رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإرهاب وصعيد مصر


كشفت مطرانية المنيا وأبوقرقاص، يوم الأربعاء ١٢ ديسمبر فى محافظة المنيا فى بيان لها، عن مقتل شخصين أمام كنيسة نهضة القداسة الإنجيلية، وقالت المطرانية: «بينما كان كلٌّ من عماد كمال صادق (٤٩ سنة) ومعه ابنه ديفيد عماد (٢١ سنة)، يقومان برفع أنقاض منزل مقابل لكنيسة نهضة القداسة، فى إطار عملهما فى المقاولات بمدينة المنيا، وعلى خلفية خلاف بينهما وبين حارس الكنيسة ويدعى ربيع مصطفى خليفة، قام الأخير بإطلاق النار عليهما مساء يوم ١٢ ديسمبر ٢٠١٨م. فقتل الاثنين».
فى المنيا أيضًا قام متشددون يوم الإثنين ١٠ ديسمبر بالاعتداء على منازل المسيحيين بقرية كوم الراهب التابعة للوحدة المحلية بشوشة مركز سمالوط بالمنيا، بسبب قيام المسيحيين بفتح مبنى كنسى جديد تابع لمطرانية سمالوط، وإقامة أول قداس فيه، وفوجئ المسيحيون فجرًا بوصول قوات الأمن أمام المبنى للمطالبة بغلقه قبل انتهاء القداس، وتم التفاوض وانتظروا انتهاء القداس ليتم غلق المبنى الذى يخدم حوالى ٢٥٠٠ مسيحى، ورغم وضع حراسة على المبنى، إلا أن المسيحيين فوجئوا بتحرك بعض المتشددين وقذفوا منازلهم بالحجارة وهم يرددون هتافات التكبير والاحتجاج على صلاة المسيحيين، رغم التواجد الأمنى بالقرية.
وحدث فى أغسطس الماضى، أن سلطات أمن بنى سويف تمكنت من احتواء موقف سلبى شهدته كنيسة مار جرجس بقرية «الزيتون»، التابعة لمركز ناصر بمحافظة بنى سويف، عندما فوجئ المصلون بأحد الأفراد، يقتحم «صحن» الكنيسة، وسار حتى مواجهة الهيكل، ثم بادر بالصياح بصوت جهورى، موجهًا حديثه للكاهن والشعب مرددًا: «أنتم كفار يا كفرة.. كلكم كفرة»، وتمكن بعض المصلين من السيطرة واصطحابه خارج الكنيسة، وتم تسليمه لباقى أفراد الشرطة المكلفين بتأمين الكنيسة، الذين قاموا بإخطار مأمور المركز، الذى حضر على الفور للكنيسة بصحبة عدد من قيادات الشرطة بالقسم، وقام بإلقاء القبض عليه.
إن هذه الأفعال الإرهابية الخسيسة، تجسد لنا إلى أى مدى تغلغل التعصب لدى بعض المتطرفين فكريًا، والتعصب هو آفة الآفات المدمرة للعقل الإنسانى، فالآفة هى كائن حى يسبب الأذى لكائن حى آخر مهم بالنسبة للإنسان، وقد يكون الكائن الثانى الإنسان نفسه، والتعصب آفة ومرض بغيض يتسبب فى تدمير المجتمعات الإنسانية.
إن مقاومتنا للإرهاب يجب أن تبدأ بمحاربة الفكر المتطرف الرافض للآخر الدينى المغاير، ومن هنا يجب أن نهتم بوجود مناهج تعليمية تدعو لثقافة السلام، كما يجب أن يدعو الخطاب الدينى لنبذ العنف والإرهاب، وأن الله الودود لا يمكن أن يأمر بالقتل وإراقة الدماء ويجب أن يُعاقب كل من ينشر الكراهية باللسان. فالتعصب يبدأ بالكلام وينتهى بإراقة الدماء. فهل تذهب الدولة بمؤسساتها إلى المنيا قبل أن تذهب المنيا بالدولة؟!.