رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"المصرى مش رخيص".. "الدستور" تحضر عملية إنقاذ المشردين من الشارع لدور الرعاية

صورة من الحدث
صورة من الحدث

ولاء جمال - هايدى حمدى - سمر مدحت - سالى رطب

ضمن مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى لتوفير «حياة كريمة» للمواطنين، كثفت فرق التدخل السريع التابعة لوزارة التضامن الاجتماعى جهودها مؤخرًا لإنقاذ المشردين، سواء كانوا من كبار السن أو الأطفال، مع توفير أماكن آمنة ومناسبة لرعايتهم.

وفى ظل موجة الطقس البارد التى شهدتها مصر فى الآونة الأخيرة، تحولت فرق التدخل إلى خلية نحل بالشوارع، للعمل على إنقاذ أكبر عدد ممكن من المشردين والأطفال بلا مأوى، وتسكينهم فى مراكز الرعاية والإيواء الخاصة، فى عدد من المحافظات.

«الدستور» التقت المسئولين عن وحدات التدخل السريع بالوزارة، وسألتهم عن آلية عملهم، والإجراءات المتخذة حيال المشردين من الأطفال وكبار السن، كما التقت أيضًا عددًا من المسئولين عن مراكز الرعاية للتعرف على كيفية استقبالهم للوافدين الجدد، وما توفره لهم هذه الدور من خدمات.



فرق التدخل السريع 17 وحدة متنقلة تتحرك فى 10 محافظات.. المساعدات مأوى وبطاطين وطعام.. وأبطالها: نعمل على مدار الساعة دون إجازات



