رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل طوى بومبيو صفحة أوباما؟!



من القاهرة، أكد مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكى، الخميس، أن بلاده تعمل مع مصر من أجل تسوية قضايا المنطقة، وانتقد الإدارة الأمريكية السابقة، واتهمها بـ«نشر الفوضى فى منطقة الشرق الأوسط»، بزعم أنها فشلت فى التصدى، بشكل مناسب، لمن وصفهم بـ«المتشددين الإسلاميين».
إلا قليلًا، يمكنك أن ترى ذلك اعترافًا بعمق الأزمة التى تسببت فيها الإدارة الأمريكية السابقة، أو ترجمة للتغييرات التى اضطرت إليها الإدارة الجديدة، إنقاذًا لما يمكن إنقاذه، أو تمديدًا فى عمر «السيطرة الأمريكية» الذى كاد ينتهى بفشل رهانات الديمقراطيين، أو إدارة أوباما. وبهذا التصور، يمكنك التعامل مع خطاب بومبيو فى الجامعة الأمريكية، بالقاهرة، الذى استعرض فيه استراتيجية بلاده تجاه المنطقة، وقال إن من وصفه بـ«أمريكى آخر» ألقى كلمة فى القاهرة، و«أخبركم أن الولايات المتحدة والعالم الإسلامى يحتاجان إلى بداية جديدة. وكانت نتائج هذه الأحكام الخاطئة قاتمة»، فى إشارة إلى خطاب باراك أوباما، سنة ٢٠٠٩ بجامعة القاهرة.
بوضوح أكثر، قال وزير الخارجية الأمريكى إن «الرئيس الديمقراطى السابق أساء فهم الشرق الأوسط وتخلى عنه فعليًا»، زاعمًا أن الإدارة الحالية حريصة على أن تكون «قوة خير»، وتعمل على «إقامة تحالف استراتيجى لمواجهة الأخطار»، فى محاولة لإعادة تدوير فكرة «ميسا».. أو «الناتو العربى»، الذى تريد الولايات المتحدة أن تقود من خلاله ثمانى دول عربية هى: مصر والسعودية والإمارات والأردن والكويت وسلطنة عمان والبحرين وقطر، بزعم أن هذا الكيان يمكنه مواجهة التطورات الإقليمية!.
لو كانت ذاكرتك قوية نسبيًا، ستتذكر أن اسم هذا الكيان، «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجى»، ليس جديدًا وسبق إطلاقه أو استخدامه منذ سنة ونصف السنة تقريبًا، تحديدًا فى مايو ٢٠١٧، وسيكون لك عذرك إن لم تتذكر، بسبب الفترة الزمنية الطويلة نسبيًا، التى مرت على عدم ذكر هذا الكيان، الذى ظهر للمرة الأولى، فى البيان الختامى لـ«القمة العربية الإسلامية الأمريكية»، أو البيان الذى تمت تسميته بـ«إعلان الرياض»، الذى جاء فيه أن المجتمعين أعلنوا اعتزامهم تأسيس «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجى»، من أجل «تحقيق السلم والأمن فى المنطقة والعالم».
خلال اللقاء الذى جمعه بوزير خارجيتنا، للتحضير لعقد جولة جديدة من آلية الحوار الاستراتيجى، والمشاورات بصيغة «٢+٢» بين وزيرى دفاع وخارجية البلدين، خلال العام الجارى. وفى المؤتمر الصحفى الذى عقده الوزيران، قال سامح شكرى إن العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة على مستوى القمة أو الاجتماعات الوزارية أو تفعيل آلية الحوار الاستراتيجى أو اجتماعات «٢+٢»، كلها تصب فى إطار تدعيم أواصر العلاقة واستكشاف مجالات جديدة للتعاون بين البلدين. ولم يضف بومبيو جديدًا بقوله إن «العمل على الإعداد لعقد هذه اللقاءات، مهم خصوصًا أنها تغطى عدة مجالات، ونحن مصممون على العمل معًا للتنسيق ليس فقط فى علاقتنا الثنائية، ولكن أيضًا فيما يتعلق بقضايا المنطقة».
اللافت، هو أن بومبيو لا يرى تناقضًا بين ما أعلنه الرئيس الأمريكى عن سحب قواته من سوريا، وبين تصريحات لاحقة أكد فيها أنه لم يحدد جدولًا زمنيًا للانسحاب، مع تصريحات لمسئولين أمريكيين آخرين، بينهم جون بولتون، مستشار الأمن القومى، الذى ربط الانسحاب بتحقق شرطين أو ثلاثة. وقال بومبيو: «لا يوجد تناقض، والإعلام فقط هو الذى يرى ذلك وهو الذى اختلقه»، مشيرًا إلى أن «ترامب» أعلن بوضوح أن الحرب على (داعش) مستمرة، وأن الولايات المتحدة ستفعل ذلك وستستمر فى سحب قواتها من سوريا، مع استمرار الضربات الجوية، التى تستهدف تنظيم «داعش»، «كلما ظهرت أهداف»، مؤكدًا أن بلاده نجحت فى تدمير ٩٩٪ من قدرات التنظيم، لكنها ستواصل حملتها لدحره.
ما استوقفنا هنا، هو أن وزير خارجيتنا، لم يتوقف عند قدرات «داعش»، بل عند الشبكة الكاملة والإجمالية للإرهاب، التى تحمل أسماء مختلفة مثل: بوكو حرام، وجبهة النصرة، وأحرار الشام، وجماعة الإخوان، موضحًا أننا «مصممون على مواجهة كل المنظمات ذات الأيديولوجية الإرهابية المتطرفة والقضاء عليها جميعًا». كما استوقفنا أيضًا إعادة سامح شكرى التأكيد على المبادئ الرئيسية المحددة للموقف المصرى إزاء أزمات المنطقة، التى تتأسس على أهمية حماية الدولة الوطنية والحفاظ على مؤسساتها.
وتبقى الإشارة إلى أن «بومبيو»، سيعود إلى بلاده دون أن يحصل على أى وعود بحدوث انفراجة فى أزمة قطر، أو حتى تخفيف إجراءات التأديب التى اتخذتها الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب. بينما لو كان يريد طى صفحة «أوباما» فعلًا، لغسل يديه، أو يدى إدارته، من «الفتى تميم» ومن عائلته: العائلة الضالة التى تحكم قطر بالوكالة.ç