رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لماذا سيفوز صلاح بجائزة الأفضل فى إفريقيا للعام الثانى على التوالى؟

جريدة الدستور

يعلن الاتحاد الإفريقى لكرة القدم، غدًا الثلاثاء، جائزة أفضل لاعب إفريقى لعام ٢٠١٨، التى يتنافس عليها نجمنا المصرى محمد صلاح، قائد ليفربول الإنجليزى، وزميله بالفريق السنغالى ساديو مانى، والجابونى أوباميانج، هداف أرسنال. ماذا قدم الثلاثى خلال ٢٠١٨؟.. ومن الأقرب للفوز بالجائزة ولماذا؟.. وكيف يحافظ «صلاح» على الاستمرارية فى ٢٠١٩؟.. هذه وغيرها من التساؤلات تُجيب عنها «الدستور» فى التقرير التالى.


سجَّل وصنع 50 هدفًا.. و«ملك البريميرليج» ونتائجه مع ليفربول تمنحانه الأفضلية
عندما توج محمد صلاح بجائزة «أفضل لاعب بالدورى الإنجليزى لموسم ٢٠١٧-٢٠١٨» بات يقينًا أنه قطع نصف المشوار نحو لقب «الأفضل فى إفريقيا ٢٠١٨»، ولم يكن فى حاجة سوى للتفوق الرقمى بالنصف الثانى من الموسم على منافسيه، وهو ما تم لاحقًا، ليصبح بذلك قريبًا للغاية من الحفاظ على عرشه للعام الثانى على التوالى.
رقميًا لم يحصد أى من الفرسان الثلاثة المرشحين لنيل الجائزة أى لقب فى ٢٠١٨، مع الأندية أو منتخبات بلادهم، فى حين جاءت الأرقام الفردية منصفة لـ«صلاح»، الذى سجل ٣٦ هدفًا وصنع ١٤ أخرى خلال ٤٩ مباراة، خاضها على مدار الموسم، وهى أعلى نسبة تسجيل وصناعة لأى لاعب إفريقى فى الدوريات الأوروبية.
أما «مانى» فقد سجل ٢٢ هدفًا وصنع ٦ أهداف فقط خلال ٥٠ مباراة خاضها، وسجل أوباميانج ٢٥ هدفًا وصنع ٧ أهداف خلال ٤٠ مباراة، فى الوقت الذى فشل فيه «صلاح» و«مانى» فى العبور إلى الدور الثانى بالمونديال الأخير مع منتخبى بلديهما، وإن كان للسنغال شكل أفضل نسبيًا مما كان عليه «الفراعنة»، أما الجابون فلم تشارك من الأساس.
إذن تفوق «صلاح» على الجميع رقميًا، وزاد من تفوقه- كما أشرت- حصوله على جائزة أفضل لاعب بالدورى الإنجليزى، التى تعطيه أفضلية وميزة أخرى عن الثنائى الذى ينافسه، كما نجح خلال الستة أشهر الأخيرة من هذا العام فى أن يجعل فريقه متصدرًا الدورى الإنجليزى، وبفارق ٧ نقاط عن أقرب منافسيه مانشستر سيتى، لأول مرة منذ فترات طويلة، قبل أن يعود «السيتى» ويضيق الفارق، الخميس الماضى، فى مطلع ٢٠١٩ إلى ٤ نقاط.
وبفضل أهداف «صلاح» الـ١٣ تمكن «الريدز» من البقاء فى الصدارة حتى اليوم، وحصل على نقاط عدد كبير من المباريات، رغم تواضع مستوى فريقه، وإن كُتب لفريقه التتويج باللقب، فالفضل الأول سيكون لنجم منتخبنا المصرى.
كما يعود الفضل لـ«صلاح» أيضًا فى وصول فريقه إلى نهائى دورى أبطال أوروبا الموسم الماضى، رغم الخسارة أمام ريال مدريد، والتى كان سببها الأبرز هو خروج «صلاح» مصابًا، لذلك وفى وجود هذه المعطيات والأرقام يبقى «صلاح» بعيدًا فى صدارة العرش الإفريقى عن أقرب منافسيه.