قال الدكتور أيمن عبدالعزيز، نائب رئيس فريق التدخل السريع بوزارة التضامن الاجتماعى، إن الهدف من تشكيل الفرق هو دعم جهود إنقاذ المشردين من كبار السن والأطفال الذين لا يجدون مأوى لهم، بالإضافة إلى التدخل العاجل حال وجود أى تجاوزات أو انتهاكات ضد نزلاء دور الرعاية الاجتماعية المختلفة.
وكشف «عبدالعزيز» أن الوزارة شكلت ١٧ وحدة متنقلة للتدخل السريع، يضم كل منها نحو ٨ أفراد مدربين على أعلى مستوى، من أجل اتخاذ الإجراءات المطلوبة حال وجود ما يستوجب تدخلهم، مشيرا إلى أن كل فريق يضم إخصائيا نفسيا وآخر اجتماعيا، يمكنهما التعامل مع الحالات التى يواجهونها.
وأضاف: «لدينا أيضا فرق محلية فى المحافظات، بالإضافة إلى فريق عمل مركزى بالقاهرة، والعمل مستمر على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع»، مشيرًا إلى أن الفرق تتعامل مباشرة مع أى بلاغات تتلقاها على الخط الساخن التابع للوزارة، أو عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل، لتوفير الرعاية المطلوبة، ونقل المشردين من جميع الأعمار إلى أماكن إيواء مناسبة، فضلا عن توفير وجبات ساخنة لمن يرفضون الانتقال إلى هذه الدور.
وقال أحمد كمال، إخصائى اجتماعى بإحدى الوحدات المتنقلة، إن فرق التدخل بدأت التعامل مع المشردين فى جميع أنحاء الجمهورية، أواخر ديسمبر الماضى، مشيرًا إلى أن الوحدة الخاصة به تعاملت مع نحو ٤٤ حالة، واقنعت اثنين منهم بالانتقال إلى دار رعاية، من أجل توفير احتياجاتهما من مسكن وملبس وطعام وغيره، أما من رفض الالتحاق بدور الرعاية فقدمت له الأطعمة والبطاطين والملابس المناسبة من أجل مواجهة الشتاء.
وذكر هشام طه، أحد منسقى الوحدات المتنقلة، أن وحدته تعمل فى الشارع منذ نحو عامين، من أجل إنقاذ الأطفال بلا مأوى، طبقا للمبادرة السابقة لوزيرة التضامن، التى تطورت حاليا وضمت المشردين من جميع الفئات، مضيفًا: «موجودون حاليا لمساعدة المشردين والأطفال بلا مأوى، فى ١٠ محافظات مصرية، هى القاهرة والجيزة والقليوبية والإسكندرية وبنى سويف والمنيا وأسيوط والشرقية والسويس والمنوفية، لدعمهم فى مواجهة ظروفهم المعيشية الصعبة».
وقالت شيماء عبدالسلام، مسعفة بإحدى الوحدات المتنقلة، إن وحدتها تتعامل مع كل شخص بما يناسبه، تبعا لحالته الصحية أو الاقتصادية أو احتياجاته المختلفة، مشيرة إلى أن بعض الحالات تكون بحاجة إلى الطعام والبطاطين، والبعض يحتاج نقله لمكان آمن، وآخرون يكونون بحاجة للنقل إلى المستشفيات لتلقى العلاج، وهناك من لا يحتاجون سوى لمساعدات بسيطة وهكذا.
وعن كيفية اختيار العاملين فى فرق التدخل السريع بالشوارع ومدى تأهيلهم، قال عدنان زكى، قائد فريق بإحدى الوحدات المتنقلة، إن الاختيار جاء بناء على إعلان الوزارة عن طلب متطوعين للمهمة، على أن يكونوا من خريجى معاهد الخدمة الاجتماعية وأقسام علم النفس بكليات الآداب، مع اشتراط الخبرة فى التعامل مع الأطفال أو كبار السن.
وأضاف: «المتقدمون خضعوا للتدريب لمدة ٦ أشهر، وبعضهم تدرب على كيفية التعامل مع الأطفال، وإقناعهم بالعمل مع الوحدات المتنقلة، التى تهدف لمساعدتهم فى الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية والتثقيفية والترفيهية».
ورافقت «الدستور» أحد الفرق المتنقلة التى تتعامل مع المشردين، ورصدت نجاح هذه الفرق فى إقناع عدد من الأشخاص بالذهاب معهم إلى إحدى دور الرعاية، ومن بينهم «الحاجة فاطمة»، التى شرحت للفريق أنها تمر بظروف معيشية صعبة اضطرتها للجلوس فى الشارع بصحبة زوجها وابنتها التى تبلغ ١٢ عاما، ما دعاها للترحيب بجهود الفريق والذهاب معه إلى إحدى المؤسسات المشاركة فى المبادرة.
الأمر نفسه تكرر مع «هـ.أ.ن»، الذى يبلغ من العمر ٥٨ عامًا، والذى قال إنه جاء إلى القاهرة من مركز مغاغة بالمنيا نظرا لظروفه الأسرية الصعبة ومعاناته من سوء معاملة الأبناء، ولم يختلف الوضع عند «عم محمد»، البالغ من العمر ٥٩ عامًا، بعدما غادر منزله وافترش الشوارع فى باب الشعرية، نتيجة خلافاته مع زوجته إثر مرضه المستمر.
من جهته، قال حسنى يوسف، مدير برنامج «أطفال بلا مأوى» التابع لوزارة التضامن، إن الجهود الحالية تأتى فى إطار دراسة كلفت بها الوزيرة غادة والى منذ مدة، لحصر أعداد المشردين فى شوارع الجمهورية، والتعرف على مناطق تمركزهم، وبحث سبل توفير الرعاية لهم.
وأضاف «يوسف» أن الحملة الحالية لرعاية المشردين لاقت تفاعلا كبيرا من المواطنين، الذين أبلغوا عن حالات متعددة فى الشوارع، وساعدوا فرق البحث والإنقاذ فى عملهم على حصر الأطفال وكبار السن، ما ساهم فى إنجاح المبادرة بشكل كبير.
وتابع: «المواطنون تفاعلوا معنا من أجل توفير أماكن مناسبة وآمنة لمن يحتاجها، كما لقينا الدعم من عدد من دور الرعاية والجمعيات الأهلية بالإضافة إلى بنك الطعام المصرى».


مراكز رعاية فى القاهرة الكبرى إخصائيون نفسيون للتعامل مع الحالات.. كشف فورى وتحاليل للتأكد من الحالة الصحية.. إعادة من يريدون إلى أسرهم.. وغرف للعب والموسيقى




بعد الاطلاع على جهود فرق التدخل السريع التابعة لوزارة التضامن الاجتماعى وطرق عملها، توجهت «الدستور» إلى عدد من دور الرعاية الاجتماعية بالقاهرة الكبرى، للتعرف على آليات استقبال الوافدين الجدد إليها، خاصة المشردين.
البداية من مركز «الحرية» للرعاية الاجتماعية بمنطقة عين شمس، حيث بدأنا جولتنا بزيارة الدار المشاركة فى مبادرة «أطفال بلا مأوى» منذ عامين، وسألنا المسئولين عنها عن أول الإجراءات التى تتخذ حال وصول وافد جديد إليهم، فأشاروا إلى أن المركز مؤهل بالكامل لاستقبال الأطفال الوافدين إليه، نظرا لكونه يضم غرفا للعب والموسيقى ورعاية طبية، بالإضافة إلى متخصصين فى احتضانهم وكسر حاجز الخوف لديهم.
وكشف أشرف أحمد، أحد مسئولى الدار، أن المركز يهدف أولا إلى إقناع الطفل بالبقاء، وتقبل الإقامة فى مركز الرعاية، إلى أن يبدأ الاستقصاء والتحرى عنه من أجل إعادته إلى أسرته، موضحًا: «نعمل أولا على إقناع الطفل المشرد بتقبل ركوب العربات المتنقلة والذهاب معنا إلى مركز الرعاية، وبعدها نبدأ فى إغرائه بالأنشطة الترفيهية والألعاب التى تكون أكثر ما يجذبه فى المرحلة الأولى».
وأضاف: «بعد الاستقبال الأول تبدأ مرحلة الإخصائى النفسى، الذى يقدم الدعم للطفل أو الوافد الجديد، ويستقبله فى غرفة حرصنا على تزويدها بستارة خاصة حتى تشبه عيادات الأطباء، ما يمنح الطفل بعض الخصوصية، تمكنه من الإفصاح عن كل ما يريد مشاركته مع الإخصائى».
وأشار إلى أن إقناع الأطفال المشردين يكون أكثر صعوبة من غيرهم، لذا تلجأ فرق الشوارع لمتابعتهم واللعب معهم أحيانا من أجل كسر حاجز الخوف ما يدفعهم لتقبل المساعدة.
وبالانتقال إلى محافظة الجيزة، وتحديدًا جمعية «معانا لإنقاذ إنسان»، فى حى الهرم، التى توفر مأوى دائما للمشردين فى الشوارع، وتتواصل بشكل مستمر مع القائمين على مبادرة «حياة كريمة»، التقينا محمود وحيد، رئيس مجلس إدارة الدار، الذى قال إن المشاركة فى الحملة بدأت منذ وصول خطاب رسمى من الوزارة يتضمن إعلانا عن مبادرة إيواء المشردين على مستوى القاهرة الكبرى.
وأضاف: «خلال يومين فقط من وصول الخطاب استقبلنا فى المؤسسة ٢٢ مشردًا، ووزعناهم على الدور الأربع التابعة للمؤسسة، لينضموا بذلك إلى ٧٠ مواطنا آخر بلا مأوى، سبق أن انضموا لأسرة الدار قبل انطلاق المبادرة».
وشرح أن الدار تستقبل المشردين بعدد من الإجراءات أولها التأكد من الحالة الصحية والنظافة الشخصية نظرا لكون المشردين يعانون عادة من الملابس الرثة وطول الشعر واللحية، كما يعانى بعضهم من الأمراض المعدية نتيجة إقامتهم بالشوارع.
وتابع: «فور وصول المشردين نجرى لهم التحاليل الطبية للتأكد من خلوهم من الأمراض، ونحول من يعانى من أى مرض إلى أحد المستشفيات من أجل تلقى العلاج ثم العودة للإقامة فى الدار، كما نوفر لهم إخصائيين نفسيين واجتماعيين من أجل متابعة السلوك وحل المشكلات إن وجدت».
واستكمل: «المؤسسة تبدأ بعد ذلك تصوير الوافدين الجدد وعرض صورهم على صفحات المفقودين ومواقع التواصل الاجتماعى، فى محاولة منها لإعادتهم إلى ذويهم، ونجحنا خلال ٥ سنوات فى إعادة ١٥٠ مشردا إلى أسرهم، أما الحالات التى لم نجد لها أقارب فظلت فى الدار، مع العمل على إعادة تأهيلها حتى يتوافر لها هدف فى الحياة، وساعدنا بعضهم فى الحصول على فرص عمل داخل المؤسسة وخارجها».
وكشف أن المؤسسة تعمل حاليا، بالتعاون مع الوزارة، على تحديد أماكن إقامة المشردين، كما تسهم فى حملات التمشيط اليومية لشوارع القاهرة الكبرى، عبر فريق عمل مكون من ٢٠ شخصا، من أجل إنقاذ المشردين أو نقلهم لدور الرعاية، وإمداد من يحتاج منهم بالبطاطين والملابس والأطعمة.
وأشار إلى أن الدار تتلقى عبر صفحتها على موقع «فيسبوك» البلاغات المباشرة عن المشردين، التى يقوم بها نحو ٢٥٠ ألف متطوع، من الناشطين فى عدة مناطق، ثم تبدأ فورا بالتوجه إلى هذه المناطق، وتبحث طبيعة الحالة وإمكانية نقلها إلى المؤسسة، أو توفر لها ما تحتاجه إن رفضت ذلك.


مؤسسات الرعاية بالمحافظات ورش لتعليم حرف مهنية.. ومسئولوها: ليست سجنًا والوصول لذوى من يجهلون بياناتهم عبر «فيسبوك»



خارج نطاق القاهرة الكبرى، زارت «الدستور» الوحدة الشاملة لرعاية الأطفال فى السويس، حيث قال مديرها محمود عبدالسلام، إن هناك قسما خاصا يعمل على استقبال الطفل المشرد، فور وصوله، مع وضعه تحت الملاحظة لعدة أيام، قبل توزيعه على ورش العمل وعنابر النوم تبعا لسنه وطبيعته.
وأضاف: «الدار لديها متخصصون فى استقبال الأطفال الذين التقتهم الوحدات المتنقلة ونجحت فى كسب ثقتهم وإقناعهم بالانضمام إلينا، لذا نبدأ فورا فى إخضاع الوافد الجديد لعدد من البرامج الهادفة إلى دمجه فى المؤسسة».
وأشار إلى أن الوحدات المتنقلة تغرى الطفل المشرد عادة بما سيجده فى مراكز الرعاية من ألعاب وأنشطة وطعام وراحة، لذا فإن أولى خطوات الدمج تقوم على تأكيد الوعود، وجعل الطفل ينخرط فى سلسلة من الأنشطة التعليمية والرياضية والثقافية والترفيهية، التى تجعله يتقبل الحياة فى المكان.
وتابع: «فى اللقاءات الأولى بين الطفل والإخصائى النفسى يجرى إطلاعه على نظام المؤسسة، ويحاول كسب ثقته، وإقناعه بأهمية النظام الذى يتأخر تقبله عادة نظرا لتأثير السلوكيات المرتبطة بالإقامة فى الشوارع». واستطرد: «بعد هذه الخطوة، نبدأ فى تدريب بعض الأطفال على العمل الحرفى فى بعض الورش، ونخطر الوزارة بكل ما يستجد، خاصة فى الحالات المرضية التى تكون بحاجة لعمليات جراحية أو رعاية خاصة، أما الأمور الصحية البسيطة فنتعامل معها داخليا».
وكشف أن الدار لا تتعامل مع الأطفال باعتبارهم «مسجونين» داخلها، بل تترك لهم حرية الرحيل عن المكان فى الوقت الذى يريدونه، لذا فإن بعض الحالات ترحل بالفعل، ويكون الخوف من إعادتهم لذويهم أكثر الأسباب التى يرحلون بسببها.
وأوضح: «نجحنا فى دمج ٤ أطفال من أصل ١٢، وتمت إعادتهم إلى أسرهم، لكن تسرب من بين أيدينا عدة حالات أخرى، ولم نستطع منعهم».
وفى الشرقية، زرنا دار «بسمة للإيواء» بمدينة الزقازيق، إحدى الدور المشاركة فى مبادرة «حياة كريمة»، حيث التقينا الإخصائية الاجتماعية أسماء عبده، التى شرحت لنا كيفية استقبال الوافدين الجدد للدار، موضحة: «أول إجراءات الاستقبال يتمثل فى إجراء فحوصات طبية شاملة للوافد الجديد، وتوجيهه نحو الاستحمام والنظافة الشخصية وتغيير الملابس الرثة، ثم إمداده بالملابس الجديدة والعلاج إن كان بحاجة إليه».
وأضافت: «المرحلة الأولى تحتاج لاكتساب الثقة، ولدينا إخصائيون اجتماعيون ونفسيون مهمتهم الأولى هى الاستماع لحكاية الوافد الجديد، بداية من الصغر وحتى وصوله للشارع، ثم يعملون على إعادته لحياته الطبيعية بالتدريج».
وتابعت: «تقابلنا أحيانا حالات مجهولة الهوية، وبعضهم يعانى مشكلات نفسية أو عصبية أو لا يتذكرون بياناتهم الشخصية، فنسهل لهم إجراءات الإقامة وننشر صورهم على صفحة المؤسسة على فيسبوك، فى محاولة للتعرف عليهم».