الحياة بين آدم وحواء في "أنوثة محرمة" لـ هبه عبد العزيز
في أحدث كتبها "أنوثة محرمة"، تستكمل الكاتبة الصحفية الدكتورة هبة عبد العزيز، الدور الذي تقوم به منذ عدة سنوات لتوعية الرأي العام بالأسس التي تقوم عليها العلاقة الصحيحة بين الرجل والمرأة، وهو ما تناولته في كتبها الخمس السابقة: التحرش الجنسي ضد المرأة، افيهات المشاهير، سياسة بالمكسرات، التربية الجنسية الفريضة الغائبة ، دستور العشق.
وفي "أنوثة محرمة" الصادر عن دار السعيد للنشر والتوزيع، تقدم الدكتورة عبد العزيز مجموعة من الصرخات الأنثوية المدوية من خلال نصوص منفصلة تمثل خمسين موقفا تلقي الضوء على عدة نقاط تماس حياتية بين أدم وحواء .
وتقول أن المشكلة الأزلية التي دفعتني إلى كتابة هذه السطور هي حالة القهر العام التي تصيب حواء الشرق غراء تسلط المجتمعات الذكورية، وفي أحسن الأحوال سوف نفترض حسن النية وأن ما يحدث من أعاصير عاطفية وزلازل أسرية وشروخ حسية وصراعات أبدية ربما نتاجا لحالة من سوء الفهم بين آدم وحواء ، وربما نتيجة لتراكم من الموروثات الثقافية منتهية الصلاحية التى ترعرع عليها شرقنا العامر .
وأوضحت أن هذه الكلمات ليست سرد وتاريخ لقهر المرأة وظلمها وحقوقها المبتسرة في المجتمعات الذكورية .. إنها تعليل وتفسير لحياة قائمة .. أرفع فيها الغطاء عن جهازي الأنثوي لأفحص تركيب "المحرك" الذي تطلقون عليه الطبيعة الأنثوية أو الطباع النسائية المتحكمة والموجهة لمصيرنا .. مما تتكون ؟ .. وما هي أهم الأجزاء المتعلقة بالشكل والتكوين الداخلي؟ .. وما هي السبل الأمثل للتعامل الآدمي معها حتى تسير بأعلى معدلات الكفاءة والقوة .
وتضيف: خلقت أنثي وليس لي يد في ذلك ولا أحد يملك اختيار نوعه سوى الله عز وجل .. ولكن رأيت أن أخرج عن المألوف لأتحدث خارج صندوق القوالب المتجمدة من العادات والتقاليد المهترئة لأقدم نوعا من التشريح الضوئي للسيد المبجل "آدم" عن احتياجاتي مفسرة له بكل جرأة سبب آنيني وصرخاتي المتجددة إزاء سلوكياته وأفعاله على كل المستويات سواء أكان أب .. أخ.. زوج .. ابن .. زميل .. حبيب ..إلخ
لنتعرف سويا على طبيعة المحرك الأنثوي الذي يحبسنا دائما داخل أعطاله المتكررة والناجمة عن الجهل الذكوري و" الغشومية الآدمية" .
واللافت للنظر - حسب الدكتور هبة عبد العزيز - أن النساء تعددت والرجل واحد، هذا الذي يعلنها صريحة "أنثى واحدة لا تكفي" فهو يريد حنية الأم وتدليل الحبيبة واحتواء الأخت واهتمام الابنة ومحادثة الصديقة ومؤثرات مارلين مونرو التي تعزف على غرائزه وتشبع شهواته الهادرة .
ولم يقف يوما أمام نفسه ليبحث عن هذا النزح الغامر من الاحتياجات الذي لا ينضب حتى آخر عمره ... أو على أقل تقدير ماذا هو بفاعل لتسديد تلك الاحتياجات.
وتتساءل الدكتورة هبة: حضرة عزيزي آدم أعرف أنك تريدها أنثى تفوح منها عطور الرغبة والإثارة فضلا عن المهارة والشطارة في إدارة شئونك ومفيش مانع من شوية عضلات للجلد والصبر والتحمل لأعباء الحياة ..وهذا حقك ولن أنكره عليك .. ولكن هل تتعامل معها كأنثى فعلا ؟ هل تتفهمها ..تحتويها ..تحتضنها .. تقويها .. تجدد طاقاتها .. تمتص أحزانها .. تشاركها همومها .. ؟
أنت تسخر دائما من المرأة التي تطالب بالحرية والمساواة ، وتحاربها بل وتعاقبها أحيانا بطرق غير معلنة حين تنزل إلى العمل ، أحيانا بكسر ظهرها من شدة الحمولة التي تلقيها على عاتقها من مسئوليات والتزامات ومحاذير ، وأحيانا أخرى من خلال التحرش بها في الشارع أو وسائل المواصلات أو أماكن العمل ، والبعض يمارس فنون العنصرية عليها من خلال تحديد الوظائف التي تشغلها والتوقف عند ترقيات معينة وعدم السماح لها بالتحقق الوظيفي لأسباب لا يعلمها الا أنت ، ولا تتعلق بالموهبة أو الإبداع أو المهنية !!
وعلى الجانب الآخر تصرخ في وجهها من شدة الأعباء المادية التي تعادي منها حضرتك وتطالبها بضرورة مساعدتها لك ماديا ومعنويا وأن عليها أن تتحمل معك وتقاسمك هذه الأعباء وفي أحيانا كثيرا تدفعها للعمل وتطالبها بأن تتحمل معك الإنفاقات فضلا عن تخليك عن تلبية احتياجاتها ، وبعد كل هذا فأنت رب البيت وسيد الموقف والآمر الناهي بحكم الشرع الذي تقتص منه فكرة "القوامة" ولا تكمل الآية الكريمة "بما أنفقوا" .
وتحاول الدكتور هبة عبد العزيز من خلال كتابها الجديد أن تفض هذا الاشتباك القائم بين قبيلتينا ذكورا وإناث لعلنا نصل الى المصالحة والاتساق النفسي المنشود ، رغم علمي - كما تقول - بأنني أنشد الصعب إلا أنه ليس مستحيلا ، وقد يتهمني البعض بالخيالية المفرطة ولكنها محاولة مني لمنح الأمل المنبثق من أعماقنا قبلة الحياة وإلا فكيف لنا أن نحيا بلاه .