تدعيمات «الريدز» وسياسة كلوب وراء استمرار تفوق الفرعون
لنترك الأرقام ونجيب عن السؤال الأهم «كيف تمكن صلاح من الاستمرارية؟».
فى البداية، يجب أن نؤكد أن «صلاح» واجه أزمات كبيرة هذا الموسم، تمثلت فى تعرضه لكم ضغوط غير طبيعى، فما كان مطلوبا منه فاق أى سقف، وتخطى كل الحواجز بعدما أصبح هداف «البريميرليج» ونجم البطولة الأبرز.
واجه «صلاح» فى انطلاقة هذا الموسم بالتحديد خططا دفاعية جديدة أمام الخصوم، الذين بدوا أكثر حرصًا وتشديدًا فى مواجهة الفرعون المصرى، وعانى من تسليط الأضواء عليه، وتحميله مسئولية أى نتيجة يتعرض لها الفريق. كما اصطدم «مو» بمشاكل فنية بسبب تراجع أداء فرمينيو فى النصف الثانى من ٢٠١٨، وارتفاع معدلات الغيرة تجاهه من زميله السنغالى ساديو مانى، الذى اشتبك معه لتصويب ركلات الترجيح، وظهر أنانيًا فى أكثر من مشهد، وبادله «صلاح» أيضًا نفس الأمر فى مرات، وإن كانت قليلة. كل هذه الأزمات كانت كفيلة بتعطيل «صلاح» وتحويله إلى «لاعب الموسم الواحد»، لكن وعيه الكبير بطبيعة الظروف التى أحاطت به قبل انطلاق الموسم، وتعامله معها بثقة كبيرة، والتعامل مع الضغوط بشكل احترافى ومثالى- جعله يتغلب على كل هذه المعوقات.
لعب «صلاح» كل مباراة على حدة، لم يضع فى مخيلته أنه لا بد أن يكون الهداف، ولم ينظر إلى العراقيل التى قد تحرمه من تكرار إنجازه، وراح يجتهد فى كل ٩٠ دقيقة، وكأنها أولى مبارياته، التى يجب أن يقدم فيها كل ما لديه.
وساعد «صلاح» فى التغلب على هذه المعضلات، إيمان مدربه يورجن كلوب بأنه الركيزة الأساسية، التى لا يمكن أن يعوقها مهما كان الأمر، وفى السياق ذاته نجح المدرب فى تطويع جهود ساديو مانى لخدمته، رغم حالة الغيرة التى انتابت السنغالى مطلع الموسم.
الألمانى حول رغبات «مانى» من السعى لمنافسة «صلاح» إلى التخديم عليه، فجعله يدافع من الخلف ويشارك فى عملية التطوير، بينما أقصر جهود «صلاح» على الثلث الأخير من الملعب بالقرب من مرمى الخصوم، ولولا حنكة وذكاء «كلوب» ما كان لـ«صلاح» هذا التفوق.
فى وضعية أخرى، ربما كان المدرب يوازن فى الجوانب الدفاعية بين «صلاح» و«مانى»، وربما طالب كليهما بتنفيذ نفس الأدوار بمركز الجناح، لكن «كلوب» آمن بأن «صلاح» لا يجب أن يبذل الكثير فى الجزء الخلفى من الملعب، وأنه الهداف الأبرز الذى يجب أن يخدم الجميع عليه، فكتب له الاستمرارية والتألق. إلى جانب تلك العوامل، ساعدت التدعيمات التى أبرمتها إدارة «الريدز»، مثل التعاقد مع «شاكيرى»، فى دعم «صلاح»، وفى الوقت الذى تراجع فيه «فيرمينو» تألق «شاكيرى»، الذى أظهر تناغمًا كبيرًا مع «صلاح» وساعده كثيرًا فى التسجيل أكثر من مرة.
كما لم يعان ليفربول على مستوى وسط الملعب مثل الموسم الماضى، بفضل وجود بدائل قوية مثل فابينيو ونابى كيتا ومعهما «شاكيرى»، الذى تحول للاعب وسط أيضَا فى أوقات كثيرة، فأصبح غياب أى لاعب بوسط «الريدز» لا يترك أثرًا سلبيًا كبيرًا مثل الموسم الماضى، وكل هذه العوامل أيضَا أسهمت فى بقاء صلاح بالقمة.

٤ شروط مطلوبة للوصول إلى «THE BEST»
بعدما شرحنا فرص «صلاح»، والكيفية التى منحته التفوق على منافسيه، نتطرق فى الجزء الأخير من التقرير لما ينتظره بعد التتويج بهذه الجائزة.
بعد فوز «صلاح» بأفضل لاعب إفريقى للعام الثانى على التوالى، تزداد فرصه للفوز بجائزة «أفضل لاعب بالعالم»، والتفوق على الأرجنتينى ليونيل ميسى والبرتغالى كريستيانو رونالدو بشكل كبير، لكن تحقيق هذا الحلم مشروط بإنجازات وعوامل ليست ببعيدة عن «صلاح» فرديًا، ولا عن ليفربول كمنظومة جماعية يعمل من خلالها.
أول شىء يحتاجه «صلاح» ليكون رقم واحد فى العالم، هو التتويج بالبطولات الجماعية، وأولاها بطولة «البريميرليج»، فالعالم جميعًا سينظر إلى «صلاح» نظرة مختلفة وأكثر تقديرًا، إذا منح فريقه اللقب الغائب منذ ٣٠ عامًا.
فرص تتويج «صلاح» بلقب الدورى الإنجليزى قريبة جدًا، ليس فقط لأن ليفربول المتصدر والأكثر جاهزية، بل لأن خصمه السيتى يعانى أزمات كثيرة بفعل الإصابات وغياب البدائل، وهذا يمنحه بشكل مؤكد لقب أفضل لاعب بالدورى الإنجليزى للعام الثانى على التوالى، وربما يكون هدافًا أيضًا للبطولة، فهو لا يبتعد عن اللقب سوى بهدف وحيد، ولديه فرصة تاريخية لتكرار إنجازه.
إذا نجح «صلاح» فى تحقيق هذه الإنجازات، الفوز ببطولة الدورى، وأفضل لاعب بالبطولة وهدافها، بشكل قاطع ونهائى سيعتلى منصة الأفضل فى العالم، كواحد ضمن الثلاثة المرشحين.
أما ضمان التتويج بالجائزة، فيحتاج إلى الفوز بدورى الأبطال، لأنه فى أى حال من الأحوال، سيكون الفائز بين رونالدو وميسى بدورى الأبطال إذا حدث، هو المتوج بجائزة الأفضل فى العالم، لأن كليهما قريب للغاية من تحقيق البطولة المحلية، فضلًا عن جوائزها الفردية الخاصة بأفضل لاعب أو هدافها.
فرص «الريدز» للتتويج بدورى الأبطال أيضًا ليست ضئيلة، وذلك مقارنة بباقى المنافسين، الذين يبدون أسوأ حالًا من الليفر، لكن ذلك متوقف على الحالة الفنية والبدنية لتلك الأندية فى الشهر الأخير من الموسم، والذى يُحسم فيه هذا اللقب، فإن كان صلاح محظوظًا يستمر فريقه كامل العدد وبقوته الضاربة حتى المحطة الأخيرة من اللقب.