ومشاغل الحياة والعقول الضيقة تجعل تنفسهم ينحرف عن المسار الصحيح».
وافتتح «بوستوك» مركزًا لتعليم التنفس الصحيح فى لندن، يقوم على التعريف بعمل التنفس التأملى للتهدئة وإعادة الشحن، ويشجع فيه المنضمين للمركز على التنفس العميق والبطىء والمثير للحيوية، ويقول: «عندما نتنفس، تأخذ رئتنا الأكسجين إلى دمنا والذى تحتاج خلايا الجسم إلى وظيفته، وتؤثر على كل شىء من الهضم إلى التفكير، ويعود ثانى أكسيد الكربون إلى الخارج كمنتج نفايات، ويراقب الدماغ مستويات هذين الغازين فى كل وقت، ويقوم بالتعديل حسب الضرورة».
وأوضح: «علماء الفيسيولوجيا أيضًا أجروا دراسات كثيرة لمدة قرن تقريبا، أوضحت أن إيقاع قلبنا يتزامن مع تنفسنا».
ويوضح الدكتور جافين ساندركوك، عالم الرياضة والتمارين فى جامعة إسكس، الذى درس آثار تدريبات التنفس أن «هذا يعرف باسم عدم انتظام ضربات القلب فى الجهاز التنفسي، وإذا أبطأت أنفاسك أو حتى تتنفس بطريقة إيقاعية، فإن قلبك يبطئ من قدرته».
ويضيف «ساندركوك»: «عندما تتنفس بشكل طبيعى، تتنفس لفترة طويلة ثم تخرج الزفير بسرعة ويؤدى التنفس بشكل أكثر إيقاعًا إلى إبطاء معدل ضربات القلب بشكل عام، وقد أظهرت الدراسات أن إيقاع التنفس الأمثل لهذا التأثير المهدئ هو حوالى ستة أنفاس فى الدقيقة».
ويؤكد أن تدريبات التنفس يمكن أن تساعد الأشخاص الذين يعانون الأرق على النوم بسهولة أكبر، والاستيقاظ بشكل أقل خلال الليل، إذا تم التمرين لمدة ٢٠ دقيقة قبل موعد النوم، فضلًا عن أن ممارسة التنفس البطىء يمكن أن تعمل على تحسين العلامات الجسدية المرتبطة بالصحة وطول العمر».
وذكر: «وجد الباحثون أن النشاط فى منطقة صغيرة فى المخ ينتج مادة كيميائية مفعّلة وهى نورادرينالين، التى يتم إطلاقها عندما نشعر بالحماس أو الاهتمام وتزيد عندما نستنشق وتنقص عندما نطلق الزفير»، مضيفًا: «من الممكن أن تركز على تنفسك وتنظمه وهو ما يمكنك تحسين مستوى انتباهك».
ويقول «ساندركوك»: «الطريقة غير الفعالة التى يتنفسها معظمنا يومًا بعد يوم تؤدى إلى نوع من الاختناق، لأن الأكسجين لا يصل إلى خلايانا، والقيام بتدريبات التنفس العميق، يطهر الرئتين من الهواء القديم وطالما أنك تحتفظ بمستويات أكسجين تشبع ٩٨ أو ٩٩٪ فى الدم، فأنت تتنفس بشكل صحيح».