رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نحلم بـ«المواطنة» مع بداية عام جديد


مع بداية عام جديد، تستمر المعاناة والأزمات الاقتصادية والمآسى والكوارث الطبيعية التى تجتاح العالم، من زلازل وعواصف ورياح عاتية وفيضانات، واندلاع حروب تجارية، وقدوم مجاعة مائية تستدعى حروبًا بين الدول والقوى الكبرى «المتوحشة والمعسكرة».
مع بداية عام جديد، تتزاحم الأحلام والأمنيات أمام عينى وفى عقلى ونحن نحتفل بميلاد رسول المحبة والسلام السيد المسيح، عليه السلام، وترتفع أصواتنا محلقة فى كل ركن من أركان دور العبادة من كنائس ومساجد ومعابد، ونمد الأيادى داعين الله عز وجل بالخير والبركة والسلام لكل شعوب الأرض.
مع بداية عام جديد، نحلم نحن المصريين بتفعيل مواد الدستور الذى أجمع عليه الشعب المصرى فى ٢٠١٤، التى لم يتم تشريع القوانين الخاصة بتلك المواد بعد مرور خمس سنوات، ولم يتم تفعيل وتنفيذ ما تناوله الدستور من مبادئ حتى الآن، ومنها المادة ٥٣ التى تنص على أن المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم لأى سبب «الجنس أو اللون أو الدين أو الفكر أو العقيدة أو الوضع الاجتماعى»، كما نصت على أن التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون، وألزمت الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على جميع أشكال التمييز، وإنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض. وينبغى القول يا سادة أننا لو جادين فى إنشاء وبناء الدولة الحديثة التى تُبنى على أساس أن الدين لله والوطن للجميع، يتمتع كل المقيمين على أرضه بنفس الحقوق والعيش فى أمن وأمان، فلابد من إنشاء مفوضية عدم التمييز.
ونحن مع بداية عام جديد نأمل بتفعيل وتنفيذ المادة «٧٤» من دستورنا، التى تحظر قيام أحزاب سياسية على أساس دينى، أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل، أو على أساس طائفى أو جغرافى، أو ممارسة نشاط معاد لمبادئ الديمقراطية أو سرى أو ذى طابع عسكرى أو شبه عسكرى. وأود أن أقول يا سادة يا كرام إذا كنا جادين فعلًا فى نشر ثقافة المواطنة والقضاء على التمييز، فلا بد من حل الأحزاب الدينية المنتشرة فى بلدنا مصر، والتى تبث دعاياتها المتعصبة والمتطرفة فى رياح البغض والكراهية والتفرقة بين أبناء الشعب الواحد على أساس دينى وطائفى ومذهبى، ويقوم أعضاء ودعاة هذه الأحزاب بتكفير الآخر، وينخر سوس التعصب فى جسد الوطن ليدمره بارتكاب الجرائم الإرهابية والعنف والقتل، ويتسبب فى القضاء على حضارة مصر التى تتميز بتنوع وثراء مكوناتها وتراثها وثقافاتها عبر آلاف السنين.
مع بداية عام ٢٠١٩، نأمل بمواجهة شاملة للإرهاب، لا تقوم على المواجهة الأمنية فقط، والتى يقدم فيها أبناء الشعب المصرى من جنود الشرطة والجيش أرواحهم لحماية وأمن الوطن والمواطن، ولكن تقوم على مواجهة أمنية وفكرية وتنمية إنتاجية تكفل الحياة الكريمة لكل الشعب المصرى وتحقق العدالة الاجتماعية.
مع بداية عام ٢٠١٩، لا بد من وضع استراتيجية ثقافية تنويرية جديدة تقوم على إفساح المجال لكل أشكال الفنون والإبداع، مع زيادة مساحة البرامج الثقافية فى الإعلام المرئى والمسموع، خاصة التليفزيون المصرى. هل تتخيلون يا سادة أنه ووفقًا للإحصاءات فإن البرامج الثقافية فى مصر والبلدان العربية لا تزيد نسبتها على ٢٪ من ساعات البث فى القنوات الفضائية، وذلك عام ٢٠١٦، وإننى أؤكد أن الحال الآن أسوأ بعد زيادة مساحة برامج الترفيه والمنوعات على حساب البرامج التوعوية التنويرية.
مع بداية عام ٢٠١٩، وإذا كنا جادين فى نشر الثقافة وإتاحتها لكل المواطنين ورعاية أصحاب المهارات والمواهب والاهتمام بتنمية قدراتهم الإبداعية والرياضية، فلا بد من زيادة ميزانية وزارة الثقافة للصرف على بناء رأس المال المعرفى البشرى، بجانب الاهتمام بالتعليم الذى يقوم على إعمال العقل والبحث والمعرفة وتنمية المهارات لأعلى التلقين الذى يربى العقل على السمع والطاعة، فيسهِّل إقناع البعض بالأفكار المتشددة.
مع بداية عام جديد، لا بد من فضح الدول الرأسمالية الكبرى المتوحشة المعسكرة التى ساعدت فى إنشاء وتمويل وتدريب الجماعات الدينية المتطرفة الإرهابية لتحقيق مصالحها فى استنزاف ثروات وبترول شعوب العالم الفقير، الذى تعددت مسمياته «دول العالم الثالث أو النامى أو دول الجنوب أو دول الأطراف». لقد تم صنع هذه التنظيمات المتطرفة ورعايتها على يد الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية، على رأسها ألمانيا وبريطانيا، وتم استغلال هذه التنظيمات وتوظيف الدين من أجل تحقيق مصالحها فى الهيمنة والسيطرة على العالم. وآن الأوان لفضح الأنظمة الحاكمة التابعة لها فى وطننا العربى، وفى عدد من بلدان العالم التى تقوم بتنفيذ مخططات الدول الكبرى لضمان استمرارها فى الحكم وللحفاظ على عروشها لأطول فترة ممكنة.
مع بداية عام جديد، نحلم ونأمل بتحقيق الخير والسلام والتسامح والعدل والحق على يد الشعوب التى تناضل سلميًا ضد الظلم والقهر والاستبداد